الجزائر: إصلاح قانون الإجراءات الجزائية للتضييق أكثر على الحريات الأساسية

وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة

في 28/04/2025 على الساعة 20:41

استمرارا في التضييق على الحريات، تقدم النظام الجزائري، بعد قانون العقوبات الجديد المثير للجدل، إلى البرلمان بمشروع قانون الإجراءات الجزائية الذي يركز جميع السلطات القضائية (التحقيق، وتوجيه الاتهام، والإدانة) في أيدي النائب العام، وهي سابقة خطِرة وغير مسبوقة بين الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.

كشف وزير العدل الجزائري لطفي بوجمعة، يوم الثلاثاء 22 أبريل، عن النسخة الجديدة لقانون الإجراءات الجزائية الجزائرية أمام أعضاء المجلس الشعبي الوطني.

ومن خلال تقديم الإيجابيات المفترضة لهذا الإصلاح في البداية، استخدم الوزير مقاربة ماكرة لإخفاء نواياه الحقيقية: زيادة الضغط الذي يعيق بالفعل كل حرية تعبير في الجزائر.

وبحسب قوله، فإن النص الجديد يتميز بإدخال عقوبات بديلة في المتابعات الجنائية لصالح الأشخاص الاعتباريين المتهمين بالجرائم المالية. ويكفي الآن إعادة الأموال المختلسة إلى الخزينة العامة لوقف هذه المتابعات، وهذا، بحسب تبرير وزير العدل، حرصا على حماية الأموال العامة واقتصاد البلاد.

ومن وجهة النظر هاته، فإن هذا الجانب من الإصلاح يندرج ضمن دعاية الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، الذي أكد في نهاية عام 2022 أنه استعاد 20 مليار دولار اختلستها «العصابة»، وهو المصطلح الذي يشمله مع ذلك، ويشير إلى الوزراء والجنرالات ورجال الأعمال الفاسدين في عهد بوتفليقة.

وقد تم رفع هذا المبلغ الباهظ أصلا إلى 30 مليار دولار من قبل تبون نفسه، خلال تصريح أدلى به في دجنبر 2023 أمام البرلمان.

ولإضفاء مصداقية على أرقام تبون، نص مشروع قانون الإجراءات الجزائية الحالي على العفو مقابل إعادة الأموال المحولة إلى الخارج بالدولار أو ما يعادلها بالدينار. وأعلن وزير العدل أيضا عن إنشاء وكالة خاصة لتدبير هذه المبالغ.

وبحسب وكالة الأنباء الجزائرية الرسمية، فقد تم عرض هذا القانون الجديد على البرلمان أيضا باعتباره «يتماشى مع التطورات التي يشهدها المجتمع، مع ضمان حماية الحقوق والحريات، وفقا للاتفاقيات الدولية التي صادقت عليها الجزائر».

وفي الواقع، فإن هذا النص يخفي خطوة خطِرة إلى الوراء في ما يتعلق بحماية الحريات، ويقدم إجراء اتهاميا فريدا من نوعه في العالم. وهكذا، سيصبح النائب العام في الجزائر، بالإضافة إلى كونه ممثلا للنيابة العامة، قاضيا متعدد الاختصاصات. إذ من المقرر أن يتولى مهام الشرطة القضائية، في حين أن التحقيقات التي تقوم بها هذه الأخيرة تتطلب معرفة علمية معمقة وخبرة ميدانية لا تتوفر لدى النيابة العامة. وستقوم هذه الأخيرة بعد ذلك بدمج مهام قاضي التحقيق مع مهام السلطة القضائية التي تحدد التهم وتصدر الأحكام.

ومن الآن فصاعدا، سيكون النائب العام للجمهورية هو الذي سيتولى الاهتمام بكل شيء. وسيتم أيضا تقديم طلبات الاستئناف إلى النائب العام من أجل نقض قراراته الخاصة.

وتم تقديم هذا «التعزيز لصلاحيات النيابة العامة» من قبل وزير العدل باعتباره «تبسيطا لإجراءات المثول المباشر».

بمعنى آخر، لا شيء في الجزائر يضمن حقوق المتهمين، الذين يمكن اعتقالهم ومحاكمتهم والحكم عليهم وسجنهم بقرار من النائب العام وحده.

وقد يتساءل البعض لماذا تهدف هذه الإصلاحات إلى إزالة بعض القضايا من أيدي القضاة لصالح النيابة العامة؟ هل يمكننا أن نعتبر أن هذا النقل إلى النيابة العامة هو نتيجة لتردد القضاة المحتمل في تطبيق أحكام قانون العقوبات الجزائري الجديد، وهو النص الذي أصدره الرئيس الجزائري في أبريل 2024، والذي تعرض لانتقادات شديدة بسبب طبيعته القمعية، والذي عبأ الاتحاد الوطني لمنظمات المحامين الجزائريين ضده ابتداء من عام 2023؟

في ضربة قاتلة لاستقلال القضاء في الجزائر، أعلن وزير العدل أن القانون الجديد للإجراءات الجزائية ينص على «إعادة تنظيم المراكز القضائية الجنائية وتحديد اختصاصاتها». في واقع الأمر، لن يكون النائب العام بعد الآن ممثلا للمجتمع، بل مجرد أداة يستخدمها النظام لإدانة معارضيه.

وهكذا، تجد الجزائر نفسها أكثر فأكثر حبيسة واقعها الخاص، حيث لا تعرف رغبة قادتها في القمع أي حدود. إن السلطة المطلقة الممنوحة للنائب العام بحكم الأمر الواقع تدمر نظام العدالة الذي يعتمد بالفعل على الأوامر، ويفرض التعسف والإرهاب على الجزائريين.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 28/04/2025 على الساعة 20:41