الجماهير التي كانت تستعد للاحتفال بلقب طال انتظاره، فوجئت بانهيار جزء من السياج الحديدي بالمدرجات العلوية، ما أدى إلى سقوط عدد من المشجعين من علو شاهق.
وأعادت هذه الفاجعة إلى الأذهان أحداثا مشابهة شهدتها ملاعب الجزائر خلال السنوات الأخيرة، دون أن يستخلص منها النظام الدروس على ما يبدو.
وتسبب الحادث في إلغاء مراسم تسليم درع الدوري لفريق المولودية، الذي توّج رسميا بلقبه التاسع في تاريخه، والثاني على التوالي، وذلك إلى إشعار آخر، حسب ما أعلنته رابطة دوري المحترفين.
ملعب متهالك رغم «الترميمات»
رغم أن هذا الملعب الذي -يوصف بـ«الأولمبي»- حديث عهد بإعادة الترميم، إلا أن الصور الملتقطة من داخله عقب الحادث كشفت أن حالته في حالة جد متقدمة من التهالك، حتى أن السياج المحيط بالمدرجات قد نخره الصدأ من الداخل ولم ينتبه إليه أحد حتى تسبب اليوم في مأساة، ما طرح تساؤلات حادة حول جودة الصيانة وسلامة المنشآت داخل هذا الصرح الرياضي الذي وُصف طويلاً بأنه «رمز الرياضة الجزائرية».
ويأتي هذا الحادث ليعيد إلى الواجهة مخاوف متكررة بشأن البنية التحتية الرياضية في الجزائر، وغياب سياسة صيانة حقيقية رغم المليارات التي تُصرف في ترميم الملاعب، ما قد يُنذر بكوارث مماثلة في المستقبل إذا لم تتم مساءلة الجهات المسؤولة عن مراقبة السلامة.
سخط شعبي متزايد
بينما التزمت الجهات الرسمية الصمت إزاء ملابسات الواقعة، سارعت الصحف المقرّبة من السلطة، إلى تحميل مسؤولية الحادث للجمهور، زاعمة أن الأعداد الغفيرة للمناصرين فاقت الطاقة الاستيعابية للملعب. غير أن المعطيات الرسمية تفنّد هذا الادعاء، حيث لم يتجاوز عدد الحاضرين عتبة 60 ألف مشجع، بينما تشير البطاقة التقنية للملعب إلى اتساعه لـ75 ألف متفرج.
وذكرت جريدة «النهار» أنه جرى «تسجيل حالات إصابة وسط جماهير المولودية التي تنقلت بأعداد غفيرة لمساندة فريقها في ملعب 5 جويلية الأولمبي، حيث شهدت المدرجات حالات تدافع وفوضى تسببت في سقوط مناصرين للمولودية من المدرجات العلوية أدت إلى تدخل عاجل للحماية المدنية.»
وأضافت أن «بعض الأنصار تعرضوا لإصابات متفاوتة استدعت نقلهم إلى المستشفى، ما دفع المنظمين إلى تعليق مراسم التتويج الرسمية لأسباب صحية وتنظيمية».
لكن كثيرا من المتابعين يعتبرون هذا الخطاب محاولة فاشلة للتنصل من المسؤولية، وإخفاء واقع التردي الخطير الذي يعيشه هذا المرفق الرياضي الذي يفترض أن يكون واجهة البلاد.
وعجّت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات الجزائريين الغاضبة والمصدومة من الواقعة، حيث تساءل كثير منهم حول من يتحمل مسؤولية هذه الفاجعة؟ وهل ستتم محاسبة المسؤولين عن تقصير واضح في مراقبة معايير السلامة؟ أم أن القضية ستُطوى، كما حدث في كوارث سابقة، بتبريرات جاهزة تُحمّل الضحايا أنفسهم مسؤولية ما جرى؟
ويعيد هذا الحادث المؤلم في «ملعب 5 جويلية» التأكيد على أن روح المواطن الجزائري لا تزال في ذيل أولويات النظام العسكري الحاكم، حتى في لحظات الفرح التي تُسرق منه مرارا، بسبب إهمال مزمن وسوء تدبير قاتل.