أزمة عالمية تخنق السماء الإفريقية.. خسائر بـ11 مليار دولار لشركات الطيران

شركات طيران

في 04/11/2025 على الساعة 13:09

منذ أكثر من ثلاث سنوات، واجهت شركات الطيران، وخاصة الإفريقية منها، اضطرابات في سلاسل توريد الطائرات وقطع الغيار. ووفقا للاتحاد الدولي للنقل الجوي وأوليفر وايمان، وهي شركة استشارات إدارية عالمية رائدة، فإن هذه الاضطرابات قد تكلف شركات الطيران الإفريقية 11 مليار دولار.

قد تشكل الأزمة الحالية التي يعرفها الإنتاج العالمي للطائرات وقطع الغيار تكلفة باهظة بالنسبة لشركات الطيران الإفريقية، التي تعمل جميعها على توسيع أساطيلها. هذا ما خلصت إليه دراسة مشتركة أجراها الاتحاد الدولي للنقل الجوي وشركة أوليفر وايمان، وهي شركة استشارات إدارية عالمية رائدة تابعة لشركة مارش ماكلينان.

وأكدت الدراسة قائلة: «تؤدي مشاكل سلسلة التوريد في صناعة الطيران إلى تأخير إنتاج الطائرات الجديدة وقطع الغيار، مما يجبر شركات الطيران على إعادة تقييم تخطيط أساطيلها، وفي كثير من الحالات، على إبقاء الطائرات القديمة في الخدمة لفترات أطول». ولإعطاء نظرة على حجم المشكلة، أشارت الدراسة إلى أن تراكم الطلبات العالمية قد وصل إلى مستوى قياسي بلغ 17,000 طائرة في عام 2024.

تؤثر هذه الأزمة بشكل خاص على شركات الطيران الإفريقية، الهشة في معظمها. وتؤدي هذه الاضطرابات بشكل رئيسي إلى تأخيرات في تسليم الطائرات وقطع الغيار، بما في ذلك المحركات. ويعني هذا الاضطراب أن العديد من شركات الطيران تعمل حاليا بجزء من أسطولها متوقف عن العمل بسبب نقص قطع الغيار. وتشهد العديد من شركات الطيران الأصغر في القارة عمليات تسليم طائرات بشكل متقطع.

وهكذا، اضطرت الخطوط الجوية الإثيوبية، شركة الطيران الرائدة في إفريقيا، إلى استئجار طائرات إضافية لمواجهة تأخيرات التسليم الناجمة عن تأخيرات الإنتاج في شركة بوينغ. وتواجه الخطوط الجوية الجزائرية أيضا الوضع نفسه، حيث لم تستلم أيا من الطائرات الـ16 التي طلبتها. ويبدو أن الخطوط الملكية المغربية أقل تأثرا نسبيا، ولكنها مضطرة أيضا إلى الاعتماد على التأجير لتحقيق الحجم المطلوب في إطار رؤيتها الاستراتيجية.

يؤدي هذا الوضع إلى تقليص نشاط العديد من شركات الطيران، ويؤثر على الربط داخل القارة.

وينعكس هذا النقص في الطائرات وقطع الغيار على ارتفاع تكاليف شركات الطيران، إذ يتطلب الضغط على الطائرات الحالية المزيد من الصيانة. وفضلا عن ذلك، يؤدي عدم القدرة على تحديث الأسطول إلى ارتفاع تكاليف الوقود، نظرا لأن الطائرات القديمة تستهلك وقودا أكثر بنسبة 25% من طائرات الجيل الجديد. ومع ذلك، فإن تكلفة الكيروسين في إفريقيا أعلى بنسبة 17% منها في أماكن أخرى، وفقا لاتحاد النقل الجوي الدولي.

ونتيجة لهذه التكاليف الإضافية، تتقلص هوامش ربح شركات الطيران بشكل كبير. خاصة إذا علمنا أن شركات الطيران الإفريقية هي بشكل عام هشة، وقليل منها يحقق أرباحا سنوية.

تمنع مشاكل سلسلة التوريد شركات الطيران من نشر طائرات كافية لتلبية الطلب المتزايد. فعلى سبيل المثال، عزت الخطوط الجوية الكينية جزءً من خسائرها في النصف الأول من عام 2025 إلى عدم توفر جزء من أسطولها بسبب نقص قطع الغيار.

ويمكن أن تكون مشاكل سلسلة التوريد مكلفة لشركات الطيران في القارة. ووفقا للدراسة المشتركة بعنوان «إنعاش سلسلة توريد الطائرات التجارية»، فإن التكاليف المرتبطة بهذه الأزمة قد تتجاوز 11 مليار دولار في عام 2025، وتنبع من أربعة عوامل رئيسية.

هناك أولا تأثير تكاليف الوقود الزائدة، والمقدرة بنحو 4.2 مليار دولار. وتشير الدراسة إلى أن «شركات الطيران تشغل طائرات قديمة وأقل فعالية في استهلاك الوقود بسبب تأخر تسليم الطائرات الجديدة، مما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الوقود». وهكذا، كلما كانت الطائرة أقدم، زاد استهلاكها للكيروسين.

ثم تأتي تكاليف الصيانة، والمقدرة بنحو 3.1 مليار دولار. وتوضح الدراسة أن «الأسطول العالمي يتقادم، والطائرات القديمة تتطلب صيانة بشكل دوري، وبالتالي فعذه الصينانة تكون مكلفة». بالإضافة إلى ذلك، يدفع نقص قطع الغيار شركات الطيران إلى استئجار المحركات. ومن المتوقع أن تصل تكاليف هذا التأجير إلى 2.6 مليار دولار. ووفقا للدراسة، ارتفعت أسعار التأجير بنسبة 20 إلى 30% منذ عام 2019.

وأخيرا، هناك تأثير زيادة تكاليف الحفاظ على المخزون، والمقدرة بنحو 1.4 مليار دولار. ويرجع هذا الارتفاع الكبير في التكاليف إلى أن «شركات الطيران تخزن المزيد من قطع الغيار للتخفيف من الاضطرابات غير المتوقعة في سلسلة التوريد، مما يزيد من تكاليف المخزون».

وهكذا، تعرض أزمة الطيران العالمية خطط التوسع للعديد من شركات الطيران الأفريقية للخطر، وتفاقم ضعف الشركات الإفريقية في هذا القطاع، والتي تعاني أصلًا من هوامش ربح ضئيلة للغاية نتيجة ارتفاع تكلفة الكيروسين، وارتفاع الضرائب والرسوم، وتكاليف التأمين التي تتجاوز المتوسط العالمي بنسبة تتراوح بين 6% و10%.

هذه العوامل مجتمعة تفسر أنه في عام 2024 حققت شركات الطيران الإفريقية في المتوسط دولارا واحدا فقط لكل راكب، مقارنة بمتوسط عالمي يبلغ 7.20 دولارا.

قد يؤدي هذا الوضع إلى إفلاس شركات الطيران الأكثر هشاشة في القارة.

ولذلك، ينبغي على الدول الإفريقية تقليص اعتمادها على سلاسل الإنتاج والصيانة الأجنبية.

للأسف، باستثناء جنوب إفريقيا والمغرب، فإن عددا قليلا جدا من الدول الإفريقية مدمج في سلاسل القيمة العالمية لصناعة الطيران. كما أن عددا قليلًا من دول القارة لديه بنية تحتية للصيانة والتي تلبي المعايير الدولية. وتشمل هذه الدول جنوب أفريقيا والمغرب وإثيوبيا ومصر. هذه الوضعية تزيد بشكل كبير من الاعتماد على مراكز الصيانة الأجنبية ويطيل فترات توقف الطائرات. وفي هذا الصدد، تعد المبادرة التعاونية بين خمس شركات إفريقية للنقل الجوي (الخطوط الملكية المغربية، ومصر للطيران، والخطوط الجوية الإثيوبية، والخطوط الجوية الكينية، والخطوط الجوية الجنوب إفريقية) لتوحيد جهودها في صيانة وإصلاح الطائرات جديرة بالثناء. ومن شأن هذا التعاون أن يمهد الطريق لمزيد من الاستقلالية التقنية وتوفير تكاليف كبيرة لشركات الطيران الإفريقية.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 04/11/2025 على الساعة 13:09