دعم واشنطن لسيادة المغرب على الصحراء: رد فعل جزائري باهت ومُتخاذل

Le président américain Donald Trump et l'Algérien Abdelmadjid Tebboune.

الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب والرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

في 09/04/2025 على الساعة 15:48

على خلاف العواصف التي أثارتها سابقا مواقف كل من إسبانيا بدعمها لمخطط الحكم الذاتي، وفرنسا بمساندتها لمغربية الصحراء، جاء رد الفعل الجزائري إزاء تأكيد واشنطن لسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية باهتا إلى حد مثير للاستغراب. لا إدانة، لا تنديد، لا استعراضات بطولية، ولا حتى تهديدات بالرد، التي غالبا ما كانت تنتهي بلا أثر يُذكر. في مواجهة إدارة ترامب، انحنى نظام الجزائر، وبطريقة بائسة حقا.

البيان الصادر كرد فعل عن النظام الجزائري يكفي ليكشف عن حجم التناقض والارتباك الذي يطبع تعاطي الجزائر مع ملف الصحراء. فبينما اعتدنا من الجار الشرقي بيانات نارية أشبه بالبيانات التروتسكية ضد كل القوى العظمى التي تُظهر ميلا لصالح المغرب، لم يستطع هذه المرة إلا أن يُعرب بخجل عن « أسفه ». لأن الطرف الآخر هذه المرة ليس أي دولة: إنها الولايات المتحدة الأمريكية.

وهكذا، علّقت الجزائر أخيرا على تأكيد واشنطن لسيادة المغرب على الصحراء الغربية، التي عبّر عنها وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو خلال لقائه أمس الثلاثاء بواشنطن مع نظيره المغربي ناصر بوريطة. ففي بيان مقتضب وبدقة لغوية ملحوظة، أعربت دبلوماسية النظام العسكري-الأمني الجزائري يوم الأربعاء عن « أسفها » لهذا الدعم المتجدد. وقد حاول الجار الشرقي التخفيف من وقع الألم، عبر تقزيم الموقف الأمريكي وتصويره كمجرد دعم لمخطط الحكم الذاتي باعتباره « الحل الوحيد للنزاع »، متجاهلا أن واشنطن تُقرّ، وبشكل واضح لا لبس فيه، بالسيادة الكاملة والشاملة للمملكة المغربية على الصحراء الغربية.

وباستثناء هذا « التفصيل »، فإن رد الفعل لم يرقَ إلى مستوى الانفعالات المعتادة في مثل هذه المناسبات. اللغة كانت محسوبة، ونبرة التصريح كانت حذرة. الجزائر « أخذت علما » و »تأسفت لتأكيد هذا الموقف من طرف عضو دائم في مجلس الأمن يُفترض به احترام الشرعية الدولية بصفة عامة، وقرارات مجلس الأمن بصفة خاصة ».

وفي محاولة لتبني خطاب « انتقائي-أممي »، أوضحت الجزائر أن « الصحراء الغربية لا تزال إقليماً غير متمتع بالحكم الذاتي »، مضيفة أن « الخروج عن هذا الإطار لا يخدم مسار تسوية هذا النزاع، كما لا يغير في شيء من معطياته الأساسية كما تعترف بها الأمم المتحدة وهيئاتها الأساسية، بما في ذلك الجمعية العامة، مجلس الأمن، ومحكمة العدل الدولية »، تختم الجزائر، فجأةً، بلهجة وديعة.

أين ذهبت التهديدات؟

لكن، أين ذهبت التهديدات بقطع الإمدادات والموارد الطاقية؟ ماذا عن استدعاء السفراء؟ أو قطع العلاقات التجارية والتعاون الأمني؟ أين هي أسباب أكبر أزمة بين فرنسا والجزائر منذ الاستقلال؟

أمام الولايات المتحدة، الجزائر « تأسف »، لكنها لا تجرؤ حتى على التذمر بصوت مسموع.

هذه المرة، اكتفى النظام الجزائري بتصريح مقتضب، دون أي التزام مستقبلي. وهو بعيد كل البعد عن الـ19 شهرا من القطيعة التامة والصاخبة التي قررتها الجزائر كرد فعل على دعم إسبانيا لمغربية الصحراء. ففي 19 مارس 2022، استدعت الجزائر سفيرها سعيد موسي، الذي سيتم « سحبه » لاحقا من باريس.

الاحتجاج... ولكن همسا

ونحن أبعد ما يكون عن البيان الحاد الصادر عن الخارجية الجزائرية يوم الخميس 25 يوليو 2024، الذي أعلن – نعم، بشكل صريح – أن فرنسا غيّرت رسميا موقفها من قضية الصحراء، وأصبحت تدعم مخطط الحكم الذاتي « دون لبس أو غموض، وفي إطار السيادة المغربية ».

وهو الموقف الذي أعقبه استدعاء السفير، وتحريك الجالية ضد فرنسا، واعتقال الكاتب بوعلام صنصال، وابتزاز عبر ملفات الترحيل، وتعليق التعاون الأمني، وفرض قيود متعددة على الشركات الفرنسية.

أما الآن، فلا نجد سوى احتجاجا باهتا يصدر همسا. ويبدو أن النظام الجزائري يعرف جيدا مع من يتعامل: إدارة ترامب لا تميل للمجاملات، ولا تتدرج في ردودها. وكان الحد الأدنى الممكن هو استدعاء السفير صبري بوقادوم في واشنطن للتشاور، لكن يبدو أن حتى ذلك خارج قدرات النظام الجزائري.

الأمر الذي سيمنح بلا شك ذريعة لكل من مدريد وباريس، اللتين ستلاحظان أن « النيف » الجزائري يتلاشى عندما يُتوقع الرد على صفعة. وهو ما سيُشجع الدول التي لا تزال مترددة في الاعتراف الكامل بمغربية الصحراء، خشية رد فعل من النظام الجزائري، على اتخاذ هذه الخطوة دون تردد.

تحرير من طرف طارق قطاب
في 09/04/2025 على الساعة 15:48