بالفيديو: سجناء سابقون وفارّون من العدالة يسيطرون على مقاليد السلطة داخل النظام الجزائري

الجنرال محمد مدين، المعروف بلقب "توفيق"

الجنرال محمد مدين، المعروف بلقب "توفيق" . DR

في 07/12/2021 على الساعة 16:17

في الجزائر، عاد المسجونون السابقون والفارون السابقون من العدالة بقوة إلى الواجهة وأصبحوا يتحكمون في دواليب السلطة داخل النظام الجزائري.

ويقوم الثنائي نزار وتوفيق بوضع كل أتباعهما في القطاعات الاستراتيجية للدولة. شخص واحد فقط من مجموعة الراحل قايد صالح لم تطله بعد عملية التطهير: سعيد شنقريحة. ولكن إلى متى؟

إن تصعيد الطغمة العسكرية الجزائرية ضد المغرب يخفي في حقيقة الأمر الحرب العشائرية والصراعات اللامتناهية للثأر الذي ينفذه الثنائي نزار وتوفيق. في المغرب، لا تتحدث القنوات التلفزيونية العمومية إلا لماما عن الجزائر، في حين أن جميع القنوات العمومية الجزائرية لا تكف عن التحدث عن المملكة المغربية، عن "تحالفها غير الطبيعي مع الكيان الصهيوني" و"المظاهرات الكبرى في مدن المملكة" و"الهجمات اليومية لعناصر البوليساريو التي أسفرت عن وفيات في صفوف الجنود المغاربة"... هذه الدعاية، التي تنم عن الكراهية الدفينة للنظام الجزائري، ليس لها حدود كما اتضح ذلك من نشرات الطقس في التلفزيون العمومي الجزائري. فقد تم حذف جزء من المغرب حتى من نشرات الطقس، الذي يبث على التلفزيون الجزائري.

وفي الوقت الذي تواصل فيه الطغمة العسكرية مسلسلها الهستيري ضد المغرب، يواصل الجنرالان المتقاعدان خالد نزار ومحمد مدين، المعروف باسم توفيق، عملية التطهير الممنهجة داخل الجيش الجزائري بإزاحة كبار الضباط الذين خدموا تحت إمرة قايد صالح.

فخلال العامين الماضيين، تم التخلص من كبار القادة العسكريين الجزائريين، إذ ما لا يقل عن ثلاثين جنرالا يقبعون حاليا في السجون العسكرية، ناهيك عن تقاعد العشرات من كبار الضباط أو موتهم بطريقة وحشية.

الدولة العسكرية العميقة

النظام الجزائري ما بعد عهد بوتفليقة هو اليوم له وجهان. الوجه الأول هو الواجهة المدنية الذي يسيطر عليه رئيس الأركان الحالي القوي. عبد المجيد تبون هو الرئيس غير الشرعي للجمهورية الجزائرية، وسعيد شنقريحة رئيس الطغمة العسكرية الذي يتولى مقاليد السلطة في الجزائر.

الوجه الثاني للسلطة يتحرك في الظل ويمثل الدولة العسكرية العميقة. يتكون من الجنرالات الذين كانوا على رأس القيادة العسكرية خلال العشرية السوداء. الجنرالان المتقاعدان توفيق مدين، المدير السابق لدائرة الاستعلام والأمن، وخالد نزار، وزير الدفاع السابق خلال التسعينيات من القرن الماضي، هما من كبار القادة العسكريين الذين ما زالوا على قيد الحياة، واللذين كانا جزء من الدائرة المقربة التي قررت إلغاء الانتخابات التشريعية لعام 1991 وإدخال البلاد في حرب أهلية دامية خلفت أكثر من 250 ألف قتيل وشردت أكثر من مليون شخص.

واليوم، فإن مجموعة الظل هاته، التي فككها الرجل القوي للطغمة العسكرية، الجنرال أحمد قايد صالح، تعود بقوة وتضع في جميع المواقع الحساسة العسكريين الذين إما أُلقي بهم في السجن أو فروا إلى الخارج.

هناك ما قبل وما بعد عين أميناس

نتذكر أن قايد صالح أمر باعتقال رئيس جهاز المخابرات الجزائرية القوي توفيق، بعد أن سجن جميع معاونيه المقربين، وأجبر العديد من الجنرالات على الفرار إلى أوروبا، وخاصة في إسبانيا، وعلى رأسهم خالد نزار.

كل هؤلاء المسجونين السابقين والهاربين السابقين، والذين أطلق سراحهم من السجن أو عادوا من منفاهم في إسبانيا، هم الذين يسيطرون حاليا على مقاليد السلطة في الجزائر.

هذه الطغمة العسكرية القديمة-الجديدة قامت بإعادة تشكيل السلطة إلى حد كبير على غرار ما كان سائدا في التسعينيات، حيث عاد معظم الجنرالات السابقين الذين كانوا في القيادة العسكرية خلال الحرب الأهلية للعشرية السوداء لشغل مناصب رئيسية.

وهكذا عين الجنرال مهنا جبار، منذ أكتوبر الماضي، على رأس جهاز جديد تحت اسم "مديرية مكافحة الإرهاب". في الواقع، هذا الجنرال البالغ من العمر 72 عاما، والذي ارتبط اسمه باغتيال رهبان تبحرين في عام 1996، والذي أشرف على الأمن العسكري من 1995 إلى 2013، يرجح أن يصبح المدير المقبل لدائرة الاستعلام والأمن، التي من المحتمل إعادة إحيائها قريبا بمرسوم رئاسي سيوقعه عبد المجيد تبون.

من المحتمل أن يسند مهنا جبار في هذا المنصب من قبل الجنرال حسن، الساعد الأيمن السابق لتوفيق مدين، على الرغم من أن الجنرال حسن هو أحد المساهمين في انهيار الدولة الجزائرية بعد المذبحة التي ارتكبت ضد الرهائن، ومعظمهم من الأجانب، احتجزهم الإرهابيون خلال الهجوم على محطة تيقنتورين للغاز، بالقرب من بلدة عين أميناس، في يناير 2013. فشل ذريع كشف للعالم أجمع عجز الجيش الجزائري وغير بشكل عميق التصور الذي كان لدى العديد من القوى تجاه الجزائر.

دبلوماسي أجنبي معتمد لدى إحدى السفارات في الرباط، قال ردا على سؤال لـLe360: "لقد غيرت بلادي بشكل كامل نظرتها بشأن مكانة الجزائر في شمال إفريقيا بعد احتجاز الرهائن في عين أميناس. لم يكتف النظام الجزائري بإثبات عدم قدرته على الدفاع عن حدوده، لكن تدخله الكارثي أفقده المصداقية لدى العديد من القوى". وبحسب هذا الدبلوماسي، "هناك ما قبل وما بعد عين أميناس".

اعتقال الجنرال حسن في 2015 والحكم عليه بالسجن 5 سنوات كانا السبب الذي جعل الجنرال توفيق مدين يصدر بيانه الصحفي الأول دفاعا عن ساعده الأيمن.

شياطين العشرية السوداء

عائد آخر: الكولونيل عبد القادر حداد، المعروف أيضا باسم ناصر الجن، الذي كان فارا إلى إسبانيا، تم تعيينه مؤخرا رئيسا لمركز العمليات الرئيسي، المعروفة أيضا بثكنة عنتر التي تعتبر مكانا للتعذيب، وهي تابعة للمديرية العامة للأمن الداخلي.

قضى ناصر الجن معظم حياته المهنية في المديرية المركزية لأمن الجيش، عندما كانت الجناح العسكري لدائرة الاستعلام والأمن السابقة في مواجهة الشبكات الإرهابية المزعومة في التسعينيات. وقاد "الشيطان" أيضا المركز العسكري الرئيسي للتحقيقات، وهو مركز للتعذيب والإعدام خارج نطاق القانون خلال العشرية السوداء.

من جهة أخرى، تم تعيين الكولونيل حسين حميد الملقب ببولحية، وهو أيضا فر من العدالة واتجه إلى إسبانيا، تمت إعادة الاعتبار له أيضا وعين على رأس مديرية التوثيق والأمن الخارجي. إن "الجزائر الجديدة" للنظام هي الآن نسخة مطابقة إلى حد كبير لجزائر التسعينيات من القرن الماضي.

الانتقام يعمي الأبصار

العودة شبه الكاملة لهذه المجموعة لا يبشر بالخير بالنسبة لعبد المجيد تبون، الذي لا يزال يعتبر هو رجل قايد صالح، الرجل ذاته الذي أذل نزار وتوفيق. الإذلال الذي يشعر به هذان الرجلان قوي لدرجة أنه جعلهما ينتقمان بشكل أعمى من الشخصيات التي كانت مقربة من قايد صالح. ولأخذ فكرة عن الإذلال الذي شعر به توفيق، على سبيل المثال، يتعين العودة إلى عام 2019.

أصدرت عائلة توفيق صرخة استغاثة في رسالة تشكو فيها من ظروف اعتقال الرجل الملقب بـ"رب الجزائر". وتحدثت الأسرة في الرسالة عن سقوط توفيق في سجن البليدة مما أدى إلى "كسر خطير على مستوى عظم الكتف الأيمن" وخضع توفيق القوي "لعملية جراحية في منشأة تابعة للمنطقة العسكرية الأولى، غير مجهزة بمعدات لمثل هذا النوع من الحوادث، في حين أن حالته، أخذا بعين الاعتبار سنه ووضعيته، تتطلب رعاية خاصة بالمستشفى العسكري بعين النجدة، المعروف بجودة خدماته الصحية"، بحسب رسالة العائلة.

بعد أسابيع قليلة، أطلق أبناء محمد مدين الثلاثة عريضة للمطالبة بالإفراج عن والدهم. في هذه العريضة، وصف الجنرال توفيق، رئيس جميع أجهزة المخابرات الجزائرية، بأنه (يجب على المرء الامتناع عن الضحك) ..."سجين سياسي ورأي". في هذه العريضة، عبر ابنه سيد علي وابنتيه نصيلة وصابرينا مدين علانية عن حزنهم على الوضعية التي يوجد فيها والدهم. إذلال لا يمكن لأي شيء محوه.

بمجرد معرفة مدى الإذلال الذي تعرض له اثنان من الجنرالات الأقوياء، أحدهما أجبر على الفرار إلى إسبانيا، والآخر سجن في ظروف سيئة، نفهم بالتالي أن تعطشهم للانتقام يتجاوز كل الاعتبارات الأخرى. الجنرال محمد قايدي الذي يتمتع بشعبية كبيرة، وهو أحد الناجين القلائل من عملية التطهير الذي استهدفت كبار الضباط الذين خدموا تحت إمرة قايد صالح، تم اعتقاله وإقالته في أوائل نونبر. أحدثت الإطاحة به صدمة داخل الجيش الجزائري.

من بين الجنرالات الذين خدموا تحت إمرة قايد صالح ما زال اليوم في منصبه؟ قائد القوات البرية الجنرال سعيد شنقريحة. هذا هو الشخص الوحيد الذي يذكر الثنائي نزار وتوفيق بشأنه اليوم بأن ثأرهما لم يكتمل بعد.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 07/12/2021 على الساعة 16:17