المغرب - الجزائر.. نهاية أسطورة "خاوة خاوة"

DR

في 10/09/2022 على الساعة 16:30

إن العدوان الهمجي الذي استهدف أشبال المنتخب المغربي لكرة القدم من قبل منافسيهم، بدعم من الجماهير الجزائرية التي اقتحمت أرضية ملعب وهران، بعد نهائي كأس العرب لأقل من 17 سنة، يقوض فكرة الأخوة بين شعوب الجوار التي يتمسك بها المغاربة إلى حد الآن.

إن الكراهية التي كانت تقتصر حتى الآن على وسائل الإعلام وأجهزة السلطة الجزائرية امتدت الآن إلى ملاعب كرة قدم، ضاربين بعرض الحائط الروح الرياضية وقيمها المقدسة وكذلك الأخوة بين الشعوب. الرياضة، التي كانت محصنة حتى الآن من التوترات السياسية بين البلدين، وانتهى بها الأمر بالاستسلام تحت ضغط الدعاية.

الأخوة بين الجيران، هذا السراب الجميل الذي ما زال يجعل المغاربة يعتقدون أن الجزائر منقسمة إلى فريقين، الشعب الشقيق من جهة والطغمة العسكرية الحاكمة من جهة أخرى، بدأ في التلاشي شيئا فشيئا.

لأنه بعد مشاهدة هذه الصور الفظيعة من العنف النادر والتي تظهر تعرض حارس المرمى المغربي للاعتداء والضرب من قبل عدة لاعبين من الفريق المنافس، وهذا اللاعب المغربي الآخر الساقط على الأرض وهو يتعرض للركل والرفس من قبل لاعبين بأحذيتهم الرياضية على رأسه ورقبته، وهو ما كان يهدد حياته للخطر، وكذا الحشد من المشجعين الذين دحلوا أرضية الملعب لخوض معركة مع اللاعبين المغاربة، وهذه القوات الامنية التي لم تتدخل لتأمين سلامة اللاعبين... فإن الشكوك تحوم اليوم بقوة بشأن هذا الانقسام بين الشعب والطغمة العسكرية الذي تحكمه، بقدر ما يشك المرء في أنه من الضروري حقا فصل الشخص عن الفنان لتبرير أفعاله البغيضة.

وفي الوقت الذي يمارس فيه المغرب منذ فترة طويلة سياسة اليد الممدودة، فإن هذه الصور تؤكد حقيقة أصبحت لا جدال فيها: الآلة الدعائية التي كانت تعمل بكل ما لديها من قوة في الجزائر منذ عقود قد حصدت أخيرا ثمار عملها. الكراهية للمغرب، كراهية عمياء بغيضة وعبثية، تنبت الآن في أذهان الأجيال الشابة.

وإلا كيف يمكن تفسير اندلاع العنف من جانب هذا الفريق المشكل من الأشبال في ملعب لا مكان فيه لهذا النوع من السلوكات؟ هذه الكراهية العنيفة ضد المغرب، التي تم تأييدها وتشجيعها على الشبكات الاجتماعية وفي وسائل الإعلام في البلاد، مع إفلات كامل من العقاب، في تجاهل تام للقواعد الأخلاقية للصحافة ولأخلاقيات الرياضة والقيم الإسلامية التي ما زالت تجسد الرابطة الهشة التي توحد البلدين باسم الأمة.

يتم التعبير عنها الآن بكل فخر في استطلاعات الرأي المنجزة في الشارع الجزائري، حيث يتم عرض الميكروفون على المواطنين لإهانة "المروك" و"المراركة"، هذا الشعب الصهيوني، من أجل اتهام المغاربة، هؤلاء السحرة، بالمسؤولية عن هزائم الرياضة الجزائرية، ومؤخرا، مطالبة أمير قطر بدعوة البوليساريو لحضور مونديال كرة القدم، وبالتالي يأملون أن يلغي المغرب مشاركته في المونديال مثلما فعل عندما لم يشارك في قمة تونس... كل شيء يحدث لتشويه صورة البلد وسكانه. لكن أكثر ما يلفت الانتباه في هذه الصور التي تم جمعها في الجزائر هو صغر سن من أجريت معهم المقابلات.

هذه الكراهية للمغاربة ليست عفوية. لقد تم اختلاقها ورعايتها بكل صبر واناة من قبل الطغمة العسكرية من أجل خدمة روايتها التي تقدمها للجزائريين، والتي ترتكز أساسا على شيطنة المغاربة.

بثت وسائل الإعلام الجزائرية، يوما بعد يوم، خطابا يحض على الكراهية ضد المغرب، الذي يوصف بأنه دولة معادية، وبأنه يشكل تهديدا للجزائر، والمحتل، ودولة المخدرات، والديكتاتورية التي تجوع شعبا يقبل الأيادي. لكن إذا كان الأمر كذلك، فماذا عسانا نقول بشأن الدعوات لارتكاب اعتداءات إرهابية على التراب المغربي التي أطلقها صحفيون في التلفزيون؟

تصريحات عدوانية مقيتة يتجشأها خبراء زائفون من جميع الأنواع تتم دعوتهم إلى وسائل الإعلام الرسمية التي تعتمد التشهير كخط تحريري. أحد الأمثلة الحديثة لهذه الدعاية الوقحة يتضح في مجموعة البرنامج "الجاد للغاية" المعروف ببرنامج "Visions"، يوم 17 يوليوز الماضي، تحت عنوان مثير: "المغرب... دعوة للتظاهر يوم 17 يوليوز لإسقاط المخزن". يذاع هذا البرنامج على قناة الجزائر 2، وهي قناة عمومية للدولة الجزائرية. لمدة ساعة وثمانية عشر دقيقة، ثلاثة "خبراء" يؤطرهم مذيع فريد من نوعه، حاولوا جاهدين وصف دولة تعاني من المجاعة وعدم المساواة والثورات، يقودها الصهاينة، والتي موردها الرئيسي هو المخدرات.

من خلال هذا البرنامج، المليئ بالهراء والترهات، نكتشف أن الأطفال المغاربة يتعاطون المخدرات في سن الرابعة، وأن 50 ٪ من المواليد في المغرب هم أطفال غير شرعيين، وأن الخطوط الملكية المغربية هي الناقل الرسمي للمخدرات المغربية، وأن إسرائيل هي التي تسير البلاد... ومثال هذا البرنامج، للأسف، أبعد ما يكون عن كونه حالة منعزلة. على القنوات التليفزيونية الأخرى، العامة منها والخاصة، سواء في إطار نشرات الأخبار أو البرامج المتخصصة، يتم بشكل يومي المغرب على أنه بلد تنخره الصراعات وبلد توسعي يغذي الكراهية العميقة للجزائر.

لكن الدعاية المعادية للمغرب لا نجدها فقط في الإعلام. في الكتب المدرسية أيضا، يوصف المغرب بأنه بلد يحتل الصحراء الأطلسية ولا تستثني أهدافه التوسعية الجزائر. باختصار، بمجرد أن يدخلوا المدرسة، يتعلم الجزائريون أن الجار الغربي هو عدو يجب القضاء عليه. تستخدم الطغمة العسكرية في الدعاية لروايتها حتى المساجد في ترويج دعاية السلطة الحاكمة. نتذكر جيدا أنه يوم 18 دجنبر 2020، عندما تمت مطالبة أئمة المساجد الجزائرية، بناء على أوامر من السلطات الجزائرية، بتوحيد خطبة الجمعة في جميع أنحاء البلاد للتهجم على المغرب، بعد استئناف العلاقات مع اسرائيل.

وبالتالي هل نتفاجأ حقا من الهمجية التي اتسم بها الاعتداء على أشبال الأطلس بوهران؟ على الأقل كان لهذه الهمجية ميزة واحدة: أنها حطمت أسطورة خاوة خاوة.

تحرير من طرف زينب ابن زاهير
في 10/09/2022 على الساعة 16:30