كما في عامي 2019 و2020، خلال عام 2021 شملت الصراعات الإفريقية نفس البلدان ونفس المناطق، وهي ليبيا ومنطقة الساحل والقرن الإفريقي ووسط إفريقيا ومنطقة البحيرات الكبرى وموزمبيق. وفضلا عن ذلك، تصاعد التوتر بشكل كبير بين المغرب والجزائر وتصدرت إثيوبيا مرة أخرى واجهة الأحداث مع قضية انفصال تيغراي.
سياسيا، شهد عام 2021 أيضا عددا من الانتخابات التي زكت المعطيات الديموغرافية، بمعنى أن الجماعات الإثنية الأكثر عددا تتوفر على الجماعات الأقل عددا.
في ليبيا، في نهاية عام 2021، ظلت السمة الغالبة هي التقسيم والتجزئة. يسيطر الجنرال حفتر، الذي انكفأ إلى برقة بعد الفشل في الاستيلاء على طرابلس، بدعم من مصر والإمارات العربية المتحدة، على موانئ النفط في خليج سرت، بينما في طرابلس، حكومة الوحدة الوطنية، التي تشكلت في 19 يناير 2016 تحت ضغط الأمم المتحدة، لم تستطع الاستمرار إلا بفضل التدخل العسكري التركي.
في الجزائر، على الرغم من أن كوفيد-19 وضع حدا للاحتجاجات الضخمة للحراك، فإن الأزمة لا تزال قائمة. إن الوضعية الاجتماعية الكارثية والبطالة المروعة في صفوف الشباب، الذين لم يتبق لهم كأفق وحيد، من أجل البقاء، إلا الهجرة إلى أوروبا. فضلا عن ذلك، طوال عام 2021، لم تتوقف العشائر الانكشارية في حبك المؤامرات والتناحر في ما بينها، حيث تم سجن حوالي 30 جنرالا. انكشفت حقيقة "الجزائر الجديدة" التي أعلنها الرئيس تبون، إذ ليست في حقيقة الأمر إلا امتدادا لنظام بوتفليقة الشائخ: فأعمار الرئيس تبون والجنرال شنقريحة رئيس الأركان والجنرال بنعلي بنعلي قائد الحرس الجمهوري وصلاح قوجيل رئيس مجلس الأمة، الرجل الذي من المفترض نظريا أن يتولى الفترة الانتقالية في حال شغور منصب الرئيس، تتراوح على التوالي 76 و77 و85 و90 سنة. أي أن هذه الشخصيات الأربعة تقترب من نهاية ساعتها البيولوجية ...
بعد قطع النظام الجزائري للعلاقات الدبلوماسية مع المغرب من جانب واحد، ثم بعد حظر المجال الجوي أمام الطائرات المدنية المغربية ووضع حد لخط أنابيب الغاز إلى إسبانيا الذي يمر عبر المغرب، استمر الخطاب الحربي الجزائري في التصاعد. جوهر المشكلة هو قضية الصحراء التي فصلها الاستعمار عن المغرب. ومع ذلك، تعد هذه القضية، بالنسبة للمغاربة، مثل قضية "الألزاس واللورين"، بينما يرغب الجزائريون في إنشاء "دولة صحراوية" تكون تابعة لهم، الأمر الذي من شأنه أن يمنع المغرب من أن يكون له شريط ساحلي يمتد على عدة آلاف من الكيلومترات من طنجة في الشمال إلى الحدود الموريتانية جنوبا. الخطر هو أنه، من خلال تصعيد اللهجة والخطاب الحربي خلال سنة 2022، سينتهي الأمر بالوصول إلى نقطة اللاعودة، مما قد يؤدي إلى صراع لن تكون له سوى نتائج سلبية بالنسبة للجزائر والمغرب.
الجديد في منطقة الساحل، خلال عام 2021، هو تفاقم المواجهة بين ما يُسمّى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية" في الصحراء الكبرى، المرتبط بـ"داعش"، والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة. في شمال مالي، تغيرت موازين القوى المحلية بشكل كبير بسبب مقتل "أمرائها" الجزائريين على يد قوات برخان الفرنسية، ولم يعد تنظيم القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي يسير محليا من قبل الأجانب، ولكن من قبل الطوارقي إياد أغ غالي الذي تدعمه الجزائر والذي تعد دوافعه في الأساس دوافع عرقية قبلية.
إلى الجنوب، في المسينة، في ما يسمى منطقة "الحدود الثلاثة"، في ليبتاكو وفي سوم، الصراع متجدر في جزء من جماعة الفولاني العرقية. ومع ذلك، فإن الجهاديين يسعون إلى استغلال وجودهم العابر للحدود لتوسيع أعمالهم الإرهابية لتشمل منطقة الساحل بأكملها ومنطقة السودان. على وجه الخصوص في بوركينا فاسو، آخر معقل قبل الوصول إلى البلدان الساحلية، بما في ذلك ساحل العاج. في المنطقة التشادية، شهد عام 2021 عودة فرعي بوكو حرام، بينما في الكاميرون، شهد الجزء الناطق بالإنجليزية الواقع في جنوب غرب البلاد، والذي يضم 20٪ من الكاميرونيين، تمردا انفصاليا.
في جمهورية إفريقيا الوسطى، لا يبدو أن هناك شيئا قادرا على إنهاء حرب عرقية مشينة يتم شنها مرة أخرى تحت غطاء ديني. شهد البلد خلال عام 2021 تطورا على الطريقة "الليبية" مع حرب الجميع ضد الجميع، الميليشيات العرقية القبلية التي تعيش على استغلال الثروات الباطنية.
في جمهورية الكونغو الديمقراطية، في إيتوري، أي في منطقة بحيرة ألبرت، شهد عام 2021 إحياء حرب عرقية شرسة شنها الليندو. لذلك، على الرغم من وجود 16000 من قوات حفظ السلام، بدأ كل شيء مرة أخرى في قلب منطقة قابلة للاشتعال خاصة وأنها مجاورة لبؤر توتر في جنوب السودان وجمهورية إفريقيا الوسطى.
فشل جنوب السودان في تجاوز الخلاف بين الدينكا والنوير. ومع ذلك، ينبغي ألا تنسينا هذه الحرب الأهلية المستمرة أن الخلاف الإقليمي والنفطي بين السودانين لم تتم تسويته بعد، وبالتالي يمكن استئناف الحرب بين الدولتين في أي وقت.
كما أن السودان الشمالي شهد أحداثا تمثل تكرارا دقيقا لما حدث في مصر بين عامي 2011 و2013. ففي مواجهة احتجاج شعبي ضخم في عام 2019 دون الرغبة في مواجهة الجماهير بشكل مباشر، سمح الجيش لهذه الأخيرة بإزاحة بالجنرال عمر البشير عن السلطة، لكنه ظل ممسكا بزمام الأمور. ثم في ليلة 24-25 أكتوبر تولى الجنرال البرهان مقاليد الحكم.
استمرت الحرب الأهلية في الصومال في خضم التوتر مع كينيا، كما عادت الحرب الأهلية إلى إثيوبيا بعد إعلان إقليم تيغراي انفصاله عن هذا البلد. ومع ذلك، فإن هذه الحرب تشكل تهديدا خطيرا للغاية لاستقرار القرن الإفريقي بأكمله بسبب الارتباطات العرقية العابرة للحدود.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إثيوبيا مهددة بالتدخل الجوي المصري بسبب استمرار أشغال بناء مشروع للطاقة الكهرومائية الذي سيخفض تدفق مياه نهر النيل، وهو ما لن تقبله أبدا مصر.
ولا يزال شمال موزمبيق يعرف تحركات المقاتلين الإسلاميين الذين تمتد تفرعاتهم حتى الصومال.