في الميدان، يعبر التجار عن سخطهم من هذا القرار « المفاجئ » الذي يعتبرونه « جائراً »، ويؤكدون أنهم تُركوا لمصيرهم دون حلول واضحة من الجهات المسؤولة.
ويعد سوق الخردة المعروف باسم « سوق دالاس » من أشهر الأسواق في الحي الحسني، ويشهد منذ بداية الأسبوع حملة واسعة لتحرير الفضاء العمومي. حيث تتوالى عمليات الهدم والجر والتفكيك في هذا الفضاء الذي يعرف حركة تجارية نشطة.
من جهتها، تؤكد السلطات أن هذا التدخل الصارم جاء استجابة لشكايات متعددة من سكان الحي الحسني الذين ضاقوا ذرعاً بالفوضى المنتشرة في محيط السوق. غير أن العديد من التجار المتضررين عبّروا عن غضبهم واستغرابهم مما اعتبروه خطوة أحادية الجانب.
La démolition du Souk Dallas à Hay Hassani et sa ferraille continue dans le cadre de la libération du domaine public à Casablanca. (K.Sabbar/Le360)
منذ يوم الثلاثاء 13 ماي، تتقدم الجرافات بشكل منهجي داخل هذا الحي التجاري العشوائي، مدمرة كل ما يعترض طريقها. وبالنسبة للتجار، فإن هذا السوق يمثل مصدر عيشهم الوحيد منذ أكثر من أربعين سنة، حيث يشتغل فيه باعة الخردة والملابس المستعملة، وتجار الخضر والفواكه، والجزارون، وبائعو الأدوات المنزلية وغيرهم من المهن الصغيرة.
يقول إبراهيم الزريق، رئيس فدرالية الخردة بسوق دالاس: «نحن هنا منذ سنة 1987، ويوجد بالسوق 943 محلا، وقد اشتغلنا دائما في إطار من الشفافية وطالبنا بحل دائم ومنصف.»
ويضيف الزريق أن حوارا سبق أن انطلق مع مجلس المدينة بخصوص ترحيل السوق إلى مكان منظم، حيث جرى الحديث عن قطعة أرضية قرب المطرح القديم بمديونة، قُدرت مساحتها بـ260 هكتارا، وخصص جزء منها لنشاط بائعي الخردة.
«قبلنا بالفكرة، كما فعل زملاؤنا في سيدي مومن وسباتة، لكن اليوم نجد أنفسنا أمام حملة هدم دون أن تقدم لنا أية بدائل ملموسة»، يقول الزريق بأسى، قبل أن يضيف: «قلنا لهم دائما إننا مستعدون للتعاون والانتقال والتنظيم، لكن الغريب أنهم يقولون شيئا ويفعلون شيئا آخر.»
من جانبه، يقول محمد عشاق، ممثل التجار: «فوجئنا اليوم عندما اقتحمت السلطات السوق وبدأت في الهدم. كنا قد عقدنا اجتماعاً مع رئيس المقاطعة لمناقشة تنظيف السوق، ورحبنا بهذه المبادرة، لكننا الآن وسط حملة هدم غير مفهومة.»
ويضيف: «نحن نحترم السلطات لكننا لا نتفق مع هذه الطريقة. هذا السوق هو مصدر رزقنا، ويتم تدميره بالكامل دون أن يُعرض علينا أي بديل واضح، وهذا غير مقبول.»
ولا ينكر التجار الحاجة إلى تنظيم السوق ووضع حد للفوضى، لكنهم يطالبون بخطة ترحيل عادلة ومحترمة.
ويختتم الزريق بالقول: «نحن نرحب بفكرة تنظيم نشاطنا، لكن ذلك لا يمكن أن يتم دون حوار حقيقي وجاد.»
يعيش سوق دالاس اليوم على وقع شدّ وجذب بين السلطات والتجار، وفي ظل هذا التوتر المتزايد، يبدو أن حملة تحرير الملك العمومي قد تخلف وراءها ما هو أكثر من مجرد أنقاض.