بمناسبة الكتاب الذي سيصدر في المغرب، وعلى خلفية مضامينه السياسية ووثائقه الدامغة، كان لـ le360 هذا الحوار الخاصّ مع الكاتب والصحفي أنور مالك:
صفعة دبلوماسية للجزائر
ـ الأستاذ أنور مالك، بداية، كيف ترى وتُقيّم اعتراف بريطانيا بمغربية الصحراء وما مدى تأثير هذا الأمر على النظام الجزائري؟
الموقف البريطاني الأخير، يعتبر صفعة بريطانية لا حدود لها لنظام العسكر في الجزائر وأطروحته من خلال البوليساريو والقاضية بانفصال الصحراء عن المغرب. وهي الدول الثالثة في العضو الدائم لمجلس الأمن والتي تتمتّع بحق الفيتو في مجلس الأمن. وهذا الأمر كان متوقعاً، إذْ كُنت من بين الناس الذين تحدثوا من قبل مراراً وتكراراً على أنّ بريطانيا ستعترف بمغربية الصحراء وستُدعّم في المحافل الدولية. ولم يبقى إلاّ الصين وموسكو وأعتقد أنّ هذه الأطراف ستتجه إلى الموقف نفسه.
لذلك فإنّ الموقف البريطاني شكّل ضربة كبرى للنظام الجزائري، بعدما حاول أنْ يظهر بمظهر عدم التأثّر، لكنْ من خلال ما وصلنا من معلومات، فإنّ الأمر يمثل زلزالاً كبيراً أضيف إلى زلزال آخر متمثل في الاعتراف الفرنسي بمغربية الصحراء، على أساس أن فرنسا عضو دائم في مجلس الأمن وقبل ذلك أمريكا وإسبانيا وغيرها.
أعتقد أنّ الأمر سيدفع بالنظام الجزائري إذا كان ذكياً أنْ يراجع أوراقه. إنّ المغرب حسم القضية داخلياً ولم يعُد هناك شيء اسمه نزاع الصحراء على مستوى الداخل، أما خارجياً، فهو يحقق إنجازات دبلوماسية تباعاً مما يجعل الموقف الجزائري يكاد يكون منعدم وفي يد أطراف معيّنة تُتاجر به وتحقق مكاسبها على حساب الشعب الجزائري.
لذلك فالموقف البريطاني يعد بمثتبة ضربة لنظام العسكر في الجزائر، إذْ يحاول هذا النظام أن يصمد من جراء الضربات الموجعة التي يتلقاها بما جعله في ظروف لا يُحسد عليها. إنّ النظام الجزائري يُدرك أنّ القضية انتهت منذ سنوات، خاصّة وأنّ عبد المجيد تبون نفسه قال بأنّ « قضية الصحراء دُفنت" وهو اعتراف رسمي على أنّ هذه القضية انتهت.
أسرار الإرهاب في البوليساريو
ـ يصدر لك كتاب جديد بعنوان " البوليساريو وإيران: أسرار الإرهاب من طهران إلى تندوف« . ما الذي تقوله لنا عن مضامين هذا الكتاب؟
الكتاب ثمرة جهد بدأ منذ سنوات طويلة، وهذا الجهد أثمر من قبل كتاب اسمه « أسرار الشيعة والإرهاب في الجزائر » ومنذ تلك اللحظة واصلت عملية البحث في امتدادات المشروع الإيراني في الجزائر. غير أنني أثناء رحلة البحث ومحاولات إيران لاختراق الجدار الجزائري عبر الجماعات والمليشيات المسلحة ومحاولة خلق حزب الله المغاربي من قبل كلها حُكم عليها بالفشل، نظراً لأسباب عديدة بسطتها في كتابي.
لكنْ لم يجد نظام الملالي أمامه سوى البحث مليشية جاهزة تتوفر فيها كل الإمكانيات العسكرية والأيديولوجية حيث لم يجد سوى البوليساريو. لذلك فإنّ المخابرات الإيرانية من خلال الحرس الثوري والفيلق القدس ومن خلال شبكاتهم داخل الجزائر وفي أعلى هرم السلطة، يوجد ضباط سامون يحملون عقيدة التشيّع وأنا أعرف ما أقول. فهناك متشيعين جزائريين عندهم أولادهم التحقوا بالجيش وصاروا ضباط كبار وهناك ضباط كبار أيضاً زوجاتهم من بنات متشيعين وأولادهم أيضاً.
إنّ النظام الجزائري أدرك من جهته أنّ البوليساريو لم يعُد لديهم إلاّ إيران وذلك عند طريق المخابرات الجزائرية وهذا ما كشفته في كتابي حيث تتبعت مسار هذه العلمية وكشفت أوراق ووثائق وتحصلت على تصريحات من قياديين في البوليساريو وأيضاً ضباط جزائريين متقاعدين وكثير من المعطيات التي عملت على جمعها في هذا المؤلف للتأكيد بأنّ البوليساريو قد تحوّلت إلى مجرّد ذراع إيراني في المنطقة المغاربية.
ليس لأنها تنظيم أو مليشية أو حركة لها بعض التعامل أو بعض العلاقات عبر المخابرات الجزاشرية وإنما الأمور تجاوزت ذلك بكثير. كما تكلمت عن الدور الذي لعبه الأمير موسوي في توطيد العلاقات ما بين البوليساريو وحزب الله والعلاقات العسركية والسياسية والعقائدية وكشفت عدّة معلومات حول التشيّع. لذلك فإنّ الكتاب وصل إلى نتيجة مفادها أنّ البوليساريو أصبحت ذراع إيراني.
هذا فضلاً عن وقوفي عند تلك التهديدات التي أطلقها أحد القادة في الحرس الثوري والذي بدوره هدد حتى مضيق جبل طارق، بحيث كلما وُجدت المضايق البحرية تحاول إيران أنْ تتواجد وهي تريد نشر التشيّع في المغرب لكنها فشلت فشلاً ذريعاً في ذلك، بينما نجحت في الجزائر في صناعة هذه الطائفة.
علاقات كبيرة بين البوليساريو والمنظمات الإرهابية
ـ انطلاقاً مما توصلت به من مواقف ومعارف واستنتاجات ووثائق. كيف في نظرك تم تواطؤ الانفصاليين مع الجماعات الإرهابية المسلحة في منطقة الساحل والصحراء؟
إنّ علاقة البوليساريو مع التنظيمات الإرهابية قديمة وعرفت عدّة منعطفات. فالعلاقات الأولى بدأت لبعض العناصر من البوليساريو مع الجماعة الإرهابية ومنها الجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر، حيث ثبت لنا دليل بينما كُنت ضابطاً في المؤسسة العسركية أنّ هناك مقاتلين صحراويين قاتلوا في صفوف التنظيمات الإرهابية لوكنّ النظام الجزائري كان يخفي ذلك مع البوليساريو ولا يريد الكشف عن هذه الحقيقة بل حتى عندما يتم القضاء على بعض عناصر من الجماعات الإرهابية بالجزائر ويكونون من تندوف يجري التعامل معهم على أساس أنهم جزائريين.
لكن أؤكد حسب ما اطلعتُ عليه شخصياً بأنّ البوليساريو كان عندنا مقاتلين بالجماعة الإسلامية المعروفة بالـ « Gia » في الجزائر. وبعد انهيار المشروع المسلّح في الجزائر ونشأة تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي، نزل هذا التنظيم إلى منطقة الساحل في الصحراء حيث كان هناك قياديين من الصحراويين الذين ارتقوا في المراتب مع الجماعات المسلّحة أو تنظيم القاعدة.
لكنْ هناك علاقات أخرى، بحيث أنّ البوليساريو تقوم بتهريب الأسلحة والبضائع لتمويل هذه الجماعات بمنطقة الساحل والصحراء وتوطّدت هذه العلاقات بين الجماعات الإرهابية في هذه المنطقة مع البوليساريو. وهناك تقارير استخباراتية لكن البوليساريو دائماً عندما تردّ على استفسارات الجهاز المخابرات الجزائري، تحاول دائماً أنْ تُظهر الأمر على أساس أنه سلوكيات منفردة لا علاقة لها بجبهة البوليساريو.
كما أنّ نظام العسكر في الجزائر بدوره تاجر في الجماعات ولك يعُد لديه طريقة تعامل مع هذه الجماعات تتواجد في منطقة الساحل والصحراء وتهريب لها الأسلحة إلا عبر البوليساريو الموجودة في الصحراء ولديها شبكاتها.
إنّ ما توفّر لديّ من معطيات أنّ هناك علاقات وطيدة ما بين الجماعات الإرهابية في إيران وبين البوليساريو في منطقة الساحل والصحراء. ففي الآونة الأخيرة نجد فيلق القدس الإرهابي طلب من البوليساريو التحرّك في هذه المنطقة علّه يجد موطئ قدم لمخابرات الحرس الثوري أو في أي منطقة نزاع مسلّح تجد إيران تتحرّك بطرق مختلفة، لذلك وجدت ضالتها في البوليساريو التي ستُحقّق من خلالها فوائد كثيرة ومنها تصريف حساباتها مع المغرب بصفتها الدولة التي لعبت دوراً كبيراً كجدار صلب أمام المد الشيعي في المنطقة المغاربية.
تجنيد عناصر البوليساريو بميليشيات إيرانية
ـ ما الأدلة الدامغة والوثائق الاستخباراتية التي تم تسريبها من سورية والتي تُفيد بتجنيد مئات من عناصر البوليساريو بميليشيات إيرانية؟
أنا تحصلت على العديد من الوثائق من المخابرات السورية منذ عام 2012 على محتوى تخزين لجهاز كومبيوتر من مكتب الأمن الخارجي وفيه الكثير من من المادة التي تتجاوز 1000 وثيقة وعندما فتحتها وجدا الكثير من المعلومات فيما يخص العراق واليمن ولبنان وتونس ومصر.
من هذه الوثائق تتعلّق بإرسال ضباط من الجزائر إلى سورية للتكوين هناك مع نظام الأسد ووجدت أيضا آثار التعاون الاستخباراتي بين المخابرات السورية ونظيرتها الجزائرية فيما يخص مواجهة الشعب السوري. تحصلت أيضا على وثائق تتعلق بإرسال مقاتلين من البوليساريو للتدرّب على القتال وحرب العصابات في سورية.
وتحصلت على وثائق أخرى تتعلق بحزب الله الذي استقبل أيضا مقاتلين من البوليساريو للتدرّب بالضاحية الجنوبية وأيضا على وثائق حول استشارات من حزب الله تتحدث أن البوليساريو متعاونة جداً ومستعدّة لإرسال المقاتلين. وأيضاً هناك وثائق تتحدث على أنّ الجزائر أرسلت ضباط للتدريب ثكنات جيش الأسد، ولكنْ في نفس الوقت معها ضباط من البوليساريو ويحملون الجواز الجزائري.
فهذه الوثائق لتي بحوزتي تتحدث على أنّ البوليساريو عن طريق نظام العسكر في الجزائر شاركت في سورية شاركت في القتال ولجان تنظيم مسلحة وكمرتزقة والتدرّب على التفجيرات وحرب العصابات والتحكّم في بعض أنواع الصواريخ وغيرها. لديّ الكثير من الوثائق التي سأعرضها في هذا الكتاب التي تؤكد أن الجزائر والبوليساريو قد تورطا مع نظام الأسد في قتل السوريين.
تتمّة الحوار هنا: