العداء المرَضي ضد المغرب.. «عقيدة» نظام العسكر الجزائري لتبرير إخفاقاته

الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون ورئيس أركان الجيش السعيد شنقريحة

في 20/04/2025 على الساعة 15:30

فيديوبينما تعيش الجزائر على وقع أزمات اجتماعية واقتصادية خانقة، يواصل النظام العسكري الحاكم تصدير أزماته إلى الخارج عبر تجديد العداء تجاه جاره الغربي: المغرب. فقد اختار (الحاكم الفعلي) رئيس أركان الجيش، الفريق السعيد شنقريحة، منصة تنصيب قائد جديد للدرك الوطني ليعيد إحياء أسطوانة «الخطر الخارجي» و«التآمر ضد الجزائر»، في محاولة مكشوفة لصرف الأنظار عن الإخفاقات المتراكمة داخلياً. وبموازاة هذا الخطاب التعبوي، دعا وزير الاتصال، محمد مزيان، الأسرة الإعلامية إلى الاصطفاف خلف السلطة عبر تبني «جبهة تحرير إعلامية»، يعكس توجه النظام في تجييش الإعلام الرسمي لخدمة أجندة سياسية موجهة، تحت غطاء الدفاع عن « ثوابت الأمة».


خلال مراسم تنصيب قائد جديد للدرك الوطني، السبت 19 أبريل، لم يفوت شنقريحة الفرصة لترديد الرواية الرسمية المألوفة، مدعيا أن «أعداء الجزائر لم يهضموا استقلالها»، ومؤكدا أن بلاده «ستبقى مستهدفة» بسبب تمسكها بمبادئ ثورتها التحريرية.

هذا الخطاب الذي يتكرر بصيغ مختلفة، لا يخفي فقط افتقار السلطة العسكرية إلى مشروع وطني حقيقي، بل يكشف أيضا عن سياسة ممنهجة تقوم على تخويف الشعب وتضليله بوجود «مؤامرة خارجية»، لا توجد سوى في مخيلة جنرالات أنهكهم الزمن.

العداء تجاه المغرب... عقيدة رسمية

وسط أزمة اقتصادية خانقة ونقص فادح في المواد الأساسية، يستمر النظام العسكري الجزائري في تبديد مليارات الدولارات على ما أصبح عقيدة ثابتة: العداء ضد المغرب.

وبدلا من توجيه هذه الأموال لتحسين الخدمات أو دعم الاقتصاد المتعثر، تُصرف ببذخ لدعم جبهة البوليساريو (المصنفة منظمة إرهابية) وتمويل الحملات السياسية والدبلوماسية ضد الرباط.

ليس سرا أن العداء تجاه المملكة المغربية لم يعد مجرد موقف سياسي ظرفي، بل تحوّل إلى سياسة دولة تُغذّيها المؤسسة العسكرية وتُروّج لها وسائل الإعلام الرسمية والخاصة، التي تحوّلت إلى أبواق لا تكلّ ولا تملّ من مهاجمة الجار الغربي، في مشهد يعكس غياب رؤية استراتيجية متزنة، ويدل على استهتار صارخ بمعاناة المواطن الجزائري.

أرقام تكشف المستور

تشير تقارير دولية إلى أن الجزائر أنفقت منذ سنة 1975 أزيد من 555 مليار دولار لدعم البوليساريو وتمويل أجندات معادية للمغرب، بمعدل 10 مليارات دولار سنويًا، أي ما يعادل 6% من الناتج الداخلي الخام.

هذه الأرقام المفزعة تكشف حجم النزيف الذي تتعرض له الخزينة العامة، فيما يقف المواطن الجزائري في طوابير طويلة من أجل لتر حليب أو رغيف خبز، في بلد يُفترض أنه من الأغنى في إفريقيا بثرواته الطبيعية.

العسكر في الواجهة... والسياسة في الظل

خطاب شنقريحة لم يخرج عن النسق المعتاد الذي يؤكد تمسك الجيش بالحكم، حيث أعلن صراحة أن « الجيش سيظل حريصا على الحفاظ على هيبة الجزائر وعزة شعبها »، عبر « تمتين القدرة العسكرية واستنهاض أداتها الرادعة ».

هذا التصريح، الذي يأتي في تجاهل تام لمطالب الحراك الشعبي بتنحي العسكر عن الحكم، يؤكد استمرار المؤسسة العسكرية في فرض وصايتها على المشهد السياسي، وإصرارها على الهيمنة رغم فشلها في توفير أبسط شروط الحياة الكريمة.

النظام يجيّش الإعلام

لم تسلم وسائل الإعلام الجزائرية من حملة التجييش التي يقودها النظام العسكري في حربه المستمرة ضد المغرب، حيث تحوّلت إلى أدوات ترويجية للخطاب الرسمي المعادي، بدل أن تكون صوتا مهنيا مستقلا ينقل هموم المواطن ومعاناته اليومية.

ففي لقاء مع الصحافة الجزائرية أول أمس الخميس بوهران، لم يتردد وزير الاتصال محمد مزيان في دعوة الأسرة الإعلامية الوطنية إلى تشكيل «جبهة تحرير إعلامية» تتبنى خطا تحريريا «قيميا» كما وصفه، يكون امتداداً لأبنية النظام السياسي والاقتصادي، ويكرّس الدفاع عما سمّاه بـ «القيم الوطنية التي تضمنها بيان أول نوفمبر»، في إشارة واضحة إلى وجوب التزام الصحفيين بالرؤية الرسمية، بما فيها عداؤها للمغرب.

هذه الدعوة التي وُجهت خلال افتتاح اللقاء الأول للصحفيين والإعلاميين الجزائريين، تأتي في إطار ما سماه الوزير «ثورة سلمية مفاهيمية وإجرائية»، هدفها، حسب قوله، «ترقية المهنة» و«الانتقال من الكم إلى الكيف»، لكنها في الواقع تعكس استراتيجية مفضوحة لتطويع الإعلام وتوجيهه نحو خدمة الأجندة العدائية للنظام، بدل تعزيز حرية الصحافة والمهنية الحقيقية المبنية على الاستقلالية والدقة والرقابة على السلطة.

وهكذا، بدل أن يكون الإعلام سلطة رابعة تراقب الأداء الحكومي وتدافع عن مصالح المواطنين، يتم الدفع به ليكون درعاً دعائياً آخر في يد السلطة، يُكرّس العداء تجاه المغرب، ويُغيّب النقاش الحقيقي حول أزمات الداخل ومعاناة الجزائريين.

إلى متى يستمر العبث؟

سياسة العداء للمغرب لم تنجح في كسب تعاطف الشعب، بل زادت من تعميق الفجوة بين السلطة والمواطن، الذي بات يرى بأم عينه كيف يُهدَر المال العام في قضايا عبثية، بينما يعيش هو الفقر والبطالة والحرمان.

في الوقت الذي تشق فيه دول المنطقة طريقها نحو الإصلاح والتنمية، يصرّ النظام الجزائري على الغرق في أحقاد الماضي، متجاهلا أن مستقبل الشعوب لا يُبنى بالحروب الباردة ولا بالعداوات الوهمية، بل بالإصلاح والتنمية والانفتاح على الواقع.

تحرير من طرف ميلود الشلح
في 20/04/2025 على الساعة 15:30