الجزائر: هل يُصلح الدبلوماسي عمار عبّة ما أفسدته غطرسة النظام العسكري؟

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ومستشاره المكلف بالشؤون الدبلوماسية عمار عبة ورئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة

في 24/04/2025 على الساعة 16:30

أصدر الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون مرسوما بتعيين الدبلوماسي المخضرم عمار عبة مستشارا مكلفا بالشؤون الدبلوماسية. ماذا يمكن أن يضيفه اليوم إعادة رجل سبعيني من الجيل القديم، بغض النظر عن سجله الدبلوماسي الطويل، إلى واجهة القرار في وقت تعيش فيه الجزائر أزمة ثقة في سياستها الخارجية، تراكمت عبر سنوات من العزلة والقرارات الانفعالية التي أنتجها تغول المؤسسة العسكرية في الملفات الدبلوماسية؟


بكثير من الحماس المفرط، قدم الإعلام الجزائري وصفحات مواقع التواصل الاجتماعي الموالية للنظام، تعيين تبون للدبلوماسي عمار عبة بوصفه « الحكيم » القادر على إعادة التوازن لعلاقات الجزائر الخارجية، بعد أن تحولت إلى مسرح لردود الأفعال المتشنجة والتقلبات المفاجئة. غير أن الحفاوة التي استقبل بها الإعلام الرسمي ومؤيدو السلطة هذا التعيين، تخفي وراءها واقعا أكثر تعقيدا: مشكلة الدبلوماسية الجزائرية تكمن في كونها تعاني من هيمنة عقلية أمنية تتعامل مع السياسة الخارجية كملف استخباراتي لا كشأن استراتيجي.

وجاء هذا التعيين في سياق دبلوماسي متأزم، حيث شهدت الجزائر سلسلة من الإخفاقات الدبلوماسية المتتالية، وتراكمت لديها أزمات مع محيطها الإقليمي والدولي. وقد فاقم من هذه الأزمات سنوات من العزلة والقرارات الانفعالية التي أنتجها تغول المؤسسة العسكرية في الملفات الدبلوماسية.

في ظل هذا السياق، يواجه عمار عبة مهمة مزدوجة: أولا، إعادة الثقة في السياسة الخارجية عبر استعادة المهنية والاستقلالية؛ وثانيا، إثبات أن المدرسة القديمة في الدبلوماسية لا تزال تملك ما تقدّمه في زمن التحولات الرقمية والجيوسياسية السريعة.

تدوير وجوه قديمة

الشارع الجزائري، من جهته، لم يُبد حماسة كبيرة لهذا التعيين. تعليقات كثيرة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عبّرت عن خيبة أملها من استمرار النظام في تدوير وجوه الماضي بدل ضخ دماء جديدة في العمل الدبلوماسي من خلال إفساح المجال للكوادر الشابة التي تتقن اللغات الحديثة ووسائل التواصل الرقمي، متسائلة عن مغزى اللجوء إلى رجل في عقده السابع لقيادة تغيير يفترض أن يكون شبابيا وحداثيا. أما البعض الآخر فقد رأى في الخطوة مجرد محاولة للالتفاف على الانتقادات، في سياق أزمة سياسية خانقة ومأزق دبلوماسي حاد.

لكن العبرة ليست في السن ولا في التاريخ الشخصي، بل في السياق العام: ما جدوى الخبرة حين تُفرغ من مضمونها بسبب تداخل الصلاحيات وتغوّل السلطة الأمنية؟ كيف يمكن لدبلوماسي أن يُصلح ما أفسدته مؤسسة عسكرية تتعامل مع العالم الخارجي بمنطق الشك والتوجس، لا بمنطق الشراكة والمصالح المتبادلة؟

تعيين المدعو عمار عبة من ولاية تيزي وزو الماكيست مستشارا دبلوماسيا والذي الف كتابا مجد فيه الماكيست ايت منقلات الذي كان يدعو لقتل العرب هل هي كونطر خطة من لدن الرئاسة يالبكبك يابوتبريىرة يابوخنونة

Publiée par ‎نورالدين يحي قديحة‎ sur Jeudi 24 avril 2025

الغطرسة العسكرية... جذر الداء الدبلوماسي

منذ سنوات، تحوّلت السياسة الخارجية الجزائرية إلى مرآة لتقلّبات النظام العسكري، حيث باتت التحالفات تتبدل وفق الحسابات الضيقة، والقرارات تُتخذ في دائرة ضيقة لا تضم أصحاب الكفاءة الدبلوماسية. ملفات مثل الصحراء الأطلسية والعلاقات مع المغرب وفرنسا وليبيا ودول الساحل، تُدار أكثر بمنطق التصعيد والمكايدة، لا بمنطق الحوار وبناء الجسور.

هذه المقاربة الانفعالية أفقدت الجزائر قدرتها على التفاعل البنّاء مع محيطها، ورسّخت صورة دولة منعزلة بسبب توجسها من الجميع، لا تملك أدوات الوساطة الفعالة التي كانت تُحسب لها في الماضي.

لذلك فإلى أي مدى يمكن لخبرة دبلوماسي مخضرم أن تُصحح مسار عقود من التدخل الأمني وتداخل الصلاحيات؟ وكيف سينجح في إحلال منطق الشراكة والتفاهم محل منطق الشك والتوجس الذي رسخته المؤسسة العسكرية لعقود؟

إن الاختبار الحقيقي أمام عمار عبة لا يكمن في سيرة الاعترافات الدولية التي حصدها خلال نصف قرن من ممارسة الدبلوماسية، بل في قدرته على استعادة الثقة الخارجية للجزائر عبر رؤية استراتيجية واضحة وشراكات متوازنة تخضع لقواعد الدبلوماسية، لا لتقلبات أمزجة الجنرالات وانفعالاتهم الطائشة.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 24/04/2025 على الساعة 16:30