عبد المجيد تبون يُموّه العالم باستقباله للمثقفين والفنانين الجزائريين

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستقبل الفنان الجزائري "ديجي سنيك" وليام قريقا حسين

في 03/06/2025 على الساعة 20:37

استقبل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يوم الاثنين 2 يونيو 2025 الفنان الجزائري العالمي " ديجي سنيك" وليام قريقا حسين المعروف بلقبه الفنّي وقبله بأيام قليلة الروائي الشهير ياسمينة خضرا. هذا الأخير، وجّه له العديد من الجزائريين نقداً لاذعاً، بسبب قبوله لدعوة الاستقبال من نظام ديكتاتوري مرّغ كرامة المثقف الجزائري بوعلام صنصال والحكم عليه أمام عيون العالم بـ 5 سنوات سجناً نافذاً.

تمويه العالم

وحاول تبون في هذه الاستقبالات، أنْ يعطي صورة مغلوطة عن النظام الجزائري على أساس أنه مشجّع للفنّانين وبالتالي يراهن على الثقافة وحرية التعبير داخل الجزائر. في حين أنّ الواقع الحالي والتحوّلات السياسية التي باتت تطبع البلد تُظهر عكس ذلك. فقد تابع العالم كيف عمل عبد المجيد تبون على إهانة الكاتب العالمي بوعلام صنصال والحدّ من حريته، ليس فقط على مستوى الكتابة بوضع حدود وسياجات تمنعه من الكتابة والسفر من وإلى الجزائر، بل اعتقله وأمر بسجنه والحكم عليه أمام القانون الدولي والجمعيات الحقوية بـ 5 سنوات سجناً.

وفي الوقت الذي كانت تتعالى فيه حناجر بعض المثقفين الجزائريين حول ضرورة إطلاق سراح صنصال، على أساس أنّ اعتقاله يشكّل « وصمة عار » بالنسبة لهم أمام المؤسسات الثقافية العربيّة، ظلّ النظام الفاشي متشبّثاً بقراره التعسفي، عاملاً بشكل مُتعمّد على إدانة الكاتب وتمريغ صورته وكرامته أمام العالم.

على هذا الأساس، فإنّ استقباله لهؤلاء المثقفين الجزائريين الذين لا أثر بيّن لهم داخل الساحة الثقافية والفنية العالمية، نابعٌ من سياسة التمويه التي ينهجها تبون في سبيل إقناع الجزائريين والعالم ككل، بأنّ نظامه الفاشل سياسياً واقتصادياً، يُراهن على المثقفين ورأسمالهم الرمزي وما يُمكن أنْ يُحدثه من أثر داخل الاجتماع الجزائري.

ورغم حرص المؤسسات الإعلامية الرسمية الجزائرية على المشاركة في هذه المسرحية السخيفة حول تدبيج أخبار ونشر صور للاستقبال والترويج لها داخل وسائل التواصل الاجتماعي، فإنّ ياسمينة خضرا و « دي جي سنيك » تلقيا من النقد ما جعلهما يظهران بمظهر الضعف داخل المجتمع.

مسرحية سخيفة

من ثمّ، فإنّ مسرحية استقبال هذه الأصوات المعروفة بتوجهاتها الفرنكوفونية يتماشى قصده مع سجن بوعلام صنصال وكأنّ رئيس الجمهورية يُريد أنْ يُظهر للعالم كيف أنّ النظام الجزائري يُشجّع ويُثمّن المجهودات الثقافية والممارسات الفنّية التي يقوم بها مثقفون وفنانون جزائريون يعيشون خارج البلد.

إنّ سياسات الترهيب والتدجين التي أصبح يقوم بها تبون في الآونة الأخيرة، تدفع العديد من الأصوات المعارضة إلى الرضوخ لتعاليمه المفضوحة والمدمّرة للمجتمع سياسة واجتماعاً وثقافة.

لم يقف الأمر عند ياسمينة خضرا و « دي جي سنيك » بل استقبل تبون أحد « الشخصيات الفرنسية النافذة » ويتعلّق الأمر برودولف سعادة، الرئيس العام لمجموعة CMA CGM الفرنسية المتخصصة في النقل البحري والشحن بالحاويات، وذلك من أجل توقيع اتفاقيات اقتصادية جديدة، بالرغم من توالي الصفعات من طرف السياسات الفرنسية الصائبة.

واقع ثقافي مرتبك

ورغم حرص تبون على الإشادة بالثقافة والفنّ من خلال مسرحية الاستقبال، فإنّ الواقع الثقافي الجزائري يؤكّد العكس. ذلك إنّ العديد من المثقفين يشتكون من تراجع القيم الثقافية وحرية التعبير داخل الجزائر، بعد محاولات النظام في القضاء على كلّ صوت أو خطاب معرفي يحاول أنْ ينتقد البلد وسياساته الثقافية.

كما حرصت وزارة الثقافة في الجزائر منذ عام 2016 على تقليص عدد المهرجانات الثقافية من 186 إلى 77 مهرجاناً وإلغاء العديد منها كمُحاولة لتدمير الرأسمال الثقافي، خاصّة ممّن يرى فيهم النظام الجزائري أنّهم يشكلون بمحتواهم الثقافي المعارض للقيم والتعاليم خطراً على الجسد الثقافي الرسمي.

وقد بدا ذلك جلياً في الطريقة التي بها تراجعت الثقافة الجزائرية وهروب الكثير من المثقفين الجزائريين إلى ممارسة أنشطتهم بالعديد من الدول العربيّة التي تحرص على قيمة المثقف وتعطي إمكانات كبيرة من ناحية الاشتغال وحرية التعبير.

ثقافة التزلف

وفي الوقت الذي انتقد العديد من القراء الكاتب والروائي محمد مولسهول المعروف بياسمينة خضرا وتذكيره بـ « زميله في الحرفة » بوعلام صنصال وما وقع له، خرج المدعو ياسمينة خضرا على موقع قناة النهار قائلاً: " بأنّ تبون أكبر اسم ثقافي جزائري في العالم« .

وقد جاء استقبال تبون لياسمينا خضرا بعد تهنئته قبل أيام بعدما حصل على جائزة إسبانية قائلاً: « أول مرة يتم تهنئتي من قبل رئيس الجمهورية. تحصلت على عدة جوائز أدبية. في الكثير من البلدان على غرار باكستان، ألمانيا، البرازيل والولايات المتحدة الأمريكية،. غير أنها أول مرة يتم تهنئتي فيها من قبل رئيس للجمهورية ».

هذا وكان قد كتب تبون قبل أسابيع تهنئة لياسمينة خضرا قائلاً: « إلى إبن الجزائر البار محمد مولسهول، المدعو ياسمينة خضرا. أبارك لكم هذا الفوز العالمي الذي تحصلتم عليه من قبل الدولة الصديقة إسبانيا، والذي أبرز مرة أخرى، قدراتكم العالية في مجال الرواية. ألف مبروك للثقافة الجزائرية وتمنياتي لكم بمزيد من التألّق ».

أما الفنان « دي جي سنيك » فقد أعرب عن سعادته باستقباله قائلاً: « لقد حظيت هذا الصباح بشرف الاستقبال من طرف السيد عبد المجيد تبون رئيس الجزائر”. مضيفا:”شكرا لك على حفاوة الترحاب ».

تحرير من طرف أشرف الحساني
في 03/06/2025 على الساعة 20:37