المركب الذي دشن سنة 2004، وكان فضاء يحتضن جل الفعاليات الثقافية والفنية، قبل أن يتم إغلاقه بهدف إصلاحه وتقديمه لساكنة فاس في حلة جديدة، لكن الأشغال توقفت بعد ذلك، ليبقى المسرح مهجورا وملاذا للمشردين، ما أثار استياء الجسم الفني والجمهور على حد سواء.
وفي هذا الصدد، قال أسامة العزيري، فنان مسرحي و مدير جمعية مبدعون ومبدعات، في تصريحه لـ Le360، أن هذا الإغلاق الطويل الأمد، حرم العاصمة العلمية من فضاء ثقافي، كان يشكل منصة أساسية للإبداع والتواصل بين الفنانين وجمهورهم، الذين وجدوا أنفسهم أمام أبواب مغلقة بأقفال من حديد، وبسبب هذا الإهمال انطلقت شرارة الاحتجاج عبر منصات التواصل الاجتماعي من خلال هاشتاج « #افتحو أبواب المركب الثقافي »، بهدف إيصال صوت الفاعلين بالمجال الثقافي والفني، حيث تم بالموازاة مع ذلك، تقديم ملتمس للجهات المسؤولة لتسريع وثيرة الأشغال، حتى يرى المركب الثقافي النور مرة أخرى.
وفي خضم حديثه، أضاف المتحدث ذاته « قبل أسبوع أكد لنا عمدة المدينة أن سبب التأخير في الإنجاز، هو عدم التأشير على الميزانية سنة 2022 و 2023 و انسحاب مكتب الدراسات بعد المصادقة على الصفقة لتهيئته الداخلية سنة 2024، بسبب إعلان المكتب إفلاسه، وأنه قد تم مؤخرا فتح الأظرفة و اختيار مكتب جديد للدراسات، ينتظر منه بداية العمل شهر فبراير الجاري على أن تعود الأشغال بنفس السنة ».
وطالب الفاعل الثقافي بتسريع وثيرة العمل لإنهاء الأشغال المتعثرة، والتي امتدّت لوقت طويل، لأن الوضع أصبح يشكل عائقا حقيقيا أمام كل مهتم بالشأن الثقافي بمدينة فاس، لكي يستعيد هذا الفضاء وهجه و حركيته وديناميته، وسد الخصاص بغض النظر عن وجود دور شباب تعد هي الأخرى على رؤوس الأصابع، وتفتقر لأبسط الإمكانيات اللوجستيكية.
وفي سياق متصل، أكد محمد العلمي مدير فني و باحث في الثقافة والإعلام والتواصل، في تصريحه ل le360, أن إعادة فتح المركب الثقافي الحرية ليس مجرد مطلب فني، بل أضحى واجبا مستعجلا لاستعادة الإشعاع الثقافي لمدينة فاس، لضمان استمرار دورها كعاصمة علمية وثقافية للمملكة، لأن هذا الوضع لا يضر الفنانين فقط، الذين باتوا يفتقرون إلى فضاء ملائم للإبداع، بل امتد تأثيره إلى سكان فاس الذين حُرموا من الاستمتاع بالعروض الفنية والمسرحية، مردفا: « مدينة فاس، بتاريخها الثقافي الغني وإرثها العريق، تستحق عناية أكبر ببنيتها الثقافية لتظل قِبلة للإبداع ومركزا للتنوير ».
وأشار في ذات السياق، أن مسؤولية إغلاق مركب الحرية يتحملها مجلس جماعة فاس، و مدبري الشق الثقافي من داخل المجلس على وجه الخصوص، بصفة هذه الأخيرة الهيئة المنتخبة المسؤولة عن تسيير شؤون المدينة، فالتأخر في استكمال هذا الورش يعكس ضعفا في تدبير هذا الملف الحيوي، كما تتحمل وزارة الشباب والثقافة والتواصل، باعتبارها الجهة الوصية على قطاع الثقافة بالمملكة، مسؤولية توفير الفضاءات الثقافية وتأهيلها لتكون في مستوى تطلعات الفنانين والجمهور.
وعلى اعتبار أن إعادة تهيئته كانت رهانا حقيقيا للنهوض بالأنشطة الثقافية من داخل مدينة فاس، كان من المفترض أن يتم التفكير في مستقبل المركب وفق مقاربة تشاركية، تشرك الرواد والفنانين الثقافيين بمدينة فاس وكذا المسرحيين والسنمائيين والشباب، لوضع خطة واضحة المعالم للخروج من حالة الاحتضار التي تشهدها مدينة فاس، ستساهم بشكل أو بآخر في حلحلة الوضعية الراهنة، وستنعكس إيجابا على المنتوج الفني والثقافي.
وعلى أمل تفاعل الجهات الوصية، يستمر عدد كبير من الفنانين من مختلف ربوع المملكة في نضالهم، عبر احتجاجات في منصات التواصل الاجتماعي، من خلال تفعيل عريضة إلكترونية للفت انتباه مسؤولي المدينة، لفتح المركب الوحيد بمدينة فاس، ولتبني وبلورة سياسة ثقافية تليق بمقام العاصمة العلمية.