تأتي قيمة هذا الكتاب في كونه من الدراسات الهامّة التي كُتبت حول تاريخ المغرب خلال الحقبة المعاصرة. فهو كتاب مرجعي ويستمد جدّته من الموضوع التي كتب عنه. سيما وأنّ حرب الريف، تُعد أحد اللحظات البارزة في تاريخ المغرب ابتداء من سنة 1920 إلى 1927 وذلك بسبب المواجهة الشرسة التي أبدتها القبائل الريفية لمواجهة القوى الإسبانية والفرنسية. ورغم ما كُتب عن هذه المرحلة التاريخية، ما تزال الكثير من الأشياء غامضة وتحتاج دائماً إلى عملية بحث تاريخي وحفر معرفي من أجل فهم أطوار هذه الحرب ومدى تأثيرها على المرحلة السياسية التي كان يرزح تحتها المغرب في ذلك الإبان. يقول المترجم « رغم مرور قرابة مائة عام على هرب الريف، إلا أن هذا الحدث الذي زعزع بضربة واحدة دعائم إمبراطوريتين مزدوجتين على حد تعبير المؤرخ جرمان عياش في كتابه: أصول حرب الريف، ما زال يشغل بال المؤرخين والباحثين ».
ويرى الزكري أنّ أنّ الكتاب « نُشر عام 1927 أي بعد عام واحد من انتهاء حرب الريف، مما يعني أن هاريس كان يقوم بتوثيق الأحداث مباشرة إبان وقوعها. وهذا من شأنه أن يوفر للقارئ نظرة على الصراع من منظور معاصر يبرز الظروف والتوترات السائدة في تلك الفترة، كما أن علاقاته الشخصية بأطراف النزاع ولقاءاته بهم ومراسلاته معهم، وبخاصة مراسلاته مع الزعيم محمد بن عبد الكريم الخطابي والتي ضمّن كتابه الأصلي صوراً لبعضها، قد تكون ذات دلالة بالنسبة للباحثين والمؤرخين ».
من ثم يرى المترجم أنّ « كتاب فرنسا وإسبانيا والريف مهم من هذه الناحية، بالإضافة إلى أهميته من ناحية شرحه للديناميات الاجتماعية والسياسية التي أثرت في المقاومة الريفية، وتحليله لتأثيرات السياسات الاستعمارية وللعلاقات بين القوى الامبريالية حينها وتكالبها على المنطقة وللعواقب التي خلفتها الحرب على سكان الريف ومنطقة جبالة، علاوة على تسليطه الضوء على شخصيات تاريخية أسهمت بدور بارز في أحداث تلك المرحلة، سواء كانت شخصيات أوروبية أو مغربية ».
