المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان يكتب: عودة إلى مسألة الاقتطاعات الترابية التي تعرض لها المغرب

Bernard Lugan.

المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان

في 17/12/2024 على الساعة 11:00

مقال رأيفي خضم اعتقال الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، الذي ارتكب في نظر النظام الجزائري « جريمة » التأكيد على الحقوق التاريخية للمملكة المغربية في الغرب الجزائري، أعاد المؤرخ الفرنسي برنارد لوغان التذكير بالاقتطاعات الترابية التي فرضتها فرنسا على المغرب لصالح الجزائر الفرنسية. فبعد استقلال الجزائر عام 1962، تمسكت الجزائر الجديدة بالأمر الواقع الاستعماري، أي الإبقاء على الحدود التي نشأت عن الاستعمار، والتي اقتطعت من المغرب عدة مناطق.


عندما استعاد المغرب استقلاله عام 1956، لم يستعد سيادته الإقليمية الكاملة. فقد تم استرجاع السيادة فقط على المنطقتين اللتين كانتا تحت الحماية الفرنسية والإسبانية، وذلك في 2 مارس و7 أبريل من العام نفسه.

ثم، في عام 1962، طُلب من المغرب الاعتراف بخسارة أقاليمه الشرقية (قورارة، تيديكلت، الساورة، بشار، تندوف، تبلبالة، وغيرها) وقبول ربطها بالجزائر، وهي دولة أنشأها المستعمر. هذه الجزائر، التي أكدت أنها وريثة فرنسا الاستعمارية، رفضت أي مفاوضات ترابية مع المغرب، متراجعة بذلك عن التزاماتها بموجب بروتوكول الاتفاق الموقع في 6 يوليوز 1961 بين جلالة الملك الحسن الثاني ملك المغرب وفرحات عباس نيابة عن الحكومة المؤقتة للجمهورية الجزائرية (GPRA).

في عام 1975، وأثناء عملية إنهاء الاستعمار في الصحراء الإسبانية (الصحراء المعروفة بـ « الغربية »)، طُلب من المغرب قبول أن تصبح أقاليمه الساقية الحمراء ووادي الذهب، التي كانت تحت الاحتلال الإسباني، « دولة صحراوية »، وهي في الحقيقة امتداد لأطماع جزائرية هدفها فتح منفذ على المحيط الأطلسي. كانت الجزائر في ذلك الحين تعلن نفسها وريثة مباشرة لأكثر التيارات تطرفاً في الاستعمار الفرنسي، الذي كان يخطط لاقتطاع الجنوب المغربي بهدف منح منفذ أطلسي للجزائر الفرنسية.

وفقا للقانون الدولي، وباعتبار المغرب « دولة تم تفكيكها بفعل الاستعمار »، كان من الواجب، بعد انتهاء حقبة الاستعمار، إعادة تكوينه في حدوده ما قبل الاستعمار. وفي هذا السياق، فإن القرار رقم 1514 الصادر عن الأمم المتحدة بتاريخ 14 أكتوبر 1960 واضح في هذا الشأن:

« لا يمكن للمناطق التي انتُزعت من بلد ذي سيادة أن تخضع لأي شكل من أشكال إنهاء الاستعمار سوى إعادة دمجها في البلد الأصلي الذي اقتُطعت منه ».

وينص البند السادس من القرار على أنه: « إذا كانت دولة قد تم تفكيكها من قبل الاستعمار، فيحق لها استعادة سلامتها الترابية بعد انتهاء الاستعمار ».

بناء على ذلك، في عام 1956، مع استقلال المغرب، وفي عام 1962، مع استقلال الجزائر، وأخيرا في عام 1975، مع إنهاء الاستعمار في الصحراء الإسبانية، كان ينبغي إعادة سيادة المغرب على الأقاليم التي اقتُطعت منه، سواء على يد فرنسا أو إسبانيا. غير أن ذلك لم يتحقق بسبب موقف الجزائر.

اعتمادا على التاريخ والقانون الدولي، دافع المغرب باستمرار عن أن خطوط الترسيم التي فرضها المستعمرون الفرنسيون والإسبان بشكل أحادي، لا يمكن أن تُعارض حقوقه التاريخية.

أما الجزائر، فتبنّت الموقف المناقض، حيث تمسكت بالأمر الواقع الاستعماري، أي الإبقاء على الحدود التي رسمها الاستعمار، سواء كانت تلك الحدود حقيقية أو مجرد خطوط إدارية داخل الكيانات الاستعمارية. وعللت الجزائر موقفها بالاعتماد على المبدأ الذي أقرته الأمم المتحدة، والذي ينص على أن « حدود الدول الجديدة تُقام وفق حدود المقاطعات الاستعمارية السابقة التي تخلفها هذه الدول ». لكن هذا المبدأ لم يكن ينطبق بطبيعته على المغرب، بوصفه دولة ذات سيادة تاريخية، بل كان ينطبق فقط، وفقا للقرار رقم 1514 الصادر عن الأمم المتحدة في 14 أكتوبر 1960، على « الدول الجديدة » التي أنشأها الاستعمار، أي معظم الدول الإفريقية، بما في ذلك الجزائر، وليس على المغرب العريق.

علاوة على ذلك، لم تكتف الجزائر بوراثة الحدود الاستعمارية التي رُسمت لصالحها على حساب المغرب، بل ذهبت إلى حد تقديم مطالب غريبة بشأن الصحراء الغربية، وهي أرض مغربية تاريخيا لم يكن لها، بحكم الواقع، أي حق فيها. ورغم ذلك، زعمت الجزائر أنها قضية « تصفية استعمار ». مع ذلك، وفي عام 2023، صرح السيد أنطونيو غوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، بأن إنهاء الاستعمار في هذا الإقليم المغربي الواقع تحت الاستعمار الإسباني قد تحقق في عام 1975.

في الحقيقة، قضية الصحراء الغربية هي صراع مصطنع، هدفه تمكين الجزائر من الهروب من عملية إنهاء الاستعمار التي كان ينبغي أن تتم داخل أراضيها عام 1962. فعند استقلال الجزائر، كان من الواجب عليها إعادة المناطق المغربية التي ربطها الاستعمار الفرنسي بها إلى المغرب. على الأقل، كان من المفترض أن تطرح الأمر على استفتاء يشارك فيه سكان هذه الأقاليم المغربية، الذين انتقلوا من الاستعمار الفرنسي إلى الاستعمار الجزائري، ونقصد هنا، من جديد، سكان بشار، تندوف، تبلبالة، الساورة، توات، قورارة، وتيديكلت (للتوسع أكثر في الموضوع راجع كتابي: الصحراء الغربية في 10 أسئلة (2024).

تحرير من طرف برنارد لوغان
في 17/12/2024 على الساعة 11:00