«اليوم إيران وغدا الجزائر»: كيف خسر نظام الجزائر جميع داعميه في العالم؟

Le président algérien Abdelmadjid Tebboune et Ali Khamenei, guide suprême de la révolution en Iran.

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وعلي خامنئي المرشد الأعلى للثورة في إيران

في 17/06/2025 على الساعة 12:15

الهزيمة التي يعيشها نظام الملالي في إيران ليست سوى حلقة جديدة في سلسلة سقوط أنظمة ديكتاتورية وتنظيمات مصنّفة كإرهابية في الشرق الأوسط. القاسم المشترك بينها: علاقاتها الوثيقة بنظام الجزائر، الذي يُشار إليه بشكل متزايد كراعٍ للإرهاب. وبعد أن وجد نفسه معزولا إقليميا، ها هو اليوم يشهد تهاوي آخر ما تبقى له من حلفاء حول العالم كأحجار الدومينو.

هذا الربط بين إيران والجزائر أحدث حالة من الذعر في الأوساط الرسمية الجزائرية. وهو تحليل صاغه الباحث المحترم مئير مصري، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس العبرية وخبير العلاقات الدولية. وفي تعليق له على الإذلال الذي يتعرض له حاليا نظام طهران على يد إسرائيل، لم يتردد المحلل البارز في المساواة بين إيران والجزائر، معتبرا أن القاسم المشترك بينهما هو دعم الإرهاب وتوظيف وكلاء (proxies) لتنفيذ أجنداتهم السياسية.

فبينما توظف إيران تنظيمات مثل حماس وحزب الله والحوثيين، تدعم الجزائر جبهة البوليساريو التي تُتهم بشكل متزايد بأنها تنظيم إرهابي، إلى جانب دعم مجموعات إرهابية ناشطة في منطقة الساحل، كجماعة نصرة الإسلام والمسلمين التابعة لداعش، وتنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQMI). وبالاعتماد على خرائط وتحليلات دقيقة، يؤكد مئير مصري عبر حسابه في منصة «إكس»: «اليوم إيران، وغدا الجزائر. إسرائيل في حرب ضد الإرهاب».

كما يشير إلى أن ما يجمع بين النظامين أيضا هو العداء الجذري للسامية، كإرث إيديولوجي تقليدي وركيزة من ركائز حكمهما القائم على نشر الرعب الداخلي. لكن ذلك، في رأيه، انتهى. فالهجوم الإسرائيلي على إيران كشف هشاشة النظام وأظهره كنمر من ورق.

وتعيش الجزائر واقعا مشابها، ويبدو أن ذعرها مبرر. فمع السقوط الوشيك لنظام الملالي، تقترب الجزائر من فقدان آخر داعميها في العالم، بعد تهاوي معظم حلفائها واحدا تلو الآخر. آخر من سقطوا من قائمة الحلفاء: نظام بشار الأسد، وحزب الله الذي لم يعد سوى ظل لنفسه.

ولم يتبق للنظام الجزائري سوى تونس، التي جعلها الرئيس قيس سعيّد تابعة للثنائي تبون-شنقريحة، إلى درجة وصفها أحد النواب الجزائريين بأنها « ولاية جزائرية ». غير أن تونس، بحكم اعتمادها الكبير على علاقاتها التاريخية مع الغرب، لا تستطيع أن تفعل شيئا لإنقاذ العجوز الجزائري المتهاوي.

فمن المحيط إلى الخليج، الجزائر تفقد دعمها. روسيا أدارت لها ظهرها منذ سنوات، ورفضت انضمامها إلى مجموعة « بريكس »، بل وفعّلت قوة « أفريكا كور » ضد مصالحها في الساحل. أما الصين، فمن منطلق براغماتي، تُفضّل الاستثمار في المغرب بشكل واضح.

وعلى المستوى الإقليمي، تسببت الجزائر في خلق أعداء جدد، ليس فقط المغرب، بل أيضا بوركينا فاسو، مالي، النيجر، وليبيا في عهد حفتر، الذي يمثل كابوسا حقيقيا للنظام العسكري الجزائري. حتى تركيا التي فتحت لها الجزائر اقتصادها وفتحت لها الأبواب الحمراء، تخلّت عنها لتدعم حفتر، بل ووقّعت اتفاقية لإنشاء مصنع لإنتاج الطائرات المتقدمة بدون طيار… في المغرب.

إيران والجزائر: نفس المعركة

الصلات الخطيرة بين إيران، البوليساريو، والنظام الجزائري كانت موضوع كتاب صدر في ماي الماضي للضابط السابق والكاتب والصحفي الجزائري أنور مالك، تحت عنوان: «البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف».

والكتاب هو ثمرة سنوات من البحث، ويكشف خيوط المشروع الإيراني في شمال إفريقيا، ويعرض دلائل قوية على تغلغل الأيديولوجيا الإيرانية حتى في أعلى صفوف الجيش الجزائري.

Le président algérien Abdelmadjid Tebboune et l'ancien président iranien Ebrahim Raïssi.

ويقول مالك: « عجزت إيران عن تشكيل ميليشيا موالية لها داخل الجزائر، لكنها وجدت بديلا جاهزا: البوليساريو، الذي يمتلك السلاح واللوجستيك بفضل دعم الحرس الثوري الإيراني وفيلق القدس".

ويضيف، في حوار مع Le360: « تمكنت من جمع شهادات من كبار مسؤولي البوليساريو يؤكدون ولاءهم الأيديولوجي والعملياتي لإيران وحزب الله، حتى أصبح هذا التنظيم امتدادا لفيلق القدس في شمال إفريقيا، حيث أوكل إليه، بموافقة من الجزائر، مهمة التمركز في منطقة الساحل وإرساء وجود دائم هناك".

ويشير مالك أيضا إلى أن بعض عناصر البوليساريو قاتلوا إلى جانب جماعات إرهابية في الجزائر خلال التسعينات، ثم ربطوا علاقات مع القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي وميليشيات الساحل.

ويضيف: « حصلت على قرص صلب سوري يحتوي أكثر من 15 ألف وثيقة تكشف شبكة تعاون كبيرة بين المخابرات الجزائرية والسورية، تشمل إرسال عناصر ومقاتلين « صحراويين » إلى سوريا لتدريبهم على حرب العصابات، صناعة المتفجرات، والتعامل مع الصواريخ، وبعضهم انضم إلى ميليشيات مثل الزينبيون والفاطميون".

وتتطابق هذه المعطيات مع تسريبات من الإدارة السورية الجديدة، وتؤكدها تحقيقات من صحف كبرى كـ«واشنطن بوست» و«دي فيلت»، إضافة إلى عدد متزايد من مراكز التفكير الأمريكية والأوروبية التي تدق ناقوس الخطر حول الطابع الإرهابي المتنامي للبوليساريو، بدعم مباشر من الجزائر وإيران.

وليس من قبيل الصدفة أن مشروع قانون لتصنيف البوليساريو تنظيما إرهابيا قيد الإعداد في الولايات المتحدة الأمريكية.

بالنسبة لنظام الجزائر، الراعي الرسمي للميليشيا، فإن الصندوق الأسود على وشك أن ينفجر.

وفي هذا السياق، يرى الصحفي والمعارض الجزائري عبدو السمار أن الجزائر باتت تُنظر إليها من قبل جيرانها وقوى إقليمية ودولية عديدة على أنها « إيران شمال إفريقيا »، وهو تشبيه خطير يعرّضها، حسب قوله، لتهديدات حقيقية بالعدوان الخارجي كما يحدث لإيران.

ويضيف سمار: « الخطاب الذي يصف الجزائر بأنها راعية الإرهاب ومموّلة للتنظيمات الإرهابية والعامل الرئيسي في زعزعة الاستقرار هو نفسه الذي استُخدم طيلة سنوات ضد إيران".

ويحذر من أن النظام الجزائري يلعب بالنار منذ زمن طويل، وربما يكون قد اقترب من لحظة الاحتراق.

فالثنائي تبون–شنقريحة أغرق البلاد في دبلوماسية انتحارية. ومن خلال سلسلة من الرهانات الخاسرة، ساهم النظام في إضعاف نفسه.

ويختتم السمار بالقول: « عندما تعادي الجزائر جيرانها الأساسيين مثل المغرب، مالي، النيجر، بوركينا فاسو، والفصائل الليبية القوية، فهي تدخل في عزلة إقليمية خطيرة. والأسوأ من ذلك، أن دعمها لجماعات انفصالية هامشية وبعض التيارات الإسلامية المنهكة يعكس موقعاً سياسياً متخلفاً وخارج السياق. هذا التوجه المتقادم، المغذّى بخطاب إيديولوجي يعود إلى السبعينات وعداء أعمى لليهود، يفقد الجزائر مصداقيتها ويجعلها عرضة لمخاطر حقيقية».

ويخلص إلى أن «النظام الجزائري، بمواجهته للتيارات الإقليمية بدل الانخراط فيها، أصبح يحفر قبره بيديه».

تحرير من طرف طارق قطاب
في 17/06/2025 على الساعة 12:15