وعن هذا الموضوع أوضح محمد جدري، محلل إقتصادي، في تصريح لـLe360، أن المغرب يعرف أزمة اقتصادية مركبة ومعقدة، وذلك منذ جائحة كورونا، حيث فقد العديد من الأشخاص عملهم، وبعدها ارتفعت أسعار المحروقات على المستوى العالمي، والتي أثرت على العديد من المواد الغذائية والسلع والخدمات التي ارتفعت بشكل كبير، كما أن التضخم وصل لمستويات قياسية، والذي لم يكن يتعدى سابقا 1 أو 2 في المائة، والذي من الممكن أن يصل نهاية السنة الجارية ما بين 4 و5 في المائة.
وأضاف جدري أن المندوبية السامية للتخطيط ذكرت بأن 3 مليون مغربي من الطبقة المتوسطة نزلوا إلى عتبة الفقر، وأن التضخم الذي أصبح كبيرا، قسم المواطنين إلى ثلاثة فئات، الفئة الأولى لا يملكون عملا ولا مالا، والفئة الثانية كان لديهم القليل من المدخرات لكنهم فقدوها بسبب الغلاء، وهناك فئة ثالثة تكتفي فقط بالأساسيات.
وذكر المتحدث نفسه بأن القدرة الشرائية للمغاربة وخاصة ذوي الدخل المحدود والطبقة المتوسطة تأثرت بشكل كبير بسبب آثار الجائحة وارتفاع أسعار المحروقات والتضخم الكبير الذي عرفه المغرب خلال الثلاث سنوات الماضية، وبالتالي من المنطقي أن تتغير العادات، حيث سابقا كان المغاربة يستمتعون بوقتهم خارج المنزل بعد الإفطار، يذهبون للمقاهي والمطاعم، لكن في الوقت الحالي أصبحت الحركية ضعيفة.
وأوضح المحلل الاقتصادي أن الأزمة الاقتصادية أثرت على جيوب المواطنين وغيرت العادات الغذائية، فبسبب ارتفاع أثمنة المواد الغذائية، أصبح من كان يشتري كيلوغراما من اللحم، يشتري الآن ربع كيلوغرام، ومن كان يقتني 10 كيلوغرامات من البطاطس، يكتفي اليوم بكيلوغرام واحد، وهو ما أثر على مائدة الإفطار الرمضاني.
واستطرد قائلا إن المواسم الاستهلاكية أصبحت تأتي متتالية، فبعد رمضان هناك عيد الفطر، بعده عيد الأضحى، وبعده العطلة الصيفة، ويليها الدخول المدرسي، وبالتالي النمط الاستهلاكي للمغاربة أثر عليهم، كما أن الاقتراض لدى الأسر المغربية وصل لمستويات قياسية، إذ أن أقل أسرة لديها قرض للسكن، أو قرض للسكن والسيارة، أو قرض للسكن والسيارة وقرص استهلاكي آخر.
وشدد جدري على أن كل هذه الأمور كانت سببا في القضاء على هامش المناورة لدى الأسر لشراء شيء من الكمليات، وهذا ما جعل عددا من القطاعات تعرف تراجعا كبيرا مثل قطاع السيارات والعقار وغيرهم، لأن المواطن أصبح يبحث فقط عن الاكتفاء.
وذكر المحلل الاقتصادي بأن هناك تحول في المجتمع منذ الجائحة التي علمت المواطنين الادخار شيئا ما، وغيرت عاداتهم الاقتصادية، رغم أنهم ما زالوا بعيدين بخصوص التربية المالية عن المواطنين الغربيين الذين يعتمدون سياسة الادخار، عكس المواطنين المغاربة، حيث أصبح المجتمع المغربي استهلاكيا بشكل كبير.
وشدد جدري على ضرورة إعادة النظر في الاستهلاك، وأنه لا يجب على الأشخاص العيش فوق مستواهم المادي والبحث عن الكماليات التي تؤزم وضعهم المالي.