تمويل الإرهاب: الاتحاد الأوروبي يدرج الجزائر على قائمته الرمادية

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون رفقة رئيس أركان الجيش سعيد شنقريحة

في 12/06/2025 على الساعة 11:00

تم إدراج الجزائر في أكتوبر 2024 ضمن « القائمة الرمادية » لمجموعة العمل المالي الدولية (GAFI)، وهي هيئة دولية رصدت أوجه قصور خطيرة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب في هذا البلد. وفي يوم الثلاثاء 10 يونيو 2025، جاء دور الاتحاد الأوروبي ليصنف الجزائر ضمن الدول عالية المخاطر فيما يتعلق بغسل الأموال وتمويل الإرهاب.

ودعت المفوضية الأوروبية، وهي أعلى هيئة تنفيذية في الاتحاد الأوروبي، مؤسسات الاتحاد والدول الأعضاء إلى "التحلي بأقصى درجات اليقظة" في ما يتعلق بالمعاملات التي تشمل الدول المدرجة في هذه القائمة الخطرة.

وقالت المفوضية في بيان رسمي إن هذا التحذير الصارم يهدف إلى « حماية النظام المالي للاتحاد الأوروبي » من التهديدات المرتبطة بتدفقات الأموال غير المشروعة.

ومن بين الدول التي يتعين على الدول الأعضاء الـ27 في الاتحاد الأوروبي التعامل معها بحذر، أصبحت الجزائر الآن مدرجة رسميا على القائمة الرمادية الأوروبية، وذلك انسجاما مع تصنيف مجموعة العمل المالي (GAFI) الذي صدر في أكتوبر الماضي.

وقد تسبب إدراج الجزائر في قائمة GAFI في جدل واسع داخل البلاد، حيث حاول الرئيس عبد المجيد تبون تهدئة الوضع بوعود إصلاح لم تتحقق حتى الآن، تهدف إلى « تسوية » وضع الجزائر على المستوى الدولي.

وفي مايو الماضي، جدد تبون دعوته لحكومته من أجل الامتثال لتوجيهات GAFI. ووفقا لموقع TSA-الجزائر، فإن الرئيس تبون أمر حكومته خلال اجتماع لمجلس الوزراء في 18 مايو بـ« تطبيق التوصيات بما يتماشى مع قوانين مجموعة العمل المالي« .

ومن بين أبرز التدابير التي التزم بها تبون، يأتي الإغلاق النهائي لسوق الصرف غير الرسمي المعروف بـ« السكوار« ، الذي يعمل بمثابة « بنك مركزي موازٍ » في الجزائر. هذا السوق الأسود مترسخ في المشهد الاقتصادي إلى درجة أن أسعار الصرف اليومية التي يحددها يتم إعلانها رسميا من قبل بنك الجزائر ووسائل الإعلام. وتُمرر عبره يوميا مبالغ ضخمة دون أية شفافية بشأن وجهتها النهائية.

وجاء قرار المفوضية الأوروبية، الصادر يوم الثلاثاء، ليشكل ضربة جديدة للنظام الجزائري. وقد أوضحت المفوضية أن القائمة الجديدة التي تشمل الجزائر جاءت بعد تقييم معمق، استند ليس فقط إلى معطيات GAFI، بل أيضا إلى معلومات دقيقة جُمعت ميدانيا خلال زيارات ولقاءات ثنائية أجراها الاتحاد الأوروبي مع مسؤولين جزائريين.

وجاء هذا القرار بعد أربعة أيام فقط من نشر تقرير استخباراتي إسباني أكد ما كان معروفا على نطاق واسع: مليشيات البوليساريو الانفصالية، التي تحتضنها وتمولها الجزائر، تنشط بشكل كبير ضمن الجماعات الإرهابية في منطقة الساحل، لا سيما داخل تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي (AQMI).

ويثبت هذا الواقع أن الأموال والأسلحة والدعم اللوجستي الذي توفره الجزائر للبوليساريو، ينتهي به الأمر إلى تمويل الإرهاب في شمال وغرب إفريقيا، وفي منطقة الساحل على وجه الخصوص.

وتُطالب المنظمات غير الحكومية الإسبانية، التي تقدم مساعدات إنسانية إلى مخيمات تندوف، بأن تكون أكثر حذرا، أو أن تقوم شخصيا بتوزيع المساعدات لضمان وصولها إلى مستحقيها الحقيقيين.

ويأتي إدراج الجزائر في القائمة الرمادية الأوروبية أيضا في سياق تطورات إقليمية مقلقة، من بينها سيطرة الجيش الموريتاني على منطقة لبريكة شمال شرقي البلاد، التي حوّلها البوليساريو، بمساعدة الجزائر، إلى قاعدة مركزية لعمليات تهريب السلاح والمخدرات والوقود إلى الجماعات الإرهابية في الساحل.

وتُظهر كل هذه التطورات أن الجزائر دخلت إلى القائمة الرمادية الأوروبية لتبقى فيها طويلا. وإذا لم تلتزم بالإصلاحات، فليس مستبعدا أن تنتقل لاحقا إلى القائمة السوداء، إلى جانب ثلاث دول تشترك معها في العديد من السمات: إيران، كوريا الشمالية، وميانمار (بورما).

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 12/06/2025 على الساعة 11:00