تأتي قيمة هذا الكتاب الحواري في كونه يسلط الضوء على تجربة المفكر علي أومليل، باعتباره واحداً من المفكّرين الذين راكموا متناً فكرياً مغايراً بالمغرب وقدموا اجتهادات نظرية في مجال الفكر العربي المعاصر، انطلاقاً من أبحاث حول الذاكرة الوطنية والإصلاحات العربية والتراث والخطاب التاريخي عند ابن خلدون وغيرها من المفاهيم والموضوعات التي اشتهر بها أومليل في مجال الكتابة الفكرية. كما أنّه تقلّد العديد من المناصب في مساره العلمي بداءً من كونه أكاديمياً ثم مؤسساً للجمعية المغربية لحقوق الإنسان ثم ترأسه للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في القاهرة. هذا بالإضافة إلى تعيينه سفيراً في مصر سنة 2000 ثم سفيراً للمغرب في لبنان وهو المنصب الذي شغله إلى حدود عام 2016.
بغض النظر عن هذه المهام الوطنية الكبيرة التي شغلها أومليل، فإنّ مؤلفات الرجل ما تزال مرجعاً للكثير من الباحثين في مجال الفكر العربي وذلك بسبب قدرته الكبيرة على التحليل وترسانته المفاهيمية الصلبة والغنية التي تجعله ينطلق من مفهوم إلى آخر. وقد ارتأى الباحثون في هذا الكتاب أنْ يجعلوا من مادته عبارة عن حوار، وعياً منهم بقيمة الحوار وما يلعبه من دور فعّال على مستوى إثارة النقاش بالمقارنة مع الأسلوب التقليدي الخاص بالدراسات. ذلك إنّ الحوار يعطي للمفكّر إمكانية كبيرة للحديث عن تجربته وسيرته في مجالات مختلفة ومتنوعة تدفعه إلى البوح أكثر مما يمكن أن تقدّمه الكتابة التقريرية.
