وتأتي أهمية هذا العمل في كونه يفتح النقد الأدبي على مجالات تقترب من الفكر أكثر من النقد. ذلك إنّ موضوع دراسة الصورة يدخل وفق منزع فلسفي لم يتبلور بعد مغربياً، إذْ نادراً ما نعثر على مؤلفات تستشكل صورة الذات في الأجناس الأدبية، بما يجعل العملية النقدية تنطلق من مفاهيم فكرية بها تُضيء رحابة تُضيء رحابة الأعمال الروائية. ورغم وجود دراسات نقدية كثيرة ذات صلة بالرواية ومتخيّلها، فإنّ دراسات من هذا القبيل تبقى ذات قيمة كبيرة بالنسبة للنقد المغربي بحكم أنّها تُخرجه من مفاهيم الرتابة والتقليد. تقول الباحثة « لعل الثابت في هذا الكتاب هو السعي إلى تقليب وجوه الهوية في علاقتها بالغيرية، وذلك في مختلف أبعادها وتجلياتها المتغيرة بتغير موقع الآخر من الذات. والقصد أن نخرج -بعد قراءة هذا العمل- بارتسام يغير تقييمنا لخطاب الذات عن الذات في الرواية المغربية بشكل جذري. فندرك المواجهة التي تعيشها الذات مع ذاتها اليوم، ومع آخرها المشابه الذي ينتمي إليها، وآخرها المختلف عنها والمخالِف لها ».
وترى بأنّ هذا الأمر « يسعف -لا محالة- في بناء تصور متكامل عن الصورة الحديثة للمغربي، بالرغم من أن هذه الصورة التي نجدها في رواية، قد نجد نقيضها في أخرى، كما قد نلفي ما يؤكدها ويدعمها؛ لأن الصورة لا تعدو أن تكون مجرد رؤية أو وجهة نظر تعبر عن رأي كاتبها، ولا تكون مأخوذة من الواقع بالضرورة. إن ما نستبينه من جعل الصور بعضها على بعض هو تمثيلات شتى للذات والآخر، تنكشف من خلالها تصورات هي أقرب إلى البوح الذاتي منه إلى النقل الموضوعي. رُسِمت تفاصيلُها في الروايات المغربية المنتقاة لتُبِين النظرة إلى الذات وإلى الأجنبي وتلخِّص الموقف منهما معا ».