مع اقتراب الامتحانات.. معاناة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد تتجدد بسبب تغيير المرافقين

معاناة الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد

اضطراب طيف التوحد (صورة تعبيرية)

في 10/05/2025 على الساعة 09:00

في ظل التحولات التي تعرفها المنظومة التعليمية بالمغرب، برزت «التربية الدامجة» كخيار استراتيجي يؤكد التزام المملكة بضمان حق التعليم للجميع، دون تمييز أو إقصاء. هذا التوجه التربوي، يهدف إلى إدماج الأطفال في وضعية إعاقة داخل المدارس العمومية، وتوفير تعليم ملائم لهم إلى جانب أقرانهم، في بيئة مدرسية دامجة ومنصفة.

اليوم، ورغم المكاسب التي تحققت مع إطلاق مشروع «التربية الدامجة» عام 2021، تحت شعار: « لن نترك أي طفل خلفنا»، بهدف دمج جميع المتعلمين، بمن فيهم ذوو الاحتياجات الخاصة، في بيئة تعليمية واحدة تتيح لهم التعلم مع أقرانهم بطريقة عادلة ومتكافئة، إلا أن إجراءات لاحقة، بحسب مختصين، جاءت بنتائج عكسية على هذه الفئة، خصوصا الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد.

وفي وقت تسعى فيه التربية الدامجة إلى إزالة الحواجز المادية والنفسية والاجتماعية التي قد تعيق مشاركة بعض التلاميذ في العملية التعليمية، وتعمل على تكييف المناهج وطرق التدريس لتناسب احتياجات الجميع، وتعزز مبدأ احترام الفروقات الفردية وتعزيز ثقافة التقبل والمساواة، مما يسهم في بناء مجتمع أكثر شمولاً وإنصافاً، هناك تحديات تحول دون تحقيق هذه الأهداف بشكل كامل، خصوصا بالنسبة للأطفال المصابين بالتوحد واللذين يحتاجون معاملة خاصة. ويتعلق الأمر بالصعوبات التي يواجهونها مع تغيير مرافقيهم أيام الاختبارات.

فردوس الدحيمن، الأخصائية النفسانية ومديرة جمعية الأيادي الممدودة للتوحد والإعاقة، تؤكد أن التكييفات الأخيرة الخاصة بالامتحانات، والتي أُقرت خلال سنتي 2023 و2024 لمحاربة الغش، لم تراعِ خصوصيات الأطفال المصابين بالتوحد. إذ تنص المراسيم الجديدة على ضرورة تغيير مرافق الحياة المدرسية إلى الطفل أقل سنا يوم الامتحان، وهو ما يشكل عرقلة كبيرة في توازن هؤلاء التلاميذ.

«أطفال التوحد يعانون من اضطرابات في السلوك والتواصل، ويحتاجون إلى استقرار في علاقتهم اليومية، خصوصا مع المرافقة التي تقضي معهم العام الدراسي كاملاً. هذه العلاقة لا تُبنى بسهولة، وأي تغيير مفاجئ يمكن أن يؤدي إلى تدهور حالتهم النفسية ويؤثر على أدائهم»، توضح الدحيمن.

الأخصائية تشرح أن هؤلاء الأطفال يحتاجون إلى بيئة آمنة ومتوقعة، وأي كسر لهذا النسق، كاستبدال مرافقهم يوم الامتحان بشخص جديد غالبا ما يكون أصغر سناً وأقل خبرة، يُحدث خللاً كبيراً في سلوكهم واستجابتهم. «من غير الممكن توقع أو ضبط سلوك الطفل في مثل هذه الظروف»، تضيف المتحدثة.

جمعيات التوحد والإعاقة، وعلى رأسها جمعية «الأيادي الممدودة»، تطالب الوزارة الوصية بمراجعة هذه القرارات بشكل عاجل، بما يضمن حق الأطفال في التمدرس في بيئة تراعي خصوصياتهم النفسية والسلوكية، وتمنحهم فرصة متكافئة لخوض الامتحانات دون عوائق إضافية.

وشددت الدحيمن على أن التحديات التي تواجهها فئة الأطفال ذوي التوحد في الوسط المدرسي، خاصة أثناء الامتحانات، تستدعي تفكيرا عميقا في كيفية تطبيق مشاريع الإدماج دون إقصاء أو ضرر غير مقصود. فالهدف لا يجب أن يكون فقط إدماجهم شكليا، بل خلق نظام تربوي فعّال يضمن احترام خصوصياتهم وتمكينهم من النجاح.

يذكر أن برنامج التربية الدامجة نجح منذ إطلاقه في إدماج آلاف التلاميذ في الأقسام الدراسية العادية، وتكوين الأطر التربوية في كيفية التعامل مع التلاميذ ذوي الاحتياجات الخاصة، فضلاً عن إعداد دلائل بيداغوجية تُراعي خصوصية كل حالة. كما تم تجهيز العديد من المؤسسات التعليمية بوحدات داعمة وأقسام دامجة تستقبل هؤلاء التلاميذ في بيئة ميسّرة ومحفزة.

غير أن هذا الورش يواجه تحديات واقعية، منها قلة الموارد البشرية المتخصصة، وضعف التجهيزات في بعض المؤسسات، إلى جانب غياب الوعي المجتمعي الكافي بأهمية التربية الدامجة. ورغم الجهود المبذولة، فإن الطريق لا يزال طويلاً لتحقيق مدرسة دامجة بشكل شامل وفعّال.

تحرير من طرف فاطمة الزهراء العوني
في 10/05/2025 على الساعة 09:00