المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان يكتب: الجزائر تدين بحدودها لفرنسا

Bernard Lugan.

المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان

في 28/01/2025 على الساعة 11:00

مقال رأيتُهاجم الجزائر فرنسا بشكل يومي في سلوك عديم الجدوى تماما، حيث أدت هذه الحملة الجزائرية المسعورة إلى إثارة أغلبية الرأي العام الفرنسي ضد الجزائر. هذا الرأي العام بدأ يملُّ من الانتقادات المستمرة التي توجهها الجزائر لفرنسا، وهي دولة تدين لها الجزائر بكل شيء، حتى باسمها، بل ويجب عليها أن تشكر فرنسا لأنها منحتها حدودها عبر اقتطاع أراضٍ من المغرب.


منذ أن اعترفت فرنسا بمغربية الصحراء، تدهورت العلاقات بين باريس والجزائر إلى أدنى مستوياتها. وهو ما يؤكد، إن كان هناك أي شك، أن الجزائر هي التي خلقت بالكامل المشكلة المصطنعة لما يُسمى بالصحراء « الغربية ». وبسلوك مليء بالغضب غير المبرر وبعيد عن الأعراف الدبلوماسية، تهاجم الجزائر فرنسا يوميا. هذا السلوك أثمر عن نتيجة عكسية تماما، إذ أثار غضب أغلبية الرأي العام الفرنسي الذي ضاق ذرعا بالمحاكمات اللامتناهية التي تشنها الجزائر على فرنسا. الجزائر، التي تدين بكل شيء لفرنسا، بما في ذلك اسمها، كان يجدر بها بدلا من ذلك أن تشكر فرنسا لأنها منحتها حدودها عبر اقتطاع أراضٍ من المغرب.

في الواقع، إذا كانت الجزائر تدافع بشراسة عن الحدود التي رسمها المستعمرون، فهذا يعود لأنها المستفيد الأكبر من « التقطيع » الحدودي الذي أدى إلى خلقها. وقد تمت هذه السياسة على أربع مراحل رئيسية:

1) المرحلة الأولى: بدأت مع بداية الوجود الفرنسي في الجزائر، حين تم توقيع معاهدة طنجة في 16 شتنبر 1844، تلتها معاهدة لالة مغنية في 18 مارس 1845، لوضع حد للصراع الفرنسي المغربي. حددت هذه الأخيرة الحدود الجزائرية المغربية بطريقة غامضة لدرجة أن أجزاء كاملة من الأراضي المغربية أُلحقت تدريجيا بالجزائر التي كانت حينها تحت السيطرة الفرنسية، لا سيما منطقة تندوف التي كانت تخضع للإدارة المغربية دائما. وقد كانت وادي درعة وتندوف تحت سلطة خليفة تافيلالت، حيث كان القُياد يُعيّنون بأوامر سلطانية كما تُثبت ذلك الوثائق المغربية.

2) المرحلة الثانية: تعود إلى نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، عندما تقدمت القوات الفرنسية نحو « الجنوب الكبير »، أي مناطق الساورة، قورارة، توات، وتيديكلت. في عام 1884، طلب بوعمامة، أحد زعماء قبيلة أولاد سيدي الشيخ التي بايعت السلطان المغربي، حماية هذا الأخير. ثم في عام 1886، وضعت قبائل تيديكلت نفسها أيضا تحت الحماية المغربية.

في 5 غشت 1890، وُقعت اتفاقية سرية بين فرنسا وبريطانيا لتحديد مناطق نفوذهما في إفريقيا. وحصلت فرنسا، التي كانت تطمح آنذاك لإنشاء سكة حديدية عابرة للصحراء، على حق التوسع في توات، قورارة، إگلي ووادي الساورة. وبالرغم من أن هذه المناطق كانت تاريخيا ودينيا وسياسيا مغربية، إلا أنه وفقا للاتفاقية، تم اقتطاعها من المغرب وضمها إلى الجزائر الفرنسية. وفي أكتوبر 1903، احتُلّت بشار، وهي أرض مغربية، كونها نقطة استراتيجية تتيح السيطرة على وادي غير العالي، واحات توات، ومسارات السودان.

3) المرحلة الثالثة: وقعت في 27 يونيو 1900، حيث تم توقيع اتفاقية تحدد ممتلكات فرنسا التي ستشكل مستقبلا موريتانيا والصحراء الإسبانية.

4) المرحلة الرابعة: حدثت عندما قررت فرنسا منح الاستقلال للجزائر، حيث قامت بتحديد الحدود الصحراوية لصالح الجزائر، التي ورثت بذلك الجزء الأكبر من الصحراء، وهي مناطق لم تمارس عليها أي سيادة من قبل.

في الواقع، فإن السبب وراء اعتقال بوعلام صنصال وسجنه كرهينة، هو قوله الحقيقة حول هذه الاقتطاعات الترابية التي تعرض لها المغرب لصالح الجزائر. إذ صرّح في 2 أكتوبر 2024 لإحدى المجلات الفرنسية قائلا: « عندما استعمرت فرنسا الجزائر، كانت كامل المنطقة الغربية من الجزائر جزءًا من المغرب »، ما أدى إلى سجنه وتهديد حياته بالموت داخل السجن.

ومع ذلك، ورغم استياء الجزائر وبنيامين ستورا، فقد كانت مناطق توات، تيديكلت، قورارة، تندوف، بشار وتبلبالة قبل الفترة الاستعمارية، مغربية بالكامل، وكان يديرها قُياد يتم تعيينهم بظهائر سلطانية.

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 28/01/2025 على الساعة 11:00