رئاسة مفوضية الاتحاد الإفريقي: لماذا يحق لنظام الجزائر أن يشعر بالانتشاء؟

صورة مركبة للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون وصاحبة «الانتصار التاريخي» سلمى مليكة حدادي (AFP/Le360)

في 16/02/2025 على الساعة 19:24

بعد سبع جولات صعبة، وقبل كل شيء بعد عدة سنوات عجاف، حققت الجزائر أول «انتصار» دبلوماسي: منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي المكلف بالشؤون المالية. وهذا يكفي لكي يحتفل النظام المجاور بـ«إنجاز دبلوماسي حقيقي» و«انتصار تاريخي». إنه ليس مخطئا. في ما يلي السبب.

في الجزائر، داخل كل مكونات النظام، من الرئاسة إلى هيئة الأركان، مرورا بالبرلمان والمؤسسات الأخرى، الابتهاج هو سيد الموقف. وسائل الإعلام المحلية في غاية النشوة، ولا تُسمع في شبكات التواصل الاجتماعي إلا لغة الانتصار. الفرحة عظيمة والسعادة عارمة.

فماذا الذي حدث بالفعل؟ كأس العالم التي تم الفوز بها بجدارة واستحقاق في أحد ملاعب المستقبل في الجزائر؟ حتى في «العالم الآخر» لم يتم الإعلان عن تاريخ الفيفا. هل تتحقق رؤية عبد المجيد تبون بأن تصبح الجزائر ثالث أكبر قوة اقتصادية في العالم؟ بحسب آخر الأخبار، لا. الانضمام إلى مجموعة البريكس على الأقل، هذا التجمع الاقتصادي الذي لا يكاد يضاهي عظمة بلد الستة ملايين ونصف المليون شهيد (أو سبعة أو ثمانية أو حتى تسعة)، بعدما بذلت الحكومة جهودا جنونية للحصول على مكان فيه دون جدوى؟ بطبيعة الحال لا. إذن، الحصول على مقعد دائم في مجلس الأمن، مع حق النقض؟ بصراحة، هذا لا قيمة له لأن «القوة الضاربة» لا يمكنها أن تقبل بمثل هذا النصر التافه.

بحثنا ونقبنا في غوغل وتنقلنا بين قنوات الأخبار الرئيسية، وبكل اللغات، ولكن لا يوجد شيء مفرح يتعلق بالجزائر، لا من قريب ولا من بعيد. لا شيء، في الواقع. يتعين التسلح بالصبر، واستخدام شبكة خاصة افتراضية، حتى نتمكن في النهاية من معرفة سبب هذا الانتشاء. وهكذا، فيوم السبت 15 فبراير 2025 في أديس أبابا، فازت الجزائر بأكثر بكثير من كل هذه التتويجات مجتمعة.

وفي نهاية المنافسة الرائعة ضد «الجار المغربي الذي يمثل الشر المطلق»، فازت. ولكن بماذا؟ العودة القوية للدبلوماسية الجزائرية التي أجبرت إدارة ترامب على الرضوخ والتراجع عن اعتراف الولايات المتحدة بمغربية الصحراء؟ يجب ألا نبالغ. فهل ألغت فرنسا كل خطواتها الأخيرة للاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وطلب إيمانويل ماكرون العفو، صاغرا، من نظام الجزائر؟ بطبيعة الحال، لا. إسبانيا إذن؟ لا! يجب عليك تكبير الصورة لتكتشف أن الجزائر حصلت على... منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي المكلف بالشؤون المالية والموارد البشرية. الانتصار ساحق.

احتاجت المرشحة الجزائرية سلمى مليكة حدادي إلى 7 جولات انتخابية للتغلب على المغربية لطيفة أخرباش. المباراة النهائية كادت أن تنتهي بدون فائز تقريبا. وبينما كان تعليق الانتخابات في الأذهان، نجحت الجزائرية أخيرا في جمع الأصوات الـ33 اللازمة للفوز. إن رؤية رد الفعل الأول للمعنية بالأمر، وانفعالاتها التي تكاد تصل إلى حد البكاء، والثقل الكبير للمسؤوليات التي تنتظرها، يجعلنا نفهم أننا كنا أمام لحظة تاريخية حقيقية. مرت حقيقة دون أن يلاحظها أحد. وأما قدرتها على تدبير الملفات الإدارية البحتة، فهذا أمر مختلف بالنسبة لهذه القانونية التي لا تمتلك سوى بضعة أشهر من الخبرة كسفيرة في إثيوبيا. معليش. الخلفية الفكرية؟ ما مدى أهمية الرؤية؟ ما هي جودة العرض الذي تم تقديمه لرؤساء الدول؟ أوف!

إن النظام الجزائري المنتشي احتفل بالنصر التاريخي كما ينبغي. وأكثر من ذلك بكثير. إن النصر كبير جدا، وإذا كان من حق أحد أن يشكك فيه، فإن النظام الجزائري يعرف ذلك. وهو يعلم أنه كسر المؤامرة الدولية التي كانت تحاك ضد الجزائر، وهي الحرب التي يشنها الثلاثي المغربي-الفرنسي-الإسرائيلي والذي يختبئ خلفه العالم بأسره. فقد أعلن وزير الاتصال الجزائري دون أن يرف له أي جفن أن 9000 (نعم تسعة آلاف) صحفي في العالم يعملون من أجل هدف وحيد وهو تشويه صورة الجزائر. ولذلك فإننا ندرك أن «هزيمة» المغرب، مهما كانت المعركة، تساوي كل ذهب العالم بالنسبة للنظام الجزائري.

المرافعة: «المغرب لديه كل شيء. نحن لا شيء»

لنكن موضوعيين للحظة واحدة. لقد استحقت الجزائر هذا النصر، وللنظام الحاكم كل الحق في أن يحتفل به. ويتعين علينا أيضا التفكير في إرسال الزهور والبطاقات بأحرف ذهبية. السيد الأمين العام للأمم المتحدة ماذا تنتظر؟ وأنتم رؤساء الدول ماذا تنتظرون؟ والسبب هو أنه مرت سنوات دون أن يحقق النظام الجزائري أدنى نجاح دبلوماسي. ليس بسبب قلة المحاولة، ولكن كل محاولاته كان مصيرها الفشل الذريع. وبسبب غضبه من جزء كبير من أوروبا، لا يعتمد إلا على تونس الآن كحليف في العالم العربي. وفي المنطقة المحيطة بها و«امتدادها الإفريقي»، فإن الوضع أسوأ. الجزائر «محاصرة». حتى أن «شقيقها الأكبر» الروسي تخلى عنها، وحليفتها الصينية تفضل الآن عدوها الأسوأ: المملكة. إن الرفض الواضح للانضمام إلى مجموعة البريكس، «بسبب الافتقار إلى الوزن الاقتصادي والتأثير»، بحسب الكلمات التي جاءت على لسنان رئيس الدبلوماسية الروسية سيرغي لافروف، ترسم، من بين أمور أخرى، صورة قاتمة. إن منصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي هو أحد أسباب العزاء لها. ثم إن العدو المغربي يحتل بالفعل المركز الاستراتيجي الثالث في المنظمة الإفريقية، في شخص فتح الله السجلماسي.

إذا كانت سلمى مليكة حدادي الآن نائبة رئيس المفوضية الإفريقية المكلفة بالمالية، فهو المدير العام. لذلك لا ينبغي الإفراط. ولكن يجب أن يكون هناك حد لجشع المغرب، الذي بعد سبع سنوات فقط من عودته إلى الاتحاد الإفريقي، احتل مقعدا في مجلس السلم والأمن الحيوي لمدة خمس سنوات. وفضلا عن ذلك، كانت هذه «الهيمنة» المغربية هي الحجة الرئيسية التي استخدمتها الجزائر أمام البلدان الإفريقية الأخرى، قبل فترة طويلة من التصويت وخلاله. في كل الأحوال، كل الوسائل جيدة للعودة إلى المسار الصحيح. إذا كان لا بد من البكاء فليكن. علاوة على ذلك، تمكن المغرب وحلفاؤه من انتخاب الجيبوتي علي محمود يوسف، وزير خارجية البلد الذي يدعم الوحدة الترابية للمملكة والذي افتتح قنصلية له في الداخلة، رئيسا للمفوضية الإفريقية. لا ينبغي الإفراط.

ورغم ذلك، فإن هذه المناورة لم تنجح تقريبا. انتهت العملية الانتخابية لمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بعد 6 جولات متقاربة حيث كانت النتائج متعادلة أحيانا وبفارق صوتين إلى أربعة أصوات في بعض الأحيان. ومن المشروع التساؤل عما إذا كانت هناك «حجج» أخرى جاءت لتعوض عيوب المرشحة الجزائرية، ولكن يجب أن نبقى متواضعين. وتجدر الإشارة إلى أن ست دول صديقة وحليفة للمغرب (الغابون والنيجر وبوركينا فاسو ومالي وغينيا والسودان) لم تتمكن من المشاركة في الانتخابات بسبب تعليق عضويتها في الاتحاد الإفريقي. كان وجودهم سيحدث الفارق. لقد كانت الصدفة هي التي رتبت الأمور.

والآن، دعونا نلاحظ أن القضية الوحيدة التي ناقشتها قمة الاتحاد الإفريقي بالنسبة للجزائر كانت انتخاب نائبة رئيسها، بعد الكارثة التي حلت بها في مجلس السلم والأمن. فهل رافق هذا الانتصار حملة حول «حقوق الشعب الصحراوي»؟ لا. بالمناسبة، ماذا حل بالبوليساريو؟ هل من أخبار عن الجمهورية الوهمية؟ هل استغلت الجزائر كل ثقلها للفت الانتباه إلى «الصحراء الغربية، آخر مستعمرة في إفريقيا» خلال قمة الاتحاد الأفريقي؟ والو. لم يتم التطرق لهذا الموضوع مطلقا ولم يكلف أحد نفسه حتى عناء ذكره. وعلى العكس من ذلك، شهد النظام الجزائري عملية تصحيح. ففي كلمته في الجلسة العامة، أوضح محمود عباس أن المستعمرة الأخيرة في العالم هي الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وهكذا جرى كل شيء على المستوى الثنائي، وتوالت عمليات سحب الاعتراف الإفريقي بمغربية الصحراء، مع إغلاق القنصليات في العيون والداخلة. لا، لا. لا شئ. لا شيء، هذا هو بالضبط ما حصل عليه نظام الجزائر، الذي اضطر إلى التسول من أجل الحصول على مقاعد إدارية بحتة في قمة الاتحاد الإفريقي. إن التباهي بالنصر هو بمثابة تنفيس بعد سنوات عجاف طويلة. وحتى لو لم يتمكن سوى عدد قليل من الناس من ذكر اسم نائبة رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي، فإننا جميعا يجب أن نكون سعداء لأن النظام الجزائري قد وجد بعض الفتات ليقتات منه. لأنه لا يتعين أن نتركه يموت جوعا.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 16/02/2025 على الساعة 19:24