في هذا الكتاب الذي أعدّ مواده الصحافي لحسن العبيسي، يواصل ولعلو فعل الكتابة، لكنْ هذه المرة بعيداً عن التنظيرات الاقتصادية، سيما في علاقة المغرب بالصين. ولكنْ هذه المرّة من خلال كتابة مذكرات وما ينطوي عليه هذا النوع من الكتابة التي يُمتزج فيها البوح الذاتي بالحقيقة السياسية. لهذا فإنّ مثل هذه المذكرات، بقدر ما تمثّل بوحاً ذاتياً له علاقة بسيرة وحياة ولعلو، فإنّها من جهةٍ أخرى تغدو بمثابة وثيقة تاريخية تُضمر جملة من التحوّلات السياسية التي طالت المغرب المعاصر خلال فترة تاريخية تميّزت بالانتقال الديمقراطي. فهذه المذكرات تصبح وثيقة بالنسبة للباحثين والمؤرخين تتيح لهم معرفة الكثير عن كواليس الحكومة والسياسة والأحزاب والمثقفين وكل ما له علاقة بتلك المرحلة التاريخية التي كان فيها وزيراً للاقتصاد والمالية عام 2000.
يقول فتح الله ولعلو في مذكراته « لست من الذين يعتبرون المذكرات حكيا لحياة شخص، لأن قيمة الشخص دوما محدودة ونسبية، حيث التركيز على المغامرة الشخصية في الحياة لا فائدة منه في ما أفهم وأتصور. الإنسان جزء من تاريخ معين وضمن جغرافية معينة. بالتالي أهمية المذكرات كامنةٌ في إبراز ذلك التاريخ وتلك الجغرافية بغاية إعطاء الأولوية للموضوعي على حساب كل ما هو ذاتي. إن الحديث عن ما اخترت تسميته « زمن مغربي » يفرض مقاربة شَكْلِ تموضعه عالميا وإقليميا قبل إبراز مكوناته المحلية ».
يضيف « من المؤكد أن من عاش الجزء الثاني من عالم القرن العشرين والعقود الثلاث الأولى للقرن الواحد والعشرين، سيقتنع بالطابع النسبي لتاريخ وجغرافية البلد الذي ينتمي إليه. فالعولمة قد ترسخت خلال الثمانين سنة الماضية وأصبح لها تأثير مباشر على تاريخ وجغرافية كل بلد على حدة. ثم لأنه أيضا، إذا كانت الجغرافية عنيدةً (لا يمكن التشطيب على أي بلد من الخريطة أو تغيير موقعه فيها) فإنها تتأثر بمسار التاريخ الذي يمنح أفضليةً لمواقعَ جغرافية ويهمش أخرى. لتصبح حياة الفرد بالتالي مُرتبطةً بالعلاقة الجدلية بين التاريخ والجغرافية، التي هي علاقةٌ تطورت بسرعة مذهلة منذ ميلاد الرأسمالية، وتعاظم الأمر أكثر مع تطور مسار العولمة ».