بنطلحة الدكالي يستعرض الانجازات الملكية في 2024 ودورها الكبير في القضايا الوطنية والدولية

محمد بنطلحة الدكالي، مدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء

في 28/12/2024 على الساعة 09:50

حوارمنذ توليه العرش في الثالث والعشرين من يوليوز1999 أطلق الملك محمد السادس مرحلة جديدة من التحول الشامل في المملكة المغربية، على مدار ربع قرن نجح الملك في توجيه المغرب نحو الاستقرار السياسي والتنمية الاقتصادية وتعزيز العدالة الاجتماعية ليصبح المغرب نموذجا رائدا في المنطقة بفضل الرؤية السديدة لملك البلاد. وبالنسبة لسنة 2024، حققت المملكة المغربية إنجازات كبيرة سواء على الصعيد الاقتصادي والاجتماعي والدبلوماسي. في هذا الحوار، يسلط الدكتور محمد بنطلحة الدكالي، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاضي عياض ومدير المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول الصحراء، الضوء على أهم المكتسبات الدبلوماسية، الرهانات التنموية في الأقاليم الجنوبية، ودور المملكة في دعم القضية الفلسطينية. كما يقدم رؤيته حول القيادة الحكيمة للملك محمد السادس ودورها في تعزيز مكانة المغرب كقوة صاعدة في المشهد الدولي.

أين تتجلى الإنجازات الدبلوماسية في ملف الصحراء المغربية سنة 2024؟

إن الدينامية المتجددة التي يعرفها ملف الصحراء المغربية والانتصارات الدبلوماسية التي حققتها المملكة المغربية، يظهر أن المغرب يعتمد على استراتيجية عقلانية وواقعية في تدبير علاقاته الدولية، علما أن الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد تعي جيدا أن هدفها الاستراتيجي يتمثل في الدفاع عن المصالح العليا للبلاد.

في هذا الإطار، جاء الاعتراف الرسمي الفرنسي بمغربية الصحراء، الذي ينسجم والخطاب الملكي السامي بمناسبة الذكرى 69 لثورة الملك والشعب والذي أكد فيه أن «ملف الصحراء هو النظارة التي ينظر بها المغرب إلى العالم وهو المعيار الواضح والبسيط الذي يقيس به صدق الصداقات ونجاعة الشراكات»، كما أنه يأتي انسجاما مع العلاقة المتنامية بين البلدين وتكريسا لاتفاقيات التعاون بينهما والتي شملت التعاون العسكري والقطاع السياحي والنقل الجوي والاستثمار الفلاحي والصناعة والاقتصاد وقطاعات أخرى يجري إعداد اتفاقيات بشأنها، مما من شأنه أن ينعكس إيجابا على اقتصاد البلدين.

ونجد أن هذا الاعتراف سيعزز القناعة لدى المجتمع الدولي بعدالة قضية الوحدة الترابية، وسيشكل حافزا لدول أخرى للانخراط في هذه الدينامية الإيجابية التي تعرفها قضية الوحدة الترابية للمملكة، كما أنها ستربك حسابات جيران السوء، بل لقد شكلت صدمة لهم، خاصة وأن فرنسا الدولة العضو بمجلس الأمن تعتبر قوة عسكرية واقتصادية محورية في المنطقة.

إن سنة 2024 تعتبر سنة مهمة في ما يتعلق بقضية الصحراء المغربية بفضل الزخم القوي الذي أضفاه الملك محمد السادس على ملف الصحراء المغربية ومتابعته اليومية له.

في إطار الدعم الدولي لمبادرة الحكم الذاتي، انضافت أربع دول أوربية إلى الدول الداعمة لهذه المبادرة وهي (سلوفينيا/ فلنندا/ الدانمارك/ إيستونيا) ليصل عدد دول الاتحاد الأوربي التي تعبر عن دعمها لمبادرة الحكم الذاتي إلى أكثر من 20 دولة.

في ما يتعلق بتعليق الاعتراف بالجمهورية المزعومة، نجد دولة الإكوادور في أكتوبر ودولة بنما في نونبر، ناهيك أن 50 دولة تقريبا سحبت في العقدين الأخيرين الاعتراف بالجمهورية الوهمية، ونسجل استمرار فتح القنصليات سنة 2024 بالأقاليم الجنوبية للمملكة، حيث تم فتح قنصلية تشاد بمدينة الداخلة ليصل عدد القنصليات التي تم فتحها إلى أكثر من ثلاثين قنصلية، وعلى مستوى الاتحاد الإفريقي تواصلت الرؤية التي أرادها جلالة الملك والمتمثلة في أن يكون الاتحاد الإفريقي مجالا للتعاون وليس طرفا يتم استغلاله كما كان الأمر في السابق، علما أن الاتحاد الإفريقي أصبح دوره هو مواكبة الأمم المتحدة في هذه القضية.

وعلى مستوى الاتحاد الأوربي نجد أنه ولأول مرة منذ22 سنة في البرلمان الأوربي لن يكون هناك وجود لمجموعة المرتزقة بعدما كانوا موجودين في الأربع ولايات السابقة للبرلمان الأوربي حيث كانت تشتغل هذه المجموعة كلوبي للانفصال.

وماذا عن الرهانات الملكية لتنمية الصحراء المغربية؟

لقد سطرت المملكة المغربية برنامجا تنمويا مندمجا بالصحراء المغربية من أجل خلق فرص الشغل والاستثمار وتمكين المنطقة من البنيات التحتية والمرافق الضرورية من أجل أن تصبح أرضا للفرص الواعدة مما يمكن المنطقة من أن تتحول إلى جسر حقيقي للتبادل بين إفريقيا وأوروبا وصلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي وهذا ما يجسد الطموح المغربي من أجل تطوير اقتصاد المناطق الجنوبية للمملكة عن طريق دعم المشاريع الكبرى من بينها مثلا مدينة المهن والكفاءات بمدينة العيون والمركز الاستشفائي الجامعي بالعيون ومشروع الطريق السريع الرابط بين تيزنيت والداخلة، والميناء الجديد للداخلة الذي سيكون له تأثير حاسم من خلال هيكلة التراب الجهوي بطريقة مستدامة ومتوازنة مع العلم أن هذا الميناء سيعمل على تعزيز العرض اللوجستي وتقديمه كأحد العروض الأكثر تنافسية على الصعيدين الإقليمي والدولي من خلال الاستجابة لاحتياجات حركة الملاحة المستقبلية والمتعلقة بالأنشطة المربحة للقطاعات الإنتاجية حيث تهدف بلادنا إلى إنشاء أكبر ميناء لوجستي في منطقة غرب إفريقيا، وقد أكد جلالة الملك على ضرورة أن تشكل الصحراء صلة وصل بين المغرب وعمقه الإفريقي ترسيخا لدور المغرب التاريخي نظرا لطبيعة العلاقة مابين المغرب والدول الإفريقية خاصة دول غرب إفريقيا،وفي هذا الإطار نتحدث عن خط الغاز نيجريا المغرب الذي يعتبر أكبر برنامج استثماري على مستوى القارة،إنه مشروع يأتي تدعيما لشراكة جنوب/ جنوب ضمن تطور منسجم مع برنامج تمديد أنابيب الغاز لدول جنوب إفريقيا حيث سينطلق بطول 5560 كلم من نيجريا ثم باقي دول غرب إفريقيا ليمتد إلى المغرب ثم إلى أوربا عبر البحر الأبيض المتوسط،ويتوقع أن ينقل نحو30بليون متر مكعب من الغاز سنويا.

وتستعد مدينة الداخلة لاستقبال مشروع كبير لإنتاج الهيدروجين الأخضر والأمونيا الخضراء بقيمة تتجاوز ملايير الدولارات وهو نتاج شراكة استثمارية.

إن مسيرة الإصلاح التي يقودها جلالة الملك هي معركة تغيير مستمر من أجل تحقيق الأفضل ومواجهة التحديات، حيث أبان ملك البلاد منذ توليه العرش عن رؤية بعيدة المدى وسياسات فعالة وقرارات وطنية ودولية شجاعة حفظت للمغرب مكانته المتميزة.

إن المغرب القوي بحقه وإنجازاته والتقدم الذي تمكن من تحقيقه يراهن على دوره الاستراتيجي من خلال المشاريع التنموية الكبرى التي تؤكد أن المملكة المغربية تقدم للسوق الإفريقية الواعدة تجربتها ونموذجها الاقتصادي المتميز.

في عهد العاهل المغربي الملك محمد السادس رئيس لجنة القدس دأبت المملكة المغربية على جعل القضية الفلسطينية ضمن الاهتمامات الأساسية في سياستها الخارجية، كيف انخرطت المملكة المغربية في المبادرات الهادفة لنصرة الحقوق المشروعة الفلسطينيين خلال هذه السنة؟

لقد دأب المغرب على المساهمة دائما في مسار الاعتراف بدولة فلسطين على مستوى الأمم المتحدة في عدة محطات هامة ومصيرية، وفي نفس الإطار قام المغرب بعدة مبادرات عبر وكالة بيت مال القدس الشريف لإنجاز خطط وبرامج ملموسة صحية وتعليمية واجتماعية للشعب الفلسطيني بإشراف شخصي من ملك البلاد.

إن موقف المغرب بالنسبة لملك البلاد ثابت إزاء القضية الفلسطينية والدفاع عن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني، وهو الموقف الرسمي للدولة المغربية الذي يقوم على البحث المستمر عن تسوية عادلة ونهائية تضمن حقوق الشعب الفلسطيني على أرضه مع المحافظة على الهوية التاريخية والحضارية للقدس الشريف.

لقد أكد الملك محمد السادس في مناسبات عدة على التمسك بثوابت الشعب الفلسطيني ورفضه كافة الإجراءات أحادية الجانب التي تخالف القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة.

ويشهد الملاحظون والمهتمون أن الدبلوماسية المغربية بقيادة ملك البلاد أبانت عن حنكة وتبصر من خلال سياسة تدبيرية ذات رؤية استشرافية تحمل قدرا كبيرا من الواقعية السياسية والتبصر والحكمة انطلاقا من المكانة السامية التي يحظى بها ملك البلاد في النسق السياسي الدستوري للنظام السياسي المغربي.

تحرير من طرف حفيظ الصادق
في 28/12/2024 على الساعة 09:50