زيادة منحة السياحة في الجزائر: تبون يغرق في كذبة جديدة

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

في 09/06/2025 على الساعة 11:24

يبدو أن صيف هذا العام سيكون كئيبا في الجزائر، بالنسبة لأولئك الذين كانوا يأملون قضاء عطلتهم في الخارج والاستفادة من الزيادة التي أعلن عنها الرئيس الجزائري في منحة السياحة مع بداية السنة. وعد رئاسي لم يُنفذ، ويُعد دليلا جديدا على عدم كفاءة عبد المجيد تبون في تسيير شؤون الدولة.

تخيّل أن تُمنح منحة سياحية قدرها 100 دولار فقط للشخص في السنة، وتحاول بها الاستمتاع بعطلة! هذا هو التحدي (المستحيل) الذي تفرضه السلطات الجزائرية على مواطنيها منذ عام 1997. بهذه المنحة الهزيلة، يتقلص العالم أمام الجزائريين الذين لا يملكون امتيازات مالية أو دبلوماسية كالتي يتمتع بها كبار المسؤولين وأقرباؤهم. ففي الجزائر، المواطنون ليسوا سواسية: هناك من يملكون أرصدة مالية في فرنسا – أولئك المهددون بتجميد ممتلكاتهم – وهناك 40% من الجزائريين ممنوعون من مغادرة البلاد دون علمهم، وآخرون لا يزالون يحلمون بعطلة بأسعار زهيدة بعد تجاوز عقبة الحصول على التأشيرة.

لمعالجة هذا الوضع الكارثي في بلد غني بالمحروقات، ويُفترض أن يكون الأفضل حالا في المغرب العربي، بل وحتى في إفريقيا، ارتدى عبد المجيد تبون عباءة « عمي تبون الخارق »، وأعلن عن زيادة طال انتظارها في منحة السياحة.

«عصفور في اليد خير من عشرة فوق الشجرة»

في دجنبر 2024، أعلن تبون شخصيا خلال اجتماع لمجلس الوزراء عن رفع المنحة السياحية إلى 750 يورو للبالغين و300 يورو للقاصرين، اعتبارا من يناير 2025. من المغرب أو من أي بلد مغاربي آخر، قد تبدو هذه الخطوة مثيرة للسخرية. على سبيل المثال، المواطن التونسي يحق له ما يعادل 1900 دولار سنوياً، والمصري 10 آلاف دولار، والليبي كذلك، بينما يستفيد المغربي من منحة تتراوح بين 10 آلاف و30 ألف دولار حسب قيمة الضريبة على الدخل.بمعنى آخر، المغربي يتلقى منحة أدناها تفوق 100 مرة ما يتلقاه الجزائري. الفجوة هائلة، ولكن على الأقل الانتقال من 100 إلى 750 دولاراً يُعد تطورا كبيرا طال انتظاره منذ 28 سنة.

لكن منذ إعلان تبون، الذي أثار ضجة كبيرة، لم يتم تطبيق القرار وبات في طي النسيان. تبون اختفى عن الأنظار، وربما شعر بالحرج من إعلان لم يُدرك عواقبه في بلد يعرف نظامي صرف: الأول رسمي وهمي تحدده بنك الجزائر، والثاني حقيقي يُحدد في السوق السوداء. فوفقا للسعر الرسمي، يُعادل اليورو 150 دينارا، أما في السوق السوداء فيصل إلى 260 دينارا، بفارق 110 دنانير. هذا التفاوت يجعل تنفيذ وعد تبون شبه مستحيل، كما سيتضح لاحقا.

والنتيجة: تبون توارى، وترك وزراءه منذ يناير يتقاذفون كرة اللهب، عاجزين عن تنفيذ قرار مرتجل وغير مدروس أطلقه رئيس اعتاد على إطلاق وعود لا يفي بها.

من «أثر الإعلان».. إلى «أثر الفراشة»

مع اقتراب الصيف، تعالت أصوات الغضب الشعبي أكثر، لتنفجر خلال جلسة برلمانية يوم الأربعاء 4 يونيو. في ذلك اليوم، واجه وزير المالية عبد الكريم بوزرد عدة أسئلة من النواب حول موعد تنفيذ القرار الرئاسي. وبلا إجابة واضحة، رمى الوزير الكرة في ملعب بنك الجزائر، زاعماً أن الأمر يقع ضمن اختصاص المؤسسة المالية التي تتمتع باستقلال تنظيمي.

لكن هذا التبرير يفقد مصداقيته عندما نتذكر أن الوزير نفسه صرّح في مارس بأن القرار « قريب التنفيذ »، وأن الترتيبات التقنية « شارفت على الاكتمال »، بل وحدد موعدا تقريبيا لانطلاق صرف المنحة: منتصف أبريل. كما أن السلطات بدأت بإعداد شبابيك خاصة في المطارات والموانئ والمعابر الحدودية. إلا أن هذه الشبابيك ظلت حتى الآن مجرد هياكل فارغة، لأن « المعادلة السحرية » لتحويل 100 دولار إلى 750 لم تُكتشف بعد.

رئيس مهووس بالعظمة.. في مواجهة عملة بلا قيمة

لو طُبّق قرار تبون، لتوافد الملايين من الجزائريين على المعابر مع تونس فقط للحصول على ختم في الجواز والعودة في اليوم ذاته أو التالي. سيشترون 750 دولارا بـ99,142 دينار، ويبيعونها في « سكوار الجزائر » (السوق السوداء الأشهر) بـ171,340 دينار. أي ربح فوري بقيمة 72,198 دينار.ولأن الحد الأدنى للأجور في الجزائر لا يتجاوز 20,000 دينار، فإن هذه العملية تعادل أكثر من ثلاثة أشهر ونصف من الأجر الأدنى... في يوم واحد! أما الخاسر الأكبر فهو الخزينة العمومية، التي ستتحمل عبء تحويل العملة الصعبة إلى دينار في السوق السوداء.

يجب التنويه أن الدينار الجزائري عملة غير قابلة للتحويل. ففي فرنسا، التي تحتضن أكثر من 4 ملايين من أصول جزائرية، لا يوجد أي مكتب صرف يقبل الدينار الجزائري، خلافاً للدرهم المغربي والدينار التونسي. بل وحتى في المطارات الجزائرية، لا يُقبل الدينار في المتاجر.

تبون، الذي لا يملّ من الحديث عن « قوة ضاربة » و« قوة قارية » وغيرها من الشعارات الجوفاء، يبدو أنه لا يعلم أن العملة هي أحد أعمدة إسقاط القوة، وهي مفقودة تماماً في « الجزائر الجديدة » التي يتغنى بإنجازاتها الوهمية.

أن يكون تبون مهووسا بالعظمة وكاذباً محترفا... فهذا بات أمرا مثبتا. يكفي أن نذكّر بما قاله أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة عن نية الجزائر تحلية 1.3 مليار متر مكعب من مياه البحر يوميا، حتى ندرك أن مكانه الطبيعي ليس قصر المرادية بل مستشفى للأمراض النفسية.

لكن المشكلة مع وعد الـ750 دولارا، أنه زرع الأمل في نفوس الجزائريين، وأشعل أحلاما لدى بعضهم بتحسين ظروف دراسة أبنائهم مع بداية السنة الدراسية الجديدة، بفضل العائد المالي من هذه المنحة. خيبة الأمل القادمة ستكون قاسية، وقد تطلق موجة من الغضب والكلام الجارح ضد « عمي تبون ».. الذي يتكلم كثيرا، ولا يفعل شيئا.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 09/06/2025 على الساعة 11:24