يقول الناقد عن دراسة الجديدة « تدعونا نصوص كونديرا الروائية، بحكم انتمائها إلى نمط سردي يستمد أصوله الاستيطيقية من صرح فكري وجمالي حداثي إلى إعادة النظر شبه الشاملة في كافة ما تحصلناه من تمثلاث، ترتبط عادة بالكتابة الواقعية، ولأن تجربة صاحب المزحة وغيرها من النصوص الخالدة، ما تنفك تكسر أفق انتظار قارئها بمغايرة مربكة تهُد صرح كافة التوقعات وتشوش على خرائط المحتمل الواقعي، وما يحدده من رهانات، فإن الاستئناس بزخم الرواية الكونديرية التي تتقاطع خيوط الخيال بالتأمّل الفلسفي على منوالها يكون عادة بحاجة إلى مداخل تمهّد الطر يقن حوما يمتع فيها وما يفيد ».
ويرى الناقد أنّ « كونديرا قد تنبّه إلى هذا بفطنته، فشرع في مضاعفة إبداعه السردي بتأليف نظرية، تضع نصب عينها توصيف تصوّره للكتابة وتبيين رهانها وبعدها الجمالي والمعرفي إلى جانب تسليط الضوء على بعض المرجعيات المؤسسة التي طبعت استطيقاه الروائية بقوة، فإن القارئ العربي ما يزال في أمس الحاجة حتى اليوم، إلى مؤلف يطرز بحاشيته على المتن الكونديري، في محاولة لجمع ما تبدد ضمنه من ؤرى وتصورات، جمعا نضيدا ومتبصراً، بغية عقد علاقة ممكنة مع منجز هذا الروائي لعلها تكون منتجة ومفيدة لإبداعنا السردي ».
من ثم يخلص بأنّ ما يأمل في تحقيقه في هذا الكتاب « هو أن يشكل مدخلاً ممكناً من شأنه تمهيد الطريق أمام القارئ العربي، حتى يلج إلى عوالم كونديرا بصيغة أخرى ولعل هذا المرمى هو ما دفع بالمؤلف إلى اعتماد الأصول الفرنسية وحدها، فارضاً على نفسه الاضطلاع بجهد مضاعف، سواء في التأليف أو الترجمة. ذلك أنه بقدر ما اضطر إلى قراءة المنجز الكونديري برمته للوقوف على المعالم المهمّة في هذه الاستيطيقا، بقدر ما أجبر نفسه كذلك على ترجمة فقرات من ذلك المتن، أضاف إليها حوارات أخرى كاملة، ترجمة ظلّ يتوق إلى أنْ تختلف بشكل من الأشكال، عما هو رائج إلى الآن في العربية وبقي الأمل الذي يحذوه في كل هذا وذلك أنْ يحالفه الحظ في أداء هذه المهمّة العسيرة، فنجد القارئ العربي في كافة ما أنجزه بعض ما يفيد ويمتع ».