اختار فريق المهرجان أنْ تحمل الدورة الـ 37 عنوان « المسرح والدبلوماسية الفنية والثقافية » إيماناً منهم بالمكانة التي أصبح يتنزّلها المسرح، لا باعتباره فناً تعبيرياً يخلق المتعة والترفيه بالنسبة للناس، وإنّما بقُدرته على تأمّل الجسد وتخييل التاريخ واختراق غلالة الواقع، من خلال مشاهد مسرحية تظلّ باقية في الذاكرة والوجدان. كما أنّ التحوّلات المعرفية التي ألمّت بالواقع الفني ببلادنا، جعلت العمل المسرحي يبني شرعيته أحياناً عبر أفق سياسي ينتقد الواقع ويُعيد معه بناء واقع جديد أكثر تطلّعاً إلى المستقبل.
ونظراً إلى السحر الذي يمارسه الفن على المشاهد، فإنّ العديد من الباحثين يعتبرون أنّ المسرح المغربي، أصبح دعامة دبلوماسية ووسيلة فنّية قادرة على تجذير العلاقات الدولية وإعطاء البلد صورة مختلفة تستثمر الرأسمال الثقافي وتعمل بموجبه على خلق أفق دبلوماسي ثقافي مذهل.
يعتبر المهرجان الدولي للمسرح الجامعي بالدار البيضاء، أحد أبرز اللحظات الفنية الهامّة التي أصبحت تعطي للممارسة المسرحية أفقاً جديداً داخل المدينة. ذلك إنّ الممارسات المسرحية الطلابية، رغم ما قد تبدو عليه من هشاشة وارتباك، إلاّ أنّ المتتبع لبعض من هذه الأعمال المسرحية، سيجد نفسه أمام مسرحيات حقيقية أكثر وعياً بتحوّلات الواقع اليومي. لذلك تأتي مجمل هذه الأعمال باعتبارها مسرحيات تُدين الواقع وفداحته. كما أنّ مجملها يأتي ثائراً ويبحث له عن لغته الخاصّة عن طريق الثورة على الشكل المسرحي، فمثل هذه الأعمال المسرحية التي يُنجزها الطلبة تكون أحياناً تلقائية وتتجاوز الحدود والسياجات على المستوى الإبداعي.
تشارك هذه السنة العديد من الأعمال المسرحية من المغرب وإيطاليا وأرمينيا وألمانيا مثل « الدرس » و« التعاسة من العقل » و« قصص رائعة لبقية الحياة » و« فتيات كاليفورنيا » و« ريد » و« منامات جحجوحة » و« رجال في العمل » و« الريح » وغيرها من الأعمال التي تتمي فكرياً إلى المسرح المعاصر.