التلاعب في الشواهد الجامعية مقابل المال بأكادير: القصة الكاملة لممارسات خطِرة.. وآخر مستجدات الملف

مقر رئاسة جامعة ابن زهر. DR

في 20/05/2025 على الساعة 09:30

اجتمع وزير التعليم العالي والبحث العلمي عز الدين ميداوي، الاثنين 19 ماي 2025، بعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير، بمعية نائبيه، بالعاصمة الرباط، وذلك لمعرفة حيثيات ما بات يعرف اليوم بـ«فضيحة التلاعب بتسجيلات سلك الماستر ومنح دبلومات جامعية لأشخاص بمقابل مادي سمين»، وسط ترقب لما ستؤول إليه التحقيقات المعمقة التي تجريها الفرقة الوطنية للشرطة القضائية.

وأوردت مصادر Le360 أن الوزير المذكور اجتمع بعميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، محمد بوعزيز، وطلب منه الإدلاء بتوضيحات شافية حول الموضوع الذي أصبح حديث الساعة في مختلف وسائل الإعلام ومنصات التواصل الاجتماعي وهز أركان جامعة ابن زهر التي يُدرِّس بها الأستاذ المشتبه فيه، أحمد قيلش، الموقوف على ذمة التحقيق والمودع بالسجن المحلي الأوداية بمراكش، منذ الثلاثاء 13 ماي 2025، تنفيذا لتعليمات قاضي التحقيق باستئنافية مراكش.

وأضافت المصادر ذاتها أن وزير التعليم العالي والبحث العلمي استدعى عميد الكلية ونائبيه قبل أن يحيل الملف على المفتشية العامة التابعة للوزارة التي ستتوجه إلى أكادير بغية مباشرة تحقيقاتها في هذا الملف، فيما يُجهل مصير امتحان طلبة الفصل السادس من شعبة القانون الخاص بسلك الإجازة في الدراسات الأساسية والمتعلق بمادة المسطرة الجنائية، أمام طمأنة صادرة عن عميد الكلية في تعليق له على منشور عبر فيسبوك، حيث قال: «طلبة الأستاذ المعتقل بسلك الإجازة لن يكونوا ضحية، وامتحاناتهم ستمر في ظروف عادية جدا، هناك أساتذة شرفاء سيقومون بما يلزم بخصوص وضع الامتحان وتصحيحه وكذا مشاريع نهاية الدراسة التي سيتولاها أساتذة في التخصص. لا داعي للقلق بهذا الشأن».

من أستاذ مطرود من كلية آسفي إلى أستاذ مرحب به بداخل أسوار كلية الحقوق بأكادير

المشتبه فيه، بحسب مصادر، كان يشتغل موظفا جماعيا بالدار البيضاء قبل أن يعين أستاذا بالكلية متعددة التخصصات بآسفي التابعة لجامعة القاضي عياض بمراكش، إلا أن مساره لم يتجاوز ست سنوات بعد تفجر فضيحة تتعلق بالتحرش الجنسي بعدد من الطالبات وتناسل مجموعة من الشكايات، الأمر الذي أدخل الكلية في متاهة الاحتجاجات ضده من طرف الطلبة إلى أن طُرد، ليغادر المنطقة ويحط رحاله بكلية الحقوق بأكادير سنة 2013 رغم أن سمعته «سيئة» وغير جديرة بأن تشفع له بالعودة إلى قاعات ومدرجات الجامعات المغربية، يرى متابعون.

الدجاجة التي تبيض ذهبا

بمجرد «تغوّله»، يقول مصدر آخر، داخل كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية بأكادير، بادر قيلش إلى فتح ماستر تحت عنوان: «المنظومة الجنائية والحكامة الأمنية»، والذي تحول في ما بعد إلى «الدجاجة التي تبيض ذهبا»، فأصبحت شواهد الماستر توزع يمينا وشمالا على أصحاب النفوذ وشخصيات في قطاعات مختلفة، تقول مصادرنا، دون أن يكون لها أي حضور داخل الفصول الدراسية طيلة سنتيْ الماستر ودون أن تتكبد عناء التنقل نحو الكلية التي يُقابَل فيها الطلبة المغلوب على أمرهم بتطبيق صارم للقانون حينما يغيبون عن أي حصة.

مثل مغربي: «للي بغاها كلها كيخليها كلها»

هذا ما حدث للأستاذ، ازداد طمعه، تقول مصادر متتبعة للملف، ليوسع دائرة نفوذه وأحيانا «بطشه» نحو عدد من الطلبة الذين سئم بعضهم من تصرفاته معهم، فاختار نسج المزيد من العلاقات ومنح الشواهد العليا لعدد من الأسماء دون أدنى استحقاق، تضيف المصادر، غير آبه بعدد من الشكايات التي تقدم بها متضررون وأحيانا بعض التدوينات هنا وهناك على موقع التواصل الاجتماعي التي تشكك في مصداقية الولوج لهذا الماستر وسيطرة «الزبونية» و«المحسوبية» في الانتقاءات الأولية إلى الانتقاء النهائي والتسجيل في المسلك.

سقوط مدوي يهز أركان الجامعة ويطرح علامات استفهام كبرى

الشكايات والتدوينات التي سبق وأن دُوِّنت على منصات التواصل الاجتماعي وتواترها بشكل كبير، وسقوط موثق في يد العدالة، كان من الخيوط التي قادت الفرقة الوطنية للشرطة القضائية إلى اكتشاف هذه الفضيحة المدوية، حيث أكدت مصادر لـLe360 أن المدان بخمس سنوات حبسا نافذا، اعترف للمحققين بكونه حصل على شهادة الماستر المذكور بعد التسجيل فيه بمقابل مادي مهم، لتنطلق بعدها تحقيقات كبيرة شملت مشتبها فيهم آخرين قبل أن يتم اعتقاله وإيداعه السجن المحلي الأوداية بضواحي مراكش، بناء على أوامر قاضي التحقيق بمحكمة الاستئناف بمراكش.

السقوط المدوي شمل أيضا مشتبها فيهم، منهم زوجته المحامية وابن موظف في المحكمة الابتدائية بآسفي ومجموعة من المنتسبين إلى القضاء والمحاماة، حيث تم وضعهم تحت المراقبة القضائية، في انتظار استكمال جميع فصول القضية وتعميق البحث فيها، والذي ينتظر أن يطيح برؤوس أخرى.

عمر حلي، الرئيس السابق لجامعة ابن زهر بأكادير، يكتب..

دفعت منشورات تتضمن أسماء عدد من الشخصيات إلى خروج البعض منها بتدوينات تتبرأ من اللائحة المتداولة على نطاق واسع، والتي تتهمهم بالمشاركة في شبهة «التلاعب بالتسجيل في الماستر ومنح شواهد لأشخاص نافذين بدون استحقاق»، مؤكدين أن لا علاقة لهم بالموضوع بينما اختار آخرون اللجوء إلى القضاء لجبر الضرر.

عمر حلي، الرئيس السابق لجامعة ابن زهر ومستشار المدير العام للإيسيسكو لاتحاد جامعات العالم الإسلامي حاليا، أحد الأسماء التي تبرأت مما هو متداول، قائلا، في تدوينة له على صفحته الخاصة على فيسبوك: «أستغرب كيف يسعى البعض إلى الزج باسمي في شيء أنا بعيد عنه كل البُعد، وإني لأعرف من يبعث بعَبَثِه لمنابر معينة، وهذا الأمر يتم منذ سنوات وقد آليت على نفسي أن لا أجيب التافهين»، وذلك في إشارة إلى جهات يعتبرها «تسعى إلى النيل من سمعته».

وتبقى الأسئلة المطروحة في هذه القضية، التي أسالت مداد الصحف المكتوبة وتسيَّدت عناوين المواقع الإلكترونية الإخبارية وبرزت في وسائل الإعلام العمومية وانتقلت لكبريات القنوات العربية، هل الأمر يتعلق بحالة معزولة وشاذة في الجامعة المغربية أم أن القضية مجرد الشجرة التي تخفي الغابة؟ وهل ستطيح «الفضيحة» بأسماء آخرى وتعيد لجامعة ابن زهر بريقها وسط الجامعات المغربية؟ وما مصير الحاصلين على شواهد «مشبوهة» من الماستر المعلوم؟

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 20/05/2025 على الساعة 09:30