إفريقيا في 2025-2026: تسعة دول يُتوقّع أن تسجل معدلات نمو تفوق 6%

الاقتصاد بإفريقيا (صورة تعبيرية مركبة). DR

في 08/05/2025 على الساعة 07:00

يتزايد اللايقين بشأن النمو الاقتصادي العالمي، وفقا لصندوق النقد الدولي، الذي نشر توقعاته الاقتصادية لعامي 2025 و2026. وفي إفريقيا، تشكل الصدمات الخارجية، والديون المرتفعة، ومؤخرا الرسوم الجمركية التي فرضتها الولايات المتحدة، المخاطر التي تهدد النمو في القارة. وعلى أي حال، من المتوقع أن تعرف تسع دول مسارا إيجابيا بمعدلات نمو تتجاوز 6% في عامي 2025 و2026. وبحسب التوقعات، من المفترض أن تنال جمهورية غينيا قصب السبق.

وفي عام 2025، من المتوقع أن ينمو الاقتصاد العالمي بنسبة 2.8% فقط، وفقا لتقديرات صندوق النقد الدولي، وهو الرقم الذي تم تخفيضه بقرابة 0.5 نقطة مقارنة بالتقديرات السابقة في يناير الماضي. وهذا الوضع يمكن تفسيره بتدهور الوضع الاقتصادي العالمي خلال هذه الفترة نتيجة اللايقين المرتبط بشكل خاص بعودة السياسة الحمائية.

وفي منطقة إفريقيا جنوب الصحراء، ووفقا للتوقعات الاقتصادية الإقليمية لمنطقة إفريقيا جنوب الصحراء، والتي تتناول النمو الاقتصادي في المنطقة، من المتوقع أن تنخفض نسبة النمو من 4% في عام 2024 إلى 3.8% في عام 2025 قبل أن يرتفع إلى 4.2% في عام 2026.

وبالإضافة إلى العامل المرتبط بتأثير الرسوم الجمركية الأميركية، فإن المديونية المتزايدة للدول في السنوات الأخيرة تساهم في زيادة عوامل الهشاشة بما في ذلك الصراعات وانعدام الأمن، ومشاكل الحكامة، وعدم الاستقرار الاقتصادي، والتضخم، والتبعية للموارد الطبيعية، والكوارث الطبيعية، وغيرها.

وأكد صندوق النقد الدولي أنه «لا بد من الجمع بين عدة عناصر لتحقيق استقرار الديون: إصلاح المالية العمومية، وإنشاء بيئة اقتصادية كلية صحية، ووجود مؤسسات قوية، وتنفيذ الإصلاحات البنيوية المواتية للنمو». وبلغ الدين مستوى يسهم في تشديد شروط التمويل، مع زيادة حادة في فروق العائد السيادية للدول الأفريقية.

وسوف يؤثر انخفاض أسعار المواد الأولية، وخاصة النفط، على الدول المصدرة، بما في ذلك أنغولا، التي تعتمد بشكل كبير على عائدات النفط، التي تمثل أكثر من 90% من صادراتها. بالنسبة لنيجيريا، سيتم سد هذا الانخفاض جزئيا من خلال زيادة إنتاج النفط. ومن ناحية أخرى، فإن انخفاض الأسعار سيكون له تأثير إيجابي على الدول المستوردة للنفط في القارة.

إن هذه العوامل، مثلها كمثل العديد من العوامل الأخرى، تمنع البلدان الإفريقية من تحقيق معدلات نمو مرتفعة تسمح لها بامتصاص معدلات البطالة المرتفعة. ومن المحتمل أن يزداد الوضع سوءً مع الانخفاض الحاد في مساعدات التنمية في أعقاب قرار الولايات المتحدة تعليق اثنتين من قنواتها الرئيسية للمساعدات الإنمائية، الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وحساب تحدي الألفية، والتي كانت البلدان الإفريقية جنوب الصحراء المستفيدة الرئيسية منها. إن خطر تباطؤ الاقتصاد الصيني، بسبب الحرب التجارية مع الولايات المتحدة وبالتالي انخفاض الطلب على المواد الخام من البلدان الإفريقية، قد يشكل أيضا عاملا سلبيا ضد إفريقيا.

ورغم كل هذه العوامل غير المواتية، فمن المتوقع أن تحقق بلدان إفريقيا جنوب الصحراء معدلات نمو تبلغ 3.8% في عام 2025 و4.2% في عام 2026، وفقا لتوقعات صندوق النقد الدولي الجديدة، وهو ما يمثل تحسنا طفيفا مقارنة بعامي 2023 و2024.

ومن المهم أن نلاحظ أن هذه الأرقام تخفي تفاوتات كبيرة بين البلدان. ومن المتوقع أن تسجل بعض هذه البلدان، بما في ذلك بوتسوانا وجمهورية إفريقيا الوسطى وتشاد وغينيا الاستوائية وجنوب إفريقيا وزيمبابوي، معدلات نمو أقل من 2%.

والمقابل، ووفقا للمعطيات الجديدة لصندوق النقد الدولي، من المحتمل أن تسجل تسع دول أفريقية معدلات نمو مرتفعة تتراوح بين 6% و10.6% في عامي 2025 و2026. ويتعلق الأمر بدول معتادة على تحقيق أداء اقتصادي جيد، بما في ذلك إثيوبيا ورواندا وساحل العاج، ولكن أيضا دولا جديدة تشهد ديناميات نمو مهمة، مثل بنين والنيجر وغينيا وأوغندا. كما ستسجل النيجر ورواندا أعلى معدلات النمو في القارة في عام 2024، بنسبة 10.3% و8.9% على التوالي.

لكن من المتوقع أن تسجل غينيا أفضل أداء في عام 2025 (مع رواندا) وفي عام 2026 مع معدلات نمو متوقعة تبلغ 7.1% و10.6%، بعد نمو بنسبة 6.7% في عام 2023 و6.1% في عام 2024.

ويعود هذا النمو القوي إلى قطاع المعادن. وتستفيد البلاد من الطلب القوي من الهند والصين على البوكسيت والألمنيوم. وفي عامي 2025 و2026، وما بعدهما، سوف يكون النمو مدفوعا بشكل خاص بإنجاز مشروع سيماندو العملاق. فقد أعلنت شركة صناعة الصلب الصينية باوشان للحديد والصلب، وهي شركة تابعة لشركة باوو، في أكتوبر 2024 أن أول شحنة من خام الحديد من سيماندو من المقرر أن تستخرج في أواخر عام 2025. وسيكون منجم سيماندو قادرا على إنتاج أكثر من 100 مليون طن من خام الحديد عالي الجودة سنويا.

وسيحول هذا المشروع الاقتصاد الغيني بالكامل من خلال إنشاء خط سكة حديد متعدد الاستخدامات على طول يزيد عن 600 كيلومتر لنقل الخام والمنتجات الفلاحية والركاب، وغيرها. ووفقا لصندوق النقد الدولي، فإن استغلال سيماندو اعتبارا من عام 2025 من شأنه أن يرفع الناتج الداخلي الخام لغينيا بنسبة 26 % بحلول عام 2030، مقارنة بالسيناريو المرجعي بدون المنجم.

غينيا، التي تحتوي على أكبر احتياطي للبوكسيت في العالم وثاني أكبر منتج له، لديها احتياطيات كبيرة من الحديد (4 مليارات طن) والذهب (700 طن) والماس (40 مليون قيراط) وغيرها. كما تتمتع البلاد بإمكانات هائلة للتنمية الفلاحية والتي لا تزال غير مستغلة.

ومع ذلك، فإن النمو يواجه خطر التعطل بسبب انقطاعات التيار الكهربائي المتكررة التي تفاقمت بسبب صعوبات إمدادات النفط منذ انفجار مستودع النفط في كوناكري في دجنبر 2023.

خلف غينيا، من المتوقع أن تؤكد رواندا ديناميتها الجيدة. بعد نمو قدره 8.9% في عام 2024، من المتوقع أن تسجل البلاد معدلات نمو قدرها 7.1% في عام 2025 و7.5% في عام 2026. وبفضل الإصلاحات والحكامة الرشيدة التي تتجلى في انخفاض نسبة الفساد ومناخ أعمال ملائم، تجذب البلاد العديد من المستثمرين في قطاعات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والطاقة... في رواندا، تمثل الخدمات 48% من الناتج الداخلي الخام متقدمة على الفلاحة (23%) والصناعة (21%).

خلف هذه الدول تأتي إثيوبيا. هذه الدولة الواقعة في القرن الأفريقي، بعد الحرب في تيغراي، تستعيد ديناميتها. بعد معدل نمو قدره 8.1% في عام 2024، من المتوقع أن تشهد البلاد زيادة في ثروتها بنسبة 6.6% في عام 2025 و7.1% في عام 2026. وبالإضافة إلى قطاعها الفلاحي الذي يشهد تنوعا وتحديثا، ستتمكن ثاني أكبر دولة من حيث عدد السكان في أفريقيا (أكثر من 120 مليون نسمة) من الاعتماد على الآثار الإيجابية لسدها الكهرومائي الضخم الذي تبلغ قدرته أكثر من 5000 ميغاواط قيد الإنشاء حاليا والذي ينتج حاليا أكثر من 1550 ميغاواط من الكهرباء. وسوف تتمكن أديس أبابا أيضا من الاستفادة من تنميتها الصناعية، التي عززها استقرار العديد من الشركات الصينية، وقطاع الخدمات (السياحة، والنقل الجوي، والاتصالات، وغيرها) وتطوير بنياتها التحتية.

ومع ذلك، فإن طبيعة البلاد غير الساحلية والتوترات بين ولايات الاتحاد والحكومة المركزية تشكل مصادر هشاشة للاقتصاد الإثيوبي.

ومن بين البلدان التسعة التي من المتوقع أن تسجل معدلات نمو أعلى من 6%، هناك اثنتان فقط من البلدان التي ستعتمد على المحروقات: أوغندا والنيجر. بعد تسجيل نمو بنسبة 6.3% في عام 2024، من المتوقع تسجيل نمو بنسبة 6.1% في عام 2026 و7.6% في عام 2027، وذلك بفضل التأثيرات الإيجابية لحقول النفط المكتشفة في بحيرة ألبرت. ومن المتوقع أن يبدأ استغلال النفط في نهاية عام 2025، ومن المفترض أن يكون له تأثير إيجابي على اقتصاد البلاد.

وتقدر احتياطياتها المؤكدة بنحو 6.5 مليار برميل، منها 1.4 مليار برميل قابلة للاستغلال، وقد أنشأت البلاد خط أنابيب لنقل الذهب الأسود عبر كينيا. ومن المتوقع أن تضمن هذه الاحتياطيات ما بين 25 و30 عاما من الاستغلال مع إنتاج يبلغ نحو 230 ألف برميل يوميا. ومن ثم فإن النفط سوف يعمل على تعزيز الاقتصاد المتنوع والدينامي نسبيا والذي يعتمد على الفلاحة (القهوة والزهور والقطن والشاي والسكر والتبغ وغيرها)، والموارد المعدنية (الذهب)، والصناعة (الصلب والأسمنت وغيرها).

وسجلت النيجر أفضل أداء اقتصادي في القارة في عام 2024 بمعدل نمو بلغ 10.3%، وفقا لصندوق النقد الدولي، على الرغم من انعدام الأمن المرتبط بالإرهاب والعقوبات الدولية المفروضة على البلاد منذ انقلاب يوليوز 2023. ويفسر هذا النمو بشكل رئيسي بالزيادة الحادة في إنتاج النفط، من 20 ألفا إلى 100 ألف برميل يوميا، وتهاطل الأمطار بشكل جيد مما عزز الإنتاج الفلاحي.

وبالنسبة لعامي 2025 و2026، من المتوقع أن تشهد النيجر معدلات نمو تبلغ 6.6% و6.7% على التوالي، وذلك بفضل عائدات النفط التي استؤنفت صادراتها من بنين، واحتمالات هطول أمطار جيدة في العام المقبل.

وخلف هذه البلدان الأربعة، نلاحظ آفاق النمو الجيدة في زامبيا (6.2% في عام 2025 و6.8% في عام 2026)، وساحل العاج (6.3% في عام 2025 و6.4% في عام 2026)، وبنين (6.5% في عام 2025 و6.2% في عام 2026)، وأخيرا تنزانيا (6% في عام 2025 و6.3% في عام 2026).

وبالإضافة إلى هذه الدول التسع، هناك دول أخرى قريبة من هذه الأداءات. وهذا هو حال جيبوتي (6% في عام 2025 و5.5% في عام 2026)، والسينغال (8.4% في عام 2025 و4.1 % في عام 2026)، وغامبيا (5.9% في عام 2025 و5% في عام 2026)، وليبيريا (5.3% في عام 2025 و5.5% في عام 2026)، ومالي (4.9 % في عام 2025 و5.1% في عام 2026)، والطوغو (5.3% في عام 2025 و5.5 %في عام 2026)...

نمو الناتج الداخلي الخام المنتظر في العام 2025 نمو الناتج الداخلي الخام المتوقع في العام 2025 نمو الناتج الداخلي الخام في العام 2024الدول
10,67,16,1غينيا
7,57,18,9رواندا
7,16,68,1إثيوبيا
7,66,16,3أوغندا
6,76;610,3النيجر
6,26,56,5بنين
6,46,36,0كوت ديفوار
6,86,24,0زامبيا
6,36,05,4تنزانيا

ومع ذلك، وعلى الرغم من معدلات النمو المرتفعة هذه، فإن الاقتصادات الإفريقية معرضة بشدة للصدمات الخارجية. ولمعالجة هذه المشكلة، يتعين على البلدان الأفريقية ضبط سياساتها الاقتصادية الكلية وتكوين هوامش للمناورة، مثل الاحتياطيات الموازناتية خلال الزيادات المؤقتة في المداخيل من صادرات المحروقات والمعادن. وفضلا عن ذلك، تحتاج القارة الأفريقية إلى نمو أسرع وأكثر شمولا لتحسين مستويات معيشة سكانها.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 08/05/2025 على الساعة 07:00