مركز تفكير أمريكي: على الأمم المتحدة أن تتوقف عن الاعتراف بالبوليساريو كممثل للصحراويين

L'envoyé spécial de l'ONU pour le Sahara, Staffan de Mistura et le chef du Polisario, Brahim Ghali, à Tindouf, en Algérie, le 4 septembre 2022 (AFP).

المبعوث الأممي الخاص إلى الصحراء ستافان دي ميستورا وزعيم البوليساريو إبراهيم غالي في تندوف، الجزائر، 4 شتنبر 2022 (أ ف ب). AFP or licensors

في 10/04/2025 على الساعة 12:15

بينما أكدت واشنطن مجددا اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، معتبرة أن الحكم الذاتي هو الإطار الوحيد للتفاوض، تتوالى التشكيكات من قبل مراكز التفكير الأمريكية في بعض «الأسس» التي يقوم عليها النزاع. فبعد التشكيك في جدوى بعثة المينورسو، بات الآن دور جبهة البوليساريو، التي يُنظر إليها كـ«نتاج للحرب الباردة»، «منعدمة الشرعية» و«خطيرة محتملة»، لتكون محط انتقادات حادة. في هذا السياق، يبرز موقف مايكل روبين، الباحث في معهد «أمريكان إنتربرايز»، كمثال بارز، وهو ليس الوحيد.


تتقاطع تحليلات وانتقادات العديد من مراكز التفكير الأمريكية المرموقة حول المأزق الذي يعيشه مسار الأمم المتحدة لحل قضية الصحراء. في صلب هذه المرافعات، يبرز دور بعض الأطراف في النزاع، لا سيما المينورسو، ولكن أيضا، وبشكل أكبر، جبهة البوليساريو وراعيها الرئيسي الجزائر.

في أحدث تحليل له، وجّه مايكل روبين، الخبير المتخصص في شؤون الشرق الأوسط بمعهد « أمريكان إنتربرايز »، انتقادات لاذعة لجبهة البوليساريو، واصفًا وجودها بـ «انتهاك لحقوق الإنسان». الباحث، الحاصل على شهادة من جامعة ييل العريقة، وهو مسؤول سابق في البنتاغون وله خبرة ميدانية في إيران واليمن والعراق، وقد درّس وحدات من البحرية الأمريكية والمارينز حول النزاعات الإقليمية والإرهاب.

في مقال نشره يوم الإثنين 7 أبريل على موقع « منتدى الشرق الأوسط »، لم يُجامل روبين في كلماته، حيث دعا الولايات المتحدة إلى مطالبة الأمين العام للأمم المتحدة بوقف الاعتراف بجبهة البوليساريو كممثل للصحراويين. وكتب قائلا: «حان الوقت لإنهاء هذه الخرافة التي تزعم أن جبهة البوليساريو تمثل الصحراويين، وترك أحد آخر بقايا الحرب الباردة ينتمي إلى التاريخ».

وأضاف أن على الرئيس دونالد ترامب ووزير الخارجية ماركو روبيو أن يطالبا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بسحب «فوري» لأي اعتراف بجبهة البوليساريو كممثل للصحراويين، مشددا على أن «إذا كانت الأمم المتحدة ترغب فعلاً في تحقيق السلام، فعليها أن تتخذ هذا القرار دون تردد».

وذكّر روبين بأن «جبهة البوليساريو التي تدعي تمثيل الصحراويين والمطالبة بسيادتهم على الصحراء الغربية تحت لواء الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية، ليست سوى من بقايا الحرب الباردة. الجزائر أسست هذا الكيان بدعم من الاتحاد السوفياتي وكوبا، لاستخدامه كأداة ضد المغرب »، مشيرا إلى أن « الجزائر تدعم هذا التنظيم لضمان مقعد لها على طاولة المفاوضات ولتحويل المساعدات الإنسانية المخصصة لمخيمات اللاجئين التي يسيطر عليها البوليساريو ».

كما أضاف أن « دولا مثل جنوب إفريقيا تستخدم بدورها البوليساريو كورقة ضغط دبلوماسية ضد المغرب ».

المينورسو.. « فشل بمليارات الدولارات »

وبدلا من ذلك، يدعو روبين إلى دعم حركة صحراوية بديلة، وهي « الحركة الصحراوية من أجل السلام »، التي يعتبرها أكثر اعتدالا وشرعية. وكتب: « في حين تُصرّ جبهة البوليساريو على التمسك بالكفاح المسلح، ترفض الحركة الصحراوية من أجل السلام العنف وتسعى إلى التوافق مع شرائح واسعة من المجتمع الصحراوي ».

وكونه معروفا بانتقاداته للمينورسو، لم يتردد روبين في الدعوة إلى إنهاء مهمتها بشكل صريح، واصفا إياها بـ »الفشل الذي كلّف مليارات الدولارات »، وقال إن هذه البعثة الأممية، التي أنشئت منذ 34 عاما، لم تحقق حتى أول هدف من أهدافها، وهو تنظيم استفتاء.

مايكل روبين ليس الوحيد الذي يتبنى هذا الرأي، إذ ذهب يوجين كونتورفيتش، كبير الباحثين في مؤسسة « هيريتيج فاونديشن »، الذراع الفكرية لدونالد ترامب، إلى أبعد من ذلك، حيث دعا، في مقال نشر يوم الأربعاء 12 فبراير في صحيفة «وول ستريت جورنال»، الإدارة الأمريكية إلى الرد على عجز المينورسو، موضحا أن مهمتها أصبحت «لاغية» بعد اعتراف واشنطن بسيادة المغرب على الصحراء.

واقترح وقف التمويل الأمريكي لهذه البعثة واستخدام حق النقض (الفيتو) لعدم تجديد ولايتها داخل مجلس الأمن.

وفي السياق ذاته، دافعت الباحثة سارة الزعيمي، كبيرة الباحثين المقيمين في شؤون شمال إفريقيا ضمن مركز رفيق الحريري وبرامج الشرق الأوسط التابع لمركز «أتلانتيك كاونسل»، عن الفكرة ذاتها، في تحليل نشرته يوم الأربعاء 9 أبريل.

وكتبت الزعيمي: «كما يشير اسمها، أُنشئت بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصحراء الغربية سنة 1991 بموجب القرار 690، للإعداد لاستفتاء يختار فيه شعب الصحراء بين الاستقلال والانضمام إلى المغرب. إلا أن البعثة فشلت في تنفيذ هذا التفويض وأصبحت أداة لتأبيد الجمود».

وأوضحت أن المينورسو، رغم مراقبتها لوقف إطلاق النار المستمر منذ قرابة 35 عاما، لا تُعد بأي حال من الأحوال بعثة لحفظ السلام النشط.

وأضافت أن « الحدود المتنازع عليها في الصحراء الغربية تحولت منذ عقود إلى مناطق غير مرسّمة ومهيأة للنشاط الإرهابي، من القاعدة إلى داعش، وحديثا أصبحت أرضا خصبة للتغلغل الإيراني والروسي».

وأشارت إلى أن البعثة لم تفعل شيئا يُذكر لمواجهة تفشي تهريب المخدرات والاتجار بالبشر، تاركة هذه المهمة للقوات المغربية والجزائرية.

وزارة الخارجية الأمريكية: الحكم الذاتي هو « الإطار الوحيد المقبول للحوار »

لا يزال تحويل المساعدات الإنسانية الموجهة للصحراويين في مخيمات تندوف بالجزائر يثير القلق، خاصة مع الأدلة التي تُظهر أن جزءا كبيرا من تلك المساعدات يُعاد بيعه في الأسواق المفتوحة، مثل سوق نواذيبو شمال موريتانيا.

وقد جاءت مداخلة سارة الزعيمي في سياق تفاعلها مع إعلان الإدارة الأمريكية الأخير بشأن تأكيد اعترافها بسيادة المغرب على الصحراء، حيث جاءت زيارة وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة إلى واشنطن ولقاؤه في 8 أبريل مع الوزير ماركو روبيو ومستشار الأمن القومي مايك والتز لتعزز هذا الموقف.

وجاء في بيان صادر عن وزارة الخارجية الأمريكية عقب الزيارة: « أكد وزير الخارجية أن الولايات المتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية وتدعم مقترح الحكم الذاتي الجاد والواقعي وذي المصداقية الذي قدمه المغرب، باعتباره الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للنزاع ». بل ذهبت الولايات المتحدة هذه المرة أبعد من ذلك، بدعوتها الأطراف إلى الشروع في حوار دون تأخير، معتبرةً أن خطة الحكم الذاتي المغربية هي الإطار الوحيد المقبول للتفاوض، حيث اقترح روبيو تسهيل هذا المسار.

ستافان دي ميستورا.. العد العكسي بدأ

ترى الزعيمي أن «الحل لهذا الجمود المستمر منذ خمسين عاما قد يكون خارج إطار الأمم المتحدة وفشلها المزمن في تقديم حل دائم». ومع ذلك، هناك عقبة قائمة: تفكيك المينورسو التي تعتبرها بدورها كيانا متجاوزا وغير فعّال.

هذا الموقف يضاف إلى إجماع أمريكي آخذ في التشكل ضد بعثة المينورسو، في الوقت الذي يستعد فيه المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة للصحراء، ستافان دي ميستورا، لتقديم تقريره النصف سنوي المغلق أمام مجلس الأمن، في اجتماع قد يكون الأخير.

ففي أكتوبر الماضي، صرّح الدبلوماسي الإيطالي السويسري، الذي يشغل المنصب منذ 2019، أمام المجلس أن «الأشهر الستة المقبلة ستكون اختبارا لي وللجميع»، مضيفا أن «جدوى» المينورسو ستوضع على المحك. لكن الواقع أن شيئا لم يتغير منذ ذلك الحين. فقد توقفت عملية الموائد المستديرة منذ ست سنوات، ولا تزال الجزائر، الطرف الرئيسي في النزاع، ترفض المشاركة فيها، رغم قرارات مجلس الأمن التي تحثها على ذلك.

وتختم الزعيمي بالإشارة إلى أن «منذ 2022، شعر دي ميستورا بأنه في موقع لا يتماشى مع التحولات الدولية المتزايدة لصالح المغرب».

وقد جاء «الضربة القاضية» من القوتين الاستعماريتين السابقتين للمغرب، حيث دعمت إسبانيا موقف المغرب سنة 2022، وتبعتها فرنسا سنة 2024. واليوم، يوجد أكثر من 29 بلدًا لديهم تمثيليات دبلوماسية في العيون والداخلة، دعما للموقف المغربي.

وفي هذا السياق، فإن الاقتراح الأخير من دي ميستورا بتقسيم الصحراء الغربية لا يعدو كونه «سقطة»، ويعزز فكرة أن دي ميستورا والمينورسو صارا مجرد أدوات من زمن مضى، يستهلكان ميزانية سنوية قدرها 61 مليون دولار... أغلبها من تمويل أمريكي.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 10/04/2025 على الساعة 12:15