بمناسبة صدور كتابه حول ابن رشد، يقول منير السرحاني بأنّ عملية الانتقال من الشعر إلى الرواية إلى النقد إلى الترجمة تتم وفق طريقة سلسة لا ترهن نفسها بأيّ مُحدّدات قبلية، بل تترك للجسد وتكوينات الطفولة، وهي تُمارس سحرها على ذائقة الكاتب وتدفعه صوب مناخات أدبيّة مُختلفة. لهذا فإنّ الزخم الأدبي الذي يعيشه يعتبره أمراً عادياً لا يستطيع أنْ يتحكّم فيه أو يفُكّ أواصره، لأنّه امتداد عميق لمفهوم التنشئة الاجتماعية التي تتحكّم في الفرد وتُوجّه كتاباته وذائقته صوب عوالم لم يكُن يحلم بها في طفولته.
وإلى جانبه روايات من قبيل: « الذهاب إلى السواد »، « عشت من انتظارك »، « عارية كليل » يُعرف السرحاني في كونه من المترجمين الجديد الذي عملوا على نقل الأدب المغربي إلى اللغة الفرنسية، كما هو الحال لتجربة محمد بنيس في « ورقة البهاء » وحسن نجمي في « على انفراد ». وهي تجربة عميقة إذْ تُساهم بوعي كبير في نقل الأدب المغربي إلى قارئ آخر، بما يجعله يُحقّق نوعاً من المُثاقفة التلقائية التي تتمّ بين التجارب الشعرية المعاصرة، ويضمن لها تواجدها واستمراريتها داخل بيئات متعدّدة وجغرافيات مختلفة، بما تُضيء ألقها ووجودها.
أمّا عن سبب إصداره كتاب حول ابن رشد في زمن الصورة والميديا، فيرى كاتبه بأنّ هذا المفكّر نحن في حاجة إليه، فهو بالنسبة له موعد تاريخي كبير لكون القضايا التي شغلت ابن رشد في حياته وبعد مماته، ماتزال إلى حدود اليوم تطرح نفسها بشدّة داخل الساحة الفكريّة وتستدعي بعض المناهج المعاصرة لتحليلها وإعادة النّظر فيها وما تقترحه من سياقات ونُظم وأفكار.