وثيقة: هذه الأدلة التي تُظهر الروابط الخطيرة بين البوليساريو والجزائر وحزب الله وسوريا الأسد

رئيس دولة الجزائر عبد المجيد تبون يستقبل رئيس ولاية تندوف الجزائرية، زعيم انفصاليي بوليساريو إبراهيم غالي، 31 أكتوبر 2024 بمطار الهواري بومدين

في 22/04/2025 على الساعة 11:30

تكشف وثائق سرية لم يتمكّن نظام بشار الأسد المنهار من تدميرها قبل فراره، عن علاقات عميقة تربط بين جبهة البوليساريو وحزب الله والنظام السوري، عبر الجزائر وإيران. وقد حصل موقع Le360 على نسخة من إحدى هذه الوثائق، والتي تؤكد وجود تحالفات إرهابية تعود لسنوات طويلة، شملت تدريبات عسكرية، وعمليات خاصة، وتعاونا على مختلف المستويات.

الصناديق المليئة بالوثائق التي تخلّى عنها الديكتاتور السوري السابق بشار الأسد أثناء فراره المفاجئ من سوريا بعد سقوط نظامه، بدأت تدريجياً في كشف أسرارها.

وتُوجد هذه الوثائق حاليا في حوزة الحكومة الانتقالية السورية، ويتناول جزء منها الروابط الخطيرة بين جبهة البوليساريو والنظام السوري المنهار وحزب الله اللبناني، وهي علاقات مدعومة سياسيا وماديا ولوجستيا من قبل الجزائر، الراعية الرئيسية للبوليساريو، من جهة، ومن قبل محور سوريا-إيران، الداعم لحزب الله، من جهة أخرى.

La note confidentielle des renseignements  syriens sous l'ère al-Assad établissant des liens étroits entre Polisario-Algérie et Syrie-Hezbollah-Iran.

بتنسيق جزائري مباشر

تكشف مذكرة سرية مؤرخة بسنة 2012، صادرة عن جهاز الاستخبارات السوري الشهير بـ« المخابرات »، والتي حصل Le360 على نسخة منها، عن هذا التعاون بشكل واضح. ولا شك أن هناك العديد من الوثائق المشابهة.

توجّهت هذه المذكرة إلى جنرال سوري يشغل منصب « رئيس الفرع 279″، وتشير إلى موافقة دمشق على مشاركة فصائل من « الجيش الصحراوي » (أي جبهة البوليساريو) في تدريبات عسكرية ينظمها الجيش السوري، تحت إشراف الجزائر وبوساطتها.

وجاء في الوثيقة: « بناءً على مراسلات سابقة تتعلق بطلب قادة الجمهورية العربية الصحراوية إرسال فصائل من الجيش الصحراوي للتدريب مع الجيش العربي السوري، جرت مشاورات بين وزارتي الدفاع الجزائرية والسورية حول الموضوع، وقد حظي باهتمام بالغ من كلا البلدين الشقيقين. »

وتضيف الوثيقة أن ممثلا عن الاستخبارات السورية، متمركزاً في الجزائر، عقد اجتماعاً مع محمد عبد العزيز، زعيم البوليساريو آنذاك ورئيس ما يُعرف بـ »الجمهورية الصحراوية »، في مقر إقامته بمخيمات تندوف.

وحضر الاجتماع كل من إبراهيم غالي، الزعيم الحالي للجبهة، وعبد القادر عمر، أحد قيادات الجبهة. وكان الهدف من الاجتماع هو إطلاق تنفيذ الاتفاق، الذي وُقّع بين الأطراف الثلاثة: الجزائر، « الصحراء الغربية »، وسوريا. وكان مقررا أن تُجرى التدريبات في مقر قيادة القوات البرية في يناير 2012، بمشاركة 120 مقاتلا صحراويا مقسّمين إلى أربع مجموعات.

...وبمباركة حزب الله

تكشف الوثيقة أيضا عن وجود علاقات وثيقة بين البوليساريو وحزب الله الشيعي، حيث تم تنفيذ التدريبات بعد موافقة مسبقة من الحزب اللبناني. وجاء في الوثيقة: « مصدرنا داخل قيادة جبهة البوليساريو أفاد بأن مسؤولين من الجبهة قاموا برحلة ثالثة إلى بيروت في ديسمبر 2011، للتشاور مع المقاومة اللبنانية (حزب الله) والتنسيق بخصوص مهمة التدريب والمشاركة في عمليات خاصة على الأراضي السورية. »

وقد سعت وفود البوليساريو إلى لقاء زعيم الحزب الشيعي خلال تلك الرحلة، ولكنها لم تتمكن من ذلك. وجاء في المذكرة: « لم تستطع بعثة جبهة تحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب مقابلة سعادة السيد حسن نصر الله، واكتفوا بلقاء مسؤول رفيع في المقاومة اللبنانية. »

اتصالات منتظمة

الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من هذه المذكرة واضحة كوضوح الشمس. الروابط بين ثنائي البوليساريو-الجزائر وثلاثي سوريا-حزب الله-إيران ليست فقط مؤكدة، بل تعود إلى فترة طويلة من الزمن، وتقوم على اتصالات منتظمة، وتعاون وثيق، وتواطؤ ومساعدة متبادلة على جميع المستويات، فضلاً عن دعم عسكري ولوجستي كبير. إنه محور شر موسّع، يجمعه خيط ناظم واحد: الإرهاب كمنهج للعمل والتنظيم. اليوم، فُتح صندوق باندورا على مصراعيه، والمزيد من الفضائح في الطريق. ومن هنا تتضح تماماً الجرأة التي أبدتها الجزائر في الدفاع عن نظيرها السوري قبيل سقوطه.

حتى اللحظات الأخيرة من احتضار النظام السوري، ظلت الجزائر تسبح عكس تيار الأحداث، إذ سارعت يوم الثلاثاء 3 ديسمبر 2024 إلى إصدار بيان رسمي عاجل تعلن فيه دعمها المطلق للسلطة السورية، التي وصفتها بأنها تتعرض لـ«عدوان إرهابي». وبعد خمسة أيام فقط، أي في 8 ديسمبر، فرّ بشار الأسد إلى موسكو دون أن يُعلم أفراد أسرته أو أقرب مساعديه.

وقبل سقوطه، لم تُخفِ الجزائر يوماً دعمها الدبلوماسي والاستراتيجي الكبير لبشار الأسد، سواء من خلال الدفع نحو «عودته» إلى الجامعة العربية خلال قمة الرياض في مايو 2023، أو عبر تحركاتها النشطة لتقريب النظام السوري من الإمارات والبحرين، أو من خلال تصويتها لصالحه تسع مرات في مجلس حقوق الإنسان بجنيف، إضافة إلى المساعدات الإنسانية، ومساعي الوساطة مع تركيا...

نهاية اللعبة

هذه المذكرة، إلى جانب آلاف الوثائق الأخرى قيد التدقيق أو على وشك التسريب، تفسر لماذا بدأت بعض الدوائر الغربية، خاصة الأمريكية والبريطانية، بالمطالبة بتصنيف البوليساريو كتنظيم إرهابي. ولم يعد مستغربا الكمّ الكبير من التحليلات والوثائق السياسية الصادرة عن مراكز التفكير المرموقة، والتي تدين الجماعة الانفصالية والجزائر معاً.

وقد دعا النائب البريطاني ليام فوكس، وزير الدفاع السابق والقيادي في حزب المحافظين، إلى تصنيف البوليساريو كـ«منظمة إرهابية»، معتبراً أن الجبهة تعمل كوكيل لإيران تماماً مثل حماس وحزب الله. وكتب فوكس: « من أجل حلفائنا المغاربة، يجب على الحكومات الغربية التحرك فوراً لتصنيف هذا التنظيم كمنظمة إرهابية. »

وقبله، لم يتوقف النائب الأمريكي جو ويلسون عن الدعوة إلى معاقبة الجبهة الانفصالية. ففي 11 أبريل الماضي، أعلن أنه بدأ إجراءات لتمرير قانون بهذا الخصوص، وكرّر دعوته الأحد الماضي لتصنيف البوليساريو كـ«جماعة إرهابية أجنبية».

وأضاف: «ترامب سيتكفل بالأمر.»

كشفٌ إعلامي متزايد

كشفت صحيفة واشنطن بوست عن وجود مئات الأسرى من البوليساريو، أرسلهم النظام الإيراني للقتال إلى جانب النظام السوري. وقالت الصحيفة في عددها الصادر بتاريخ 12 أبريل: « طوال السنوات، دعم النظام الإيراني مجموعة واسعة من الجماعات الوكيلة لتعزيز مصالحه، منها جبهة البوليساريو، وهي جماعة متمردة متمركزة في الجزائر، تسعى لفصل الصحراء الغربية عن المغرب. ويُحتجز الآن المئات من مقاتليها لدى قوى الأمن السورية الجديدة. »

المذكرة المذكورة، والتي تشكل على الأرجح أول الغيث، تدين الجزائر بشكل مباشر، حيث تحتضن وتموّل وتسلّح البوليساريو، وتنسق تحركاتها مع جيش بشار وحزب الله. وهي تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك، أن الجبهة الانفصالية وراعيتها الجزائر، قد اختارتا المسار الإرهابي بامتياز. الكشف الكبير قد بدأ، ولعل هذا ما يفسر ارتباك النظام الجزائري، الذي وجد نفسه عارياً، فبدأ يدق طبول « التعبئة العامة » كتمهيد لإشاعة الرعب عبر فزاعة الحرب.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 22/04/2025 على الساعة 11:30