أنيسة بومدين: الوجه الحقيقي للسيدة الأولى السابقة في الجزائر

أنيسة أغنيس المنصالي، زوجة بوخروبة – الهواري بومدين)، خلال مسيرة سياسية لدعم المرشح عبد المجيد تبون، بالجزائر العاصمة، خلال الانتخابات الرئاسية 2019

في 04/07/2025 على الساعة 11:44

بورتريمقيمة في شقة مترفة بالدائرة السادسة عشرة في باريس، تنعم أنيسة بومدين، أرملة الرئيس الجزائري الراحل هواري بومدين، بالحرية التي تتيحها الجمهورية الفرنسية، بينما ترفض أبسط التفاتة إنسانية تجاه الكاتب المسجون بوعلام صنصال. بين الحسابات السرية والممتلكات المشبوهة، الترف الفاحش والخطابات الوطنية الجوفاء، ترتسم صورة وريثة تجمع بين ثروة غامضة ووطنية صالونات، تلوّح من فرنسا بالسيادة الجزائرية كعصا غليظة.

تلك التي وصفت زوجها الانقلابي بأنه «عملاق التاريخ» (جريدة الوطن ليوم 27 يوليو 2018) لا تتراجع؛ فها هي تهاجم بوعلام صنصال على إذاعة فرنسية (استمع إلى المقابلة لمدة 8 دقائق على إذاعة Africa Radio) وتتباهى بمعرفتها بوجوده في جحيم سجون الجزائر. عندما سُئلت عن الحملة الدولية المطالبة بعودة صنصال إلى فرنسا، أثارت السيدة الأولى السابقة، التي تتمتع بمنفى ذهبي في فرنسا بينما تلقي دروسًا في الوطنية، صدمة بردها الجاف بأنها تعارض بشدة أي إطلاق سراح للمحتجز. لم يسبق لشخصية عامة أن تجرأت على التعبير بهذه الطريقة في فرنسا، حيث يقتصر المدافعون المتحمسون لنظام الجزائر غالبًا على إعلان قضية بوعلام صنصال « شأنًا جزائريًا-جزائريًا »، أو الكذب والتمني على شاشات التلفزيون إطلاق سراحه « نظرًا لسنه »!

أنيسة أغنيس بوخروبة، المعروفة باسم مدام بومدين، المستفيدة الساخرة من امتيازات العشيرة الحاكمة السابقة، دافعت دائمًا بشراسة عن الدكتاتورية الجزائرية. اليوم، وهي امرأة عجوز نكدة تبلغ من العمر 75 عامًا، منسية في طيات التاريخ، كانت دائمًا حلقة وصل بين كبار مسؤولي الجزائر، الذين يكرهونها رغم ذلك، والذين استخدموها في كل مرة فقط في دعايتهم الرئاسية، من اليمين زروال إلى عبد المجيد تبون، مروراً بعلي بن فليس الذي دعمته ضد بوتفليقة. في تلك المناسبات النادرة، يقدمون لها لقب « مدام بومدين »، ويجعلونها تستعرض في وسائل الإعلام المحلية، في « مؤتمرات » لدعم المرشحين، ثم يتم إبعادها عن البلاد بسرعة.

أولى الفضائح: «ألماس الدولة» ومصاريف بلا حدود

لم تكن الأرملة تحظى بتقدير كبير من المقربين من بومدين. عند وفاته عام 1978، فرت من الجزائر وغادرت إلى فرنسا، حيث سعت العصابة العسكرية-السياسية الجديدة الحاكمة للحصول على أسرار زوجها الكبيرة منها. ولكن ما هي هذه الأسرار؟ أعلن الشاذلي بن جديد أنها شخص غير مرغوب فيه في دوائر السلطة ورفض استقبالها. كانت هناك إشاعات في ذلك الوقت عن نمط حياة السيدة الأولى السابقة غير الواقعي، حيث كانت تنفق بلا حدود أموالًا من خزائن الدولة.

وكان زوجها يغض الطرف لتغطية زوجته الشابة بالهدايا الفاخرة. في ذلك الوقت، كانت أنيسة دمية اجتماعية يحب هواري الفظ التباهي بها في كل رحلة أو عندما يستقبل ضيوفًا. مع الزوجين جيسكار ديستان، في الأمم المتحدة، وفي أوروبا الشرقية، كانت مثل غنيمة من استخراجه الشعبي. يمكن رؤيتهما وهما يتظاهران لـ«باريس ماتش» و«بوان دو فيو» ويلعب الزوجان دور النجوم الذين يحبون المال.

قام هواري بإعادة بناء أسنانه لأنه فقد تقريبًا جميع أسناره، وجعل حلاقًا يقيم معه يعتني به كل صباح. كان يحلم بأن يكون نجمًا جذابًا وهي إلهة ملهمة. في رسالة مفتوحة إلى أنيسة بومدين نشرت في جريدة «الوطن» بتاريخ 14 يوليوز 1996، قامت محامية جزائرية بمقارنة حياة السيدة الأولى السابقة بـ «عرض أزياء».

تأكد هذا الادعاء بسرقة الأموال العامة من قبل الزوجين من خلال قضية موثقة أولى، تسمى « قضية الألماس »، وهي مجوهرات باهظة الثمن تم تسديد فواتيرها الفلكية من قبل الدولة. تذكر الأرملة المفجوعة هذه الألماس في مقابلة مع صحيفة «TSA» الجزائرية (28 مارس 2019)، المقربة جدًا من السلطة. بالطبع هي تدافع عن نفسها وتصرخ بأنها مؤامرة! لكن عبد العزيز بوتفليقة نفسه، وفقًا للأرشيفات الفرنسية التي نقلها الصحفي الجزائري، أمر هواري بومدين بالتوقف عن تمويل جنون زوجته. ويقال إنه تم عرض فواتير مجوهرات لإقناع الرئيس بـ«إبقاء أنيسة في مكانها».

كنز الديكتاتور الحربي: قضية الحسابات البنكية في نيويورك

القضية الثانية تتعلق بالسر الذي كان يسعى العسكريون لاكتشافه. فوفقا للرئيس الجزائري الأسبق أحمد بن بلة، الذي رفعت ضده أنيسة بومدين دعوى تشهير في فرنسا سنة 1990، فإن ما بين 14 و17 مليار دولار (بقيمة ذلك الوقت) كانت قد أُخفيت من طرف هواري بومدين في حسابين سريين ببنكين في مدينة نيويورك. ويُقال إن هذه الأموال كلّها انتقلت إلى حوزة أرملته بعد وفاته.

وقد رُويت هذه القصة لاحقا من قِبل محامية بن بلة نفسها في ذلك النزاع القضائي ضد أنيسة بومدين، وهي الأستاذة أرزقي بوزيدة. ولم يكن أحمد بن بلة هو الوحيد الذي تبنّى هذا الادعاء، بل دعمه أيضا ضابط بارز في الجيش الجزائري، العقيد أحمد بن شريف، القائد السابق للدرك الوطني من 1962 إلى 1977، حيث أكد علنا هذه الادعاءات المتعلقة بتحويل ما بين 14 و17 مليار دولار من طرف زوج أنيسة بومدين.

خلال هذه المحاكمة التي جرت في باريس – والتي لم تحظَ بتغطية إعلامية كبيرة – واجهت المحامية أرزقي بوزيدة أنيسة بومدين قائلة: « زوجك الراحل كان يملك حسابًا بنكيًا في الولايات المتحدة يحتوي على 17 مليار دولار (بقيمة ذلك الوقت)، وهي نتيجة لعمولات ضخمة حصل عليها مسعود زڤار، الذي كان يتمتع حينها بشبه احتكار للتجارة الخارجية الجزائرية في ظل فترة ريع النفط ».

(من: رسالة مفتوحة إلى السيدة أنيسة أغنيس المنصالي، أرملة بومدين، جريدة الوطن، 14 يوليو 1996)

وقد شدّدت المحامية على أن هذه الوقائع ذات الصلة بالمصلحة العامة – كونها تتعلق بالفساد – كانت قد أُثيرت منذ سنة 1978، أي في فترة مرض بومدين، من قبل شخصية ثالثة هي القائد السياسي ووزير الدولة السابق، كايد أحمد، الذي كان بدوره من كبار مسؤولي جبهة التحرير الوطني.

وأشارت بوزيدة أيضا، في رسالتها المفتوحة، إلى ما وصفته بـ« مصادفة غريبة« : الوفاة المفاجئة لكايد أحمد في المغرب في مارس 1978، « في نفس الفترة [التي ظهرت فيها هذه التسريبات]، وفي ظروف... غامضة »، ملمّحة إلى أن موته ربما خدم مصالح أولئك الذين وردت أسماؤهم في تلك الاتهامات.

هذه الثروة الضخمة، المتأتية من عمولات في صفقات الأسلحة، والمعدات، ومبيعات النفط، لم يتم العثور عليها قط. وعلى الرغم من هذه الادعاءات الخطيرة، فإن بن بلة وبن شريف لم يتعرضا لعقوبات ثقيلة خلال المحاكمة.

حياة من الثراء غير المشروع في الديمقراطية الفرنسية

تعيش أنيسة بومدين، التي ما زالت تلقب نفسها « مدام بومدين » وكأنها تسعى لإطالة الأسطورة السوداء، منذ ما يقرب من نصف قرن، في شقة فخمة بالدائرة السادسة عشرة بباريس، مستمتعة بنعيم الجمهورية التي تنتقدها وتصفها بأنها « استعمارية جديدة ». ومع ذلك، تضمن لها نفس المؤسسات التي تنتقدها الأمن القانوني وحرية التعبير وراحة نظام الرعاية الصحية الذي لا يستطيع أي مواطن جزائري عادي الاقتراب منه. إنه تناقض صارخ.

على الجانب الآخر من البحر الأبيض المتوسط، تبقي « الجزائر » التي تنتمي إليها كتّابها ونشطاءها وصحفييها تحت وطأة قانون مكافحة الإرهاب. عندما تدعو على الأثير إلى « بقاء بوعلام صنصال حيث هو »، فإنها لا تكتفي برفض بادرة إنسانية فحسب؛ بل تؤكد مجددًا سيادة دولة استثنائية صاغها زوجها الراحل. لقد بنى هذا الأخير، عبر عمليات تطهير، جهاز رقابة تتجلى آثاره اليوم في كل محضر يُحرر ضد مغني راب أو رسام كاريكاتير جزائري. من خلال التلويح بالسيادة الوطنية كعصا، تواصل أنيسة بومدين، من باريس، نهج التسلط والتحكم الذي بدأ في المرادية قبل نصف قرن.

حين تقول: « فليتحمل صنصال مسؤوليته! »، فكأنها تعتبر أن التعذيب، والتكديس في الزنازين، وخطر الإخضاع للعلاج القسري، كلها أمور تدخل في صلب العقد المدني. فبالنسبة لها، لا يوجد كاتب جزائري جيد إلا إذا كان صامتا أو منفيا.

ومع ذلك، لا تعاني أنيسة نفسها من أي قيود عندما يتعلق الأمر باستثمار بقايا « كنز الحرب » الذي تركه هواري بومدين: استثمارات عقارية في ماربيا، سندات حكومية مخبأة في بنوك خاصة بجنيف، حصص سرية في فنادق بمنطقة إيل دو فرانس – وهي كلها قيود محاسبية لم يتمكن قاضي التحقيق الفرنسي من فحصها قط، لعدم وجود إنابة قضائية جزائرية. في فرنسا، تعمل قرينة البراءة كدرع لها؛ أما في الجزائر، فإن الغموض المصرفي يظل هو القاعدة التي تروج لها.

في عشاءات الضفة اليسرى، تحبذ أنيسة المظهر التقدمي: « أنا أؤمن بدولة الرفاهية »، تعترف بسهولة لوسيلة إعلامية، متجاهلة الإشارة إلى أن النفط والغاز في الجزائر كانا يمولان بشكل أساسي الرعاية الخاصة للعقداء. في بلد حقوق الإنسان، تفتخر الآن بدفع الضرائب – الضئيلة – بينما الثروات الحقيقية، التي تم تحويلها تحت غطاء دبلوماسي، قد فرت منذ فترة طويلة إلى جنات حيث السرية المصرفية هي فضيلة أساسية.

تحمل سيرتها الذاتية غير المكتملة، والتي وعدت بها الناشرين منذ عشر سنوات، عنوانا مؤقتا – « بين ضفتين » – وهو ما يكشف الكثير عن ازدواجيتها: الاحتفاء في باريس بفضائل النقاش العام، مع الأمل في أن تظل الأفكار في الجزائر مختومة. تستمتع بالنقد، ولكن فقط عندما يوجه ضد فرنسا؛ وتكره المعارضة، بمجرد أن تستهدف النظام الذي تمثله.

في النهاية، يوضح مسارها التناقض الأخير لنخبة ريعية: المطالبة بالاستثناء باسم الشعب، ثم الفرار عندما يصبح الاستثناء هو القاعدة. ومهما كان مريحا، فإن المنفى الذهبي لا يكفي لإخفاء الأموال غير المشروعة أو لنسيان نظام الافتراس الذي تواصل، بلا كلل، تبريره. وبكثرة دفاعها عن السجانين ضد الشعراء والكتاب، لم تعد السيدة الأولى سوى بقايا – ثابتة في كرسيها الباريسي في شقتها بشارع مارسو أو شارع هوش، ولكنها غير قادرة على رؤية أي شيء سوى انعكاسها الخاص في واجهة ديور لدكتاتوريات الديمقراطية.

تحرير من طرف كريم سراج
في 04/07/2025 على الساعة 11:44