ربورتاج: هل تأقلم المغاربة مع عيد الأضحى بدون أضحية؟

مواطنون بالدار البيضاء يقتنون لحوما بالتقسيط بمناسبة عيد الأضحى

في 07/06/2025 على الساعة 12:00

فيديولأول مرة منذ عقود، احتفل المغاربة بعيد الأضحى هذا العام دون شعيرة ذبح الأضاحي. في الدار البيضاء، أحدث هذا القرار غير المسبوق اضطرابا في نشاط الأسواق وغيّر من عادات المواطنين. تقرير ميداني بين سوقي المعاريف ودرب السلطان.

هذا العام، في الدار البيضاء كما في باقي مناطق المغرب، لم يكن لعيد الأضحى نفس النكهة. لا أصوات خراف في الأزقة، ولا سباق في اللحظات الأخيرة لشراء الفحم، ولا رائحة المشوي مع أولى ساعات الصباح. فقد تقرر تعليق ذبح الأضاحي بقرار ملكي، بسبب الجفاف المتواصل وارتفاع أسعار الماشية. إجراء استثنائي قوبل بالتفهم، لكنه غيّر بشكل ملموس من التقاليد، وخصوصا في أسواق العاصمة الاقتصادية.

في العادة، عشية العيد، تعج الأسواق في الدار البيضاء بالمشترين والبائعين، وتفيض رفوف المحلات بالتوابل والأعشاب والزيتون ومختلف أنواع المؤونة. لكن هذه السنة، حلت السكينة مكان الصخب المعتاد.

يقول إبراهيم، بائع مكسرات وتوابل في سوق المعاريف: « هذا العام سجلنا انخفاضا بحوالي 50%. الفارق الأساسي هو أن الزبائن الذين كانوا يشترون بكميات كبيرة قلّصوا مصاريفهم المعتادة، وبعضهم لم يعد يتبضع أصلاً. »وبحسب البائع فإن هذا الانخفاض لا يُعزى فقط إلى إلغاء الأضحية، بل يعود أساسا إلى تدهور القدرة الشرائية. فالتضخم الذي يثقل كاهل المواطن بسبب غلاء أسعار المواد الغذائية منذ أكثر من عامين جعل من كل عملية شراء قرارا صعبا.

ويضيف: « نتأقلم، لكن الأمر ليس سهلا. » ويؤكد أنه لن يأخذ عطلة كما اعتاد في السنوات الماضية، بسبب ضيق الحال.

على بعد أمتار قليلة، تلاحظ زينب، بائعة خضر وفواكه، تغيرا في سلوك المستهلكين: « الجو هذا العام أكثر هدوءا. لا يوجد ذبح، لذلك يكتفي الناس بالقليل. سيقضون العيد مع العائلة بما توفر لديهم.»

وتضيف أن هناك زيادة طفيفة في مبيعات بعض الفواكه الصيفية: «الطقس حار، لذا يشتري الناس الفواكه الطازجة مثل المشمش، الكرز، البرقوق... أما الخضر، فيُقبلون على ما يُرافق الأطباق الخفيفة: فجل، شمندر، سلطات». العيد يُحتفل به بشكل متواضع، لكنه حاضر، بروح من البساطة والتآلف.

وفي ظل غلاء الأغذية المتزايد، تعيد الأسر المغربية ترتيب أولوياتها. وتقول زينب، مثل كثير من الباعة، إنها لن تغلق محلها: « المطاعم ستبقى مفتوحة، لذا يجب أن نستمر في تزويدهم. »

إقبال غير متوقع على اللحوم

وعلى عكس هذا التوجه نحو التقشف، حدثت مفاجأة: هجوم على شراء اللحوم في الأيام التي سبقت العيد. ففي حين كان يُتوقع أن يؤدي تعليق الذبح إلى انخفاض في استهلاك اللحوم، فإن العكس تمامًا هو ما حصل في كثير من مناطق المملكة.

في منطقة درب السلطان، أحد أهم مراكز التجارة الشعبية في الدار البيضاء، يبدو الأمر أوضح.يقول عبد الواحد بوخيط، جزار: « هذا السلوك لم نكن نرغب فيه. منذ الإعلان عن القرار الملكي، اندفع الناس لشراء اللحوم وكأن هناك انقطاعا مرتقبا. هذا ليس سلوك شراء طبيعي، بل هستيريا.»ويضيف أن المهنيين دعوا إلى الهدوء، لكن الخوف من النقص غلب على دعواتهم.

ويؤكد محمد المالكي، رئيس سوق المعاريف، هذا الاتجاه: «الجزارون لاحظوا ارتفاعًا في مبيعاتهم خلال الأيام الأخيرة. كان هناك تدفق كبير من الزبائن على شراء اللحوم.»وهو ما يكشف إلى أي حد تُعد طقوس الذبح راسخة في الوعي الجماعي. فبالنسبة لكثيرين، عدم ذبح الخروف لا يعني الاستغناء عن أكل اللحم، بل العكس تماما.

لكن هذا الاستهلاك المكثف المؤقت يطرح أيضا تساؤلات عن معنى العيد لدى المغاربة: هل هو لحظة روحية وتقاسم، أم مناسبة استهلاكية تُبرز فيها المكانة الاجتماعية؟ يبدو أن تعليق الأضحية كشف عن هذا التوتر القائم.

وفي أروقة السوق، اختار بعض المواطنين إعادة تفسير العيد على طريقتهم. يقول أحد السكان الذي صادفناه في المعاريف: «العيد ليس مسألة لحم. الأجواء لا تزال موجودة. سأذهب إلى المصلى، وأقضي وقتا مع عائلتي. يمكننا شراء بعض الحلويات، تحضير الشاي، وهذا يكفي. الفرح الحقيقي يأتي من الروابط التي نعززها في كل مناسبة، وليس من الخروف.»

منعطف رمزي؟

إذا كانت سنة 2025 تمثل قطيعة، فليس من الواضح بعد إن كانت تُشكل بداية لطريقة جديدة في الاحتفال بعيد الأضحى في المغرب. بالنسبة للكثيرين، الأمر لا يعدو أن يكون مرحلة مؤقتة... لكن بالنسبة لآخرين، ربما تكون بداية مراجعة أعمق.

يقول محمد المالكي: «أشكر جلالة الملك على هذا القرار الذي أراحنا ماليًا. كان العيد سيُكلفنا غاليا.»ومن خلال كلماته تظهر حقيقة طالما تم تجاهلها: بالنسبة لعدد كبير من الأسر المغربية، كانت أضحية العيد عبئا ماليا ثقيلا، وأحيانا لا يُحتمل.

ففي عام 2024، وبحسب المركز المغربي للمواطنة (CMC)، صرّح 55% من المغاربة بأنهم يجدون صعوبة في تغطية مصاريف شراء الأضحية ومستلزماتها بمناسبة عيد الأضحى.

هذا العام، زال هذا الضغط. وربما، في هذا الفراغ، تشكّل شيء أعمق: علاقة أكثر حرية مع التقاليد.عيدٌ بلا خروف... لكن ليس بلا روح.

تحرير من طرف كاميليا سراج و خديجة صبار
في 07/06/2025 على الساعة 12:00