نهاية حقبة: الجرافات تضع حدا لفوضى الشواطئ الخاصة بدار بوعزة

خلال عملية هدم المطاعم على الشواطئ الخاصة بدار بوعزة، الخميس 15 مايو 2025

في 15/05/2025 على الساعة 15:30

فيديوصباح يوم الخميس 15 ماي 2025، استيقظ سكان ساحل دار بوعزة (ضواحي الدار البيضاء) على أصوات الجرافات وصفارات قوات الأمن. في غضون ساعات قليلة، بدأت المطاعم الشاطئية الرمزية – التي يعود بعضها لأكثر من ثلاثين سنة – تتهاوى حجرا تلو الآخر، ضمن عملية واسعة لاسترجاع الملك البحري العام. هذا التحرك الصارم، وإن كان متوقعا، يشكل نهاية لنموذج من التنمية الساحلية طالما تم التساهل معه لعقود باسم السياحة والتشغيل. اليوم، تفرض الدولة توجها جديدا: تطبيق صارم للقانون، ولو على حساب جزء من الذاكرة العاطفية لساحل الدار البيضاء. إليكم التفاصيل من عين المكان.

على الساحل الأطلسي المحاذي لدار بوعزة، جنوب مدينة الدار البيضاء، يحمل نسيم البحر هذا الصباح توترا غير معتاد. على بعد كيلومترات قليلة من وسط المدينة، تحول ما كان يوما قرية صيد هادئة إلى منتجع شاطئي شهير، ثم إلى مدينة حقيقية يزيد عدد سكانها عن 400 ألف نسمة. في هذه اللحظات، لا تزال شرفات الحانات والمطاعم المطلة على الشاطئ، التي مضى على وجود بعضها عقود، فارغة. عادة ما يسود الهدوء هذا المقطع الساحلي، خاصة وسط الأسبوع وخارج الموسم الصيفي. لكن اليوم، كُسر هذا الهدوء.

ضوضاء مدوية، منظمة ومنهجية، اجتاحت المكان. على امتداد ما يُعرف محليا بـ«الشواطئ الخاصة»، أي ذلك الصف من المطاعم المبنية مباشرة على الرمال، استيقظت المنطقة على مشهد مختلف تماما. رجال الدرك، أفراد القوات المساعدة، عناصر الوقاية المدنية… الأزياء الرسمية كانت في كل مكان. انتشروا بكثافة منذ الفجر، مؤطرين من طرف وفد رفيع من السلطة المحلية، وكل حركة وكل أمر يوحي بعملية محكمة، مدروسة، وواسعة النطاق. دار بوعزة هذا الصباح كانت تحت ضغط استثنائي.

الساعة التاسعة تماما. كأنما أعطيت إشارة انطلاق دقيقة، لتبدأ العملية. في لحظات، تتحرك الفرق الميدانية، تطوّق المكان، تؤمن المداخل والمخارج، وتؤطر محيط العملية. ثم تصل الآليات الثقيلة، جرافات ضخمة بصوتها الهادر، جاهزة لدخول الخدمة. المهمة واضحة ولا تقبل التأويل: الهدم. كل شيء يجب أن يزول. أمر اليوم: تدمير فوري للمؤسسات السياحية المحتلة للملك البحري بطريقة غير قانونية.

«الجميع، يعني الجميع»

أولى الضربات انطلقت من شمال المنطقة. مطعمان رمزيان كانا أول الضحايا: Océana Beach وAtlantic.

في غضون ساعات، تحوّلت هذه الأماكن، التي كانت تعجّ بالحياة وتختلط فيها ضحكات الزوار بأمواج البحر، إلى أكوام من الأنقاض. تم الاحتفاظ بالمعدات والأثاث والممتلكات الشخصية، لكن كل شيء آخر – من الواجهات إلى المطابخ، ومن المراحيض إلى المسابح – سُوِّي بالأرض بشكل منهجي. ولم تكن تلك سوى البداية.

العملية، التي أُعلن أنها شاملة، ستطال جميع المطاعم المقامة على الشاطئ بدار بوعزة. غدا، سيكون الدور على Playa Del Mar، Sunny Beach، وNomad. والدور آت تباعا على البقية، في سلسلة هدم لا ترحم.

بالنسبة للزوار والسكان، فالأمر محزن. هذه الأماكن كانت جزءا من المشهد، بل من الذاكرة الجماعية. لكن في العمق، كان الكثيرون يعلمون أن هذا اليوم سيأتي. الخميس 15 ماي هو نهاية لحقبة، لكنه أيضا تنفيذ حازم لقانون طال تأجيله.

والسبب: أن هذه المؤسسات كانت تشغل، أو تستغل، تلك المساحات بشكل غير قانوني. أغلبها كانت تستأجر الأرض من وزارة التجهيز والماء، لكن منذ 2018 لم تُجدد عقودها وتوقفت عن دفع المستحقات، وفق مصدر مطلع.

البعض الآخر يملك رسوم ملكية، لكن القانون يمنع البناء الدائم على المُلك البحري، ما يجعل أنشطتهم مخالفة.

لعقود، تم التغاضي عن هذه المخالفات باسم تنمية القطاع السياحي والاجتماعي. غير أن النهاية كانت حتمية، ومع وصول الوالي الجديد محمد مهيدية، الذي أعاد هيبة الدولة إلى جهة الدار البيضاء الكبرى، بات تنفيذ القانون مسألة وقت.

قبل أسبوع من انطلاق العملية، تم إبلاغ أصحاب هذه المطاعم بضرورة إخلاء المواقع واسترجاع ممتلكاتهم. لذا بدا من الغريب أن تكون بعض المطاعم لا تزال بحالتها الكاملة، بمعداتها وتجهيزاتها. في Océana Beach، على سبيل المثال، ظل المسبح ممتلئا، والمكان كما هو، دون أثر للمالكين أو العاملين.

الدار البيضاء الكبرى: نهاية الفوضى

تجدر الإشارة إلى أن عمليات الهدم هذه كانت مبرمجة منذ عام كامل. في يونيو 2024، تم توجيه إنذارات إلى سبع مؤسسات عبر مراسلة من عامل إقليم النواصر السابق، عبد الله شاطر (عامل طانطان حاليا)، تأمرهم بإخلاء المواقع في ظرف 15 يوما. لكن تم تعليق القرار حينها للسماح للمطاعم بإتمام الموسم الصيفي، وتمكين المسؤولين عنها من الاستعداد. رغم ذلك، واصلت هذه المطاعم نشاطها حتى آخر لحظة. أما مصير هذه المنطقة، فلا يزال مجهولا، وسط شائعات عن مشاريع ضخمة مرتقبة، دون إعلان رسمي حتى الآن.

العملية في دار بوعزة، التي اتسمت بالمنهجية والشمولية والحسم، ليست معزولة. إنها جزء من مسار طويل لتحرير الفضاءات العمومية بإقليم النواصر. المرحلة الأولى انطلقت قبل خمسة أشهر، وشملت أكثر من 300 مقهى ومطعم بمناطق الرحمة، وبوسكورة، ودار بوعزة، وأولاد صالح... المرحلة الثانية استهدفت إقامات سكنية (بمختلف المستويات) أقامت بوابات خارج الأجزاء المشتركة وعلى أراضٍ جماعية معبدة، ما حرم المواطنين من ولوج الشواطئ، كما هو الحال في Peninsula وJack Beach.

أما المرحلة الثالثة فاستهدفت مقاهي ومطاعم راقية ببوسكورة، لاسيما الموجودة بمركب One Hill بالمدينة الخضراء. انطلقت عمليات الهدم يوم الثلاثاء 13 ماي. رغم أن هذه المؤسسات كانت على ملك خاص، إلا أن أصحابها لم يحصلوا على التراخيص القانونية لوضع الطاولات أو الزجاج، وغيرها. كما شملت العملية ملاعب الغولف المحيطة بمشروع Prestigia، حيث تجاوزت بعض البنايات العشوائية حدود الإقامة.

في دار بوعزة وبوسكورة ومناطق أخرى، يبدو أن حملة فرض القانون لن تتوقف قريباً. الهدف: فرض احترام القانون ووضع حد نهائي للفوضى.

تحرير من طرف طارق قطاب و عادل كدروز
في 15/05/2025 على الساعة 15:30