وستنظم حملة طيلة سنة 2025 لمطالبة الحكومات والمجتمعات بتكثيف الجهود لإنهاء وفيات الأمهات والمواليد، وتسليط الضوء على المخاطر التي تتعرض لها النساء والمواليد عند تلقي رعاية غير آمنة أثناء الولادة.
وذكرت الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة والحق في الحياة، أن معدلات وفيات الأمهات والأطفال الرضع لا تزال مرتفعة بسبب مضاعفات الحمل أو الولادة، وهي حالات يمكن الوقاية منها من خلال منح الأولوية لصحة المرأة ودعمها خلال مرحلتي الحمل والولادة وما بعد الولادة.
ولفتت الشبكة إلى أن الأمم المتحدة حذرت من ارتفاع معدلات وفيات الأمهات المرتبطة بالحمل والولادة، حيث أشارت منظمة الصحة العالمية إلى أن نحو 4.5 مليون أم ورضيع يتوفون سنويًا في أنحاء العالم خلال الحمل، وعند الولادة، أو في الأسابيع الأولى لولادة الرضيع.
ويبلغ عدد وفيات الأمهات حوالي 287,000 حالة وفاة سنويًا، أي ما يعادل 800 حالة وفاة يوميًا، أو وفاة واحدة كل دقيقتين. كما وصل عدد الأطفال الذين يموتون قبل بلوغهم سن الخامسة إلى 4.8 مليون في عام 2023، بينما ظلّ عدد المواليد الموتى حوالي 1.9 مليون.
وترجع هذه الخسائر المأساوية توضح الشبكة، إلى أسباب شائعة يمكن الوقاية منها أو علاجها، مثل الولادة المبكرة، النزيف الحاد، ارتفاع ضغط الدم المرتبط بالحمل، أو أمراض مثل فيروس نقص المناعة البشرية (الإيدز) والملاريا، إضافة إلى مضاعفات الولادة، والالتهاب الرئوي، والإسهال، وسوء التغذية، والتأخر في طلب الرعاية الطبية بسبب عدم توفر وسائل النقل أو الخدمات الصحية الملائمة، خاصة في المناطق النائية. كما أن الإجهاض غير الآمن يُعدّ من أسباب الوفيات، حيث يمثل حوالي 15% من حالات الوفاة بين الأمهات.
في المغرب، تؤكد الشبكة، « رغم التقدم الذي أحرزه المغرب خلال العقود القليلة الماضية في خفض وفيات الأمهات والأطفال حديثي الولادة، في إطار تحقيق غايات الهدف الثالث من أهداف التنمية المستدامة لعام 2030، فإن المؤشرات لا تزال مرتفعة ».
وحسب نفس المصدر، فقد انخفض معدل وفيات الأمهات من 244 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة سنة 2000 إلى 72.6 حالة وفاة لكل 100 ألف ولادة سنة 2020، مقارنة بدول مثل تونس (37)، مصر (17)، الأردن (38.5)، السعودية (16)، الإمارات (9)، فرنسا (8)، والنرويج (2) لكل 100 ألف ولادة.
كما رصد تقرير لليونيسيف تراجع معدل وفيات الأطفال في المغرب، حيث انخفض معدل وفيات الأطفال دون سن الخامسة من 52 وفاة لكل ألف مولود حي عام 2000 إلى 17 عام 2022، فيما انخفض معدل وفيات الرضع من 64 وفاة لكل ألف رضيع عام 1990 إلى 15 عام 2022 (تونس 12، فرنسا 3.63).
ورغم هذا التقدم، تضيف الشبكة، لا يزال المغرب يشهد ارتفاعًا غير مقبول في وفيات الأمهات أثناء الحمل والولادة وبعدها، وهي من القضايا الصحية الحرجة والتحديات التي تواجه المجتمع ونظام الصحة والحماية الاجتماعية. فبالرغم من التحولات الديمغرافية التي عرفها المغرب، كارتفاع معدل التعليم وتراجع معدل الخصوبة (من 5.2 طفل لكل امرأة سنة 1982 إلى 1.97 طفل لكل امرأة سنة 2024)، فإن الفوارق الطبقية والمجالية، الفقر، الهشاشة، البطالة، وسوء التغذية وتلوث البيئة لا تزال تؤثر على صحة الأمهات والأطفال.
وقالت الشبكة، إن « النظام الصحي المغربي يعاني من نقص في التجهيزات الطبية والموارد البشرية، إضافة إلى ضعف التمويل ونقص الإمدادات الطبية الأساسية، والتجهيزات التقنية الكافية وتقادمها والتأخر في صيانتها، وعدم ضبط تموين الأدوية والمستلزمات الطبية، مع غياب توثيقها لتفادي فسادها وقلة الموارد البشرية المؤهلة من قابلات وأطباء التوليد وسوء توزيعها المجالي وضعف مستوى الحكامة و المساءلة كما أشارالى ذلك تقرير المجلس الأعلى للحسابات ».
وأوصت الشبكة، بالتنفيذ الفعّال للاستراتيجية الوطنية للأمومة الآمنة والسليمة، بهدف إنهاء وفيات الأمهات التي يمكن الوقاية منها، وتحسين المحددات الاجتماعية للصحة، بما في ذلك التعليم، التغذية، وظروف العيش. وتعميم الحماية الاجتماعية والتأمين الصحي والتقاعد والدعم المباشر الأسر الفقيرة، إلى جانب تعزيز صيانة البنى التحتية الصحية وضمان توفر الأدوية والمستلزمات الطبية بشكل منتظم، وتوفير رعاية صحية عالية الجودة مجانا لجميع النساء أثناء الحمل والولادة وبعدها، وضمان الحق في خدمات الصحة الجنسية والإنجابية الآمنة.
كما دعت إلى دعم الكوادر الصحية من أطباء توليد، ممرضات، وقابلات، وضمان حصولهم على التدريب المناسب والمعدات اللازمة. والحوافز المادية، ومعالجة الفوارق الصحية بين المناطق الحضرية والريفية، وتعزيز العدالة الصحية والاجتماعية، وكذا الاستثمار في صحة الأم والطفل باعتباره استثمارًا في مستقبل المجتمع. ومنع زواج القاصرات، وتشجيع الزواج القانوني وتوفير حزمة من الخدمات الاجتماعية لبناء أسر قوية مستقرة ومتماسكة.