وفي حوار أجراه le360 مع المخرج المسرحي عبد الكريم برشيد، اعتبر هذا الأخير أنّ المسرح اليوم يبدو عبارة عن مسرح إداري همّه الأساس، يتمثّل في تقديم أوراق تُقدّم للوزارة على أساس أنها العروض قد جرى عرضها داخل المسارح، أكثر من كونه مسرح يُفكّر في اجتراح أفق فني جديد أكثر تجذّراً في الذاكرة المغربية وبيئتها.
ويرى صاحب « احتفالية الصعلوك " بأنّ الغرض الأساس من دخوله إلى عالم المسرح، ليس كتابة مسرحيات وعرضها، وإنّما التفكير في تأسيس تيار مسرحي مغربي. ونظراً إلى طبيعة المجتمع من حيث التركيب وغنى حضارته، كان مفهوم « الاحتفالية » يفرض نفسه في الحلقة والأسواق والحفلات. وهذا الأمر، قادني إلى التفكير براديغم الاحتفالية باعتبارها نمطاً مسرحياً قديماً وقادراً على التجدّد والتأصيل. إذْ يرى بأنّ هذه الاحتفالية « هي منظومة من القيم أولا، وأنها حدث في التاريخ الحديث ثانيا، وأنها ظاهرة من ظواهره المتعددة ثالثا، وأنها هزة من هزاته العنيفة والقوية رابعا، وإن مثل هذا الاختيار له بالتأكيد أسئلته، وله أجوبته، وله خلفياته التي يضمرها ».
ويعتبر صاحب كتاب « الاحتفالية وهزّات العصر » بأنّ المسرح اليوم يعاني من الركود، إذْ لا يوجد تفكير مسرحي، بإمكانه اجتراح أفق تخييلي جديد للفرجة المسرحية، كما هو الحال في مسرح السبعينيات. ففي الوقت الذي تتقدّم فيه السينما وتحصد العديد من التتويجات العالمية، يبق المسرح هشاً من ناحية التعاطي معه كفرجة. ويرى برشيد أنّه بالعودة إلى التاريخ كان عاش المسرح لحظات لا تنسى، بحيث أنّ المتفرّج نادراً ما كان يعثر على التذاكر للدخول إلى مشاهدة مسرحية. في حين الآن، حتّى لو قدمت له تذكرة بالمجان، لن يأتي مع ذلك لمُشاهدة المسرحية. ما يعني أنّ هناك خللٌ ثقافي يدفعنا إلى ضرورة إعادة التفكير في المشهد المسرحي وأفكاره ومواقفه ورؤيته.
ويُشدّد عبد الكريم برشيد، على أنّ المسرح الذي كان دائماً يعشقه، هو الذي يُعبّر عن هويته وتاريخه وذاكرته. ومن هنا، جاء التفكير في مفهوم الاحتفالية، طالما اعتبرها عبارة عن منظومة من القيم السياسية والثقافيّة والاجتماعية التي تتماشى مع الإنسان المغربي وقناعاته وأفكاره. وعلى هذا الأساس، أخذت مجمل أعمال عبد الكريم برشيد المسرحية، طابعاً فنياً مكثفاً، لا يقوم على الاقتباس من المسرح الغربي، بل التفكير في النصّ المسرحي انطلاقاً من هويته التاريخية وأبعاده الحضارية.