زيارة وزير الداخلية الإسباني للمغرب تعطي نفسا جديدا للعلاقات وتنبئ بالمزيد

وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت ونظيره الإسباني فرناندو غراندي مارلاسكا

في 21/01/2024 على الساعة 16:00, تحديث بتاريخ 21/01/2024 على الساعة 16:00

تعيش العلاقات المغربية-الإسبانية أزهى فتراتها، وأسهم الارتقاء بعلاقة البلدين الجارين إلى مستوى شراكة اتخذت بعدا استراتيجيا، في جعلها نموذجية بين بلدين ينتميان إلى قارتين مختلفين ويطلان على البحر الأبيض المتوسط.

تعيش العلاقات المغربية الإسبانية أزهى فتراتها، وأسهم الارتقاء بعلاقة البلدين الجارين إلى مستوى شراكة اتخذت بعدا استراتيجيا، في جعلها نموذجية بين بلدين ينتميان إلى قارتين مختلفين ويطلان على البحر الأبيض المتوسط.

وجاءت زيارة وزيري الخارجية، خوسيه مانويل ألباريس، والداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا للمغرب، للتباحث مع نظيرهما المغربيين ناصر بوريطة وعبد الوافي لفتيت لتعطي دفعة قوية للشراكة الاستراتيجية والنموذجية بين البلدين، كما أنها تؤكد تبادل الزيارات بين المسؤولين الحكوميين مؤشر على الانتعاش والطموح للأفضل وتنبئ بالمزيد.

وهو ما تؤكده تصريحاتهما إذ قال ألباريس خلال لقاء نظم من طرف « نويفا إيكونوميكا فوروم »، إن المغرب يعد « شريكا استراتيجيا من الدرجة الأولى » بالنسبة لإسبانيا، مشيدا بـ »التعاون النموذجي » القائم بين البلدين في جميع المجالات.

أما فرناندو غراندي مارلاسكا، فقال في حوار خص به وكالة المغرب العربي للأنباء إن علاقات التعاون بين المملكة المغربية والمملكة الإسبانية تقوم على أساس « الثقة المتبادلة والوفاء المطلق »، مشيرا إلى أن « أسس التعاون بين المغرب وإسبانيا بنيت على مر السنين على أهداف ومبادئ مشتركة، في إطار الثقة المتبادلة والوفاء المطلق، مما مكن الطرفين من تطوير وسائل التفاعل بروح من الفعالية والنجاعة ».

محمد بودن: العلاقات المغربية - الإسبانية تحرز نتائج ملموسة

يرى محمد بودن، رئيس مركز أطلس لتحليل المؤشرات السياسية والمؤسساتية والخبير في الشؤون الدولية المعاصرة أن العلاقات المغربية - الإسبانية تحرز نتائج ملموسة منذ تدشين المرحلة الجديدة خلال اللقاء الذي جمع الملك محمد السادس و رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيث في أبريل 2022.

وأوضح في قراءته لهذه العلاقة في أعقاب لقاء وزيري الداخلية في البلدين أن « تبادل زيارات الوفود رفيعة المستوى بين البلدين واتساع نطاق التعاون الثنائي هو جزء من الحصيلة الإيجابية للمرحلة وتأكيد على الأدوار الرئيسية للبلدين في الفضاءين المتوسطي والأطلسي ».

وأكد أنه مثلما « مثلت زيارة وزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس في نهاية سنة 2023 ختاما لسلسلة من المكاسب في نموذج التعاون المغربي الإسباني فإن زيارة وزير الداخلية فرناندو غراندي مارلاسكا تمثل افتتاحا لاستحقاقات العلاقات الثنائية خلال سنة 2024 ومناسبة لتأكيد أولوية الشراكة بين البلدين واستمرار تعزيزها في مجالات متعددة لاسيما التعاون الأمني والاقتصادي والتبادل الثقافي والحوار السياسي ».

ومضى بودن يقول: « من المؤكد أن لقاء وزير الداخلية الإسباني بنظيره المغربي عبد الوافي لفتيت يمثل تجسيدا للحوار الدائم في العلاقات بين البلدين التي تثبت أهميتها وطابعها الاستراتيجي اليوم أكثر من أي وقت مضى ».

وشدد على أن البلدين يواجهان « تحديات مشتركة ووسط هذه التحديات تتعزز العلاقات وينمو الترابط الاستراتيجي متعدد الأبعاد، ويمثل التعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا محورا حاسما وعلامة فارقة في مسيرة العلاقات الثنائية ويحقق هذا التعاون في إطار أوسع فوائد أكبر لأوروبا وأفريقيا ».

كما اعتبر أن « اللقاء بين وزيري الداخلية في البلدين هو جزء من التواصل الوثيق والمستمر من أجل تحقيق استفادة أكبر من إمكانات العلاقات المغربية الإسبانية والواقع أن إسبانيا تدرك الدور الأساسي للمغرب في منظومة الأمن الإقليمي لكون المغرب ليس متلقي أمني يتفاعل مع الخطط الأمنية في المنطقة بل مزود أمني يزود المنطقة بالتدابير الأمنية الاستباقية ».

وأضاف المحلل « ثمة نتائج ملموسة وقيمة كبيرة للتعاون الأمني بين المغرب وإسبانيا وهنا يمكن استحضار ثمار التعاون في عملية مرحبا التي عكست خلال سنة 2023 تفردها كنموذج للتلاقي وانسيابية التنقل بين الضفتين فضلا عن إحباط ما يقارب 90 ألف محاولة للهجرة غير النظامية و250 شبكة للاتجار في البشر، خلال سنة 2023 وتفكيك 14 عملية إرهابية فضلا عن تكاثف الجهود بين البلدين على مستوى الحماية المدنية خلال الكوارث الطبيعية سواء خلال زلزال الحوز أو المساهمة اللوجستية في إطفاء الحرائق ».

وختم بودن قراءته بالقول: « تتمتع العلاقات بين المغرب وإسبانيا بثقل استراتيجي واستمرارية وتطلع نحو المستقبل في إطار التنظيم المشترك لمونديال 2030 وقابلية تجسيد المشروع العملاق للربط القاري الذي يمكن أن يضيف ميزة خاصة لمضيق جبل طارق وللتواصل الحضاري بين بلدين وقارتين ».

أحمد نور الدين: لقاءات وزيري داخلية المغرب وإسبانيا مؤشر على عمق العلاقات الاستراتيجية بين البلدين

أكد خبير العلاقات الدولية أحمد نورالدين أنه « يجب أن نسطر أولا أن زيارة وزير الداخلية الإسباني لم تعد زيارة استثنائية أو موسمية، بل أصبحت زيارة دورية وقارة ومبرمجة في أجندة وزارتي الداخلية في البلدين، تتم على الأقل مرتين في السنة، بالتناوب بين الرباط ومدريد في إطار استقرار العلاقات بينهما ».

واعتبر أن هذا الأمر « مؤشر ضمن مؤشرات كثيرة على عمق هذه العلاقات الاستراتيجية، وفقا لما حدده الملك في خارطة الطريق المعلنة في الرباط بوم 7 أبريل 2022، التي جاءت لتطوي ازمة الثقة بسبب قضية « ابن بطوش » سيء الذكر، ولترسم لهذه العلاقات آفاق أرحب و »غير مسبوقة » كما وصفها العاهل المغربي ».

ومضى أحمد نور الدين يقول « هذه العلاقات بين وزارتي الداخلية هي علاقات متشعبة ولم تعد محصورة في ملف أو ملفين كلاسيكيين متعلقين بالهجرة والإرهاب، بل توسعت إلى ملفات كثيرة منها التنسيق في عملية العبور السنوية لثلاثة ملايين مغربي مقيم بأوروبا كل صيف، وهي عملية غير مسبوقة على المستوى العالمي، بالإضافة إلى ملف جديد مهم جدا وهو التنسيق الأمني من أجل إنجاح مونديال 2030، وما يتطلبه من لجان مشتركة وتنسيق بين عدة أجهزة في البلدين، على المستوى القانوني والعملياتي، بل وحتى على مستوى تكنولوجيا الاتصالات الحديثة والرصد وتبادل المعطيات آنيا وفي الزمن الحقيقي، دون أن ننسى كذلك ملفات التنسيق والتعاون في مجال الوقاية ألمدنية ومواجهة الكوارث الطبيعية، وقد شاهدنا ذلك في زلزال الحوز، وأيضا بمناسبة الحرائق في جنوب إسبانيا التي تتدخل طائرات مغربية لإخمادها بشكل شبه دوري ».

وأضاف « على مستوى الأمن والهجرة وصل التعاون إلى مستوى عال من الفعالية، كما أكد ذلك وزيرا الداخلية في تصريحهما، وإسبانيا تعبر في مناسبات عدة عن ارتياحها لما وصل اليه التنسيق في هذا الإطار.

ومن أبرز المؤشرات على المجهود الجبار للمغرب على وجه التحديد، يمكن التذكير بأن البحرية الملكية المغربية أعلنت أنه خلال سنة 2023، تم إحباط أزيد من 60 الف محاولة هجرة غير نظامية أو غير شرعية في اتجاه إسبانيا. وهذا رقم ضخم جدا، بحيث إذا قسمناه على عدد ايام السنة سيعطينا رقما يفوق 160 عملية يومية على طول سواحل المملكة.

أما على مستوى محاربة الإرهاب، فقد أفضى التنسيق بين الرباط ومدريد إلى تفكيك 14 خلية إرهابية خلال سنة 2023 لوحدها ».

وختم بالقول « هذا التعاون بالإضافة إلى صبغته الثنائية يندرج ايضا في إطار دولي متعدد الاطراف من خلال مسار الرباط ومن خلال ميثاق مراكش للهجرة. وهو ما يعطي لهذا للتعاون بعدا دوليا واقليميا في الحفاظ على الأمن والاستقرار في منطقة غرب المتوسط ومنطقة الساحل والصحراء أيضا ».

تحرير من طرف حسن العطافي
في 21/01/2024 على الساعة 16:00, تحديث بتاريخ 21/01/2024 على الساعة 16:00