رجة داخل النظام الجزائري بعد سقوط حليفه السوري بشار الأسد

عبد المجيد تبون وبشار الأسد

في 08/12/2024 على الساعة 17:38

أُلقي بنظام بشار الأسد إلى مزبلة التاريخ يوم الأحد 8 دجنبر، بعد سيطرة المتمردين المسلحين على دمشق دون أدنى مقاومة. الجزائر، الدولة الوحيدة في العالم التي عبرت رسميا عن دعمها «المطلق» و«تضامنها» مع النظام السوري الذي وصفت معارضيه بـ«الإرهابيين»، تخسر آخر حليف عربي لها في الشرق الأوسط، وهو ما يفاقم عزلتها في الساحة الإقليمية والدولية.

من الواضح أن نظام بشار الأسد كان في حالة احتضار منذ بداية الحرب الأهلية في سوريا عام 2011، والتي اندلعت في أعقاب «الربيع العربي». لكن الجزائر، التي اعتقدت، عن حق أو عن خطأ، أن نظامها قد يواجه المصير نفسه الذي سيواجهه نظام دمشق، كانت من الدول النادرة التي دعمت هذا الأخير. تماما كما نمنع سورا أو سدا من إفساح المجال أمام موجة مد عارم. ومن المؤكد أن روسيا، وهي حليف آخر للجزائر، تدخلت عسكريا في سوريا لإنقاذ نظامها، لكنها قبل كل شيء تدخلت للدفاع عن موقع استراتيجي في البحر الأبيض المتوسط، في قاعدتها الجوية البحرية في طرطوس. هناك حليفان آخران للجزائر، حزب الله اللبناني وإيران، ضمنا مؤقتا الحفاظ على سلطة بشار الأسد، قبل أن يحصدا هزيمة عسكرية مؤخرا، التي بدورها عجلت بسقوط النظام السوري.

وهكذا، لم يستغرق الأمر سوى اثني عشر يوما حتى يتمكن تحالف المتمردين السوريين (الإسلاميين والأكراد والليبراليين والدروز...) أي منذ 27 نونبر، وهو يوم إطلاق هجومهم المفاجئ، إلى يوم الأحد 8 دجنبر، لطرد بشار الأسد من دمشق، حيث مارس هو ووالده السلطة المطلقة على التوالي لمدة نصف قرن.

السير عكس تيار الأحداث

الجزائر، التي لا تمتلك رؤية استباقية، والمتشبثة بمبادئ من عصر ولى، ظلت، مرة أخرى، وحتى آخر أيام النظام السوري، تسير عكس تيار الأحداث الجارية في الشرق الأوسط. ومع ذلك، كان من الواضح أن بشار الأسد لم تعد لديه أي فرصة للبقاء في السلطة في مواجهة تقدم المتمردين الذين كانوا سيطروا على المدن السورية الكبرى واحدة تلو الأخرى (حلب، حماة، إلخ). ولم يمنع ذلك النظام الجزائري من المسارعة إلى نشر بيان رسمي، يوم الثلاثاء 3 دجنبر، أعلن فيه دعمه المطلق للسلطة السورية، التي قالت الجزائر إنها تواجه «اعتداء إرهابيا».

وأفادت وزارة الخارجية الجزائرية، عبر هذا البيان، بأن رئيس الدبلوماسية الجزائرية أحمد عطاف أجرى، في اليوم نفسه الثلاثاء 3 دجنبر، اتصالا هاتفيا مع وزير الخارجية السوري، بسام صباغ. وأضاف أن هذا الاتصال «سمح للسيد وزير الدولة بالاطلاع على التطورات الأخيرة للأوضاع بشمال سوريا، وتأكيد موقف الجزائر الثابت وتضامنها المطلق مع الجمهورية العربية السورية الشقيقة، دولة وشعبا، في مواجهة التهديدات الإرهابية التي تتربص بسيادتها ووحدتها وحرمة أراضيها، وكذا أمنها واستقرارها».

وفضلا عن ذلك، وعدت الجزائر سوريا بعقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، بهدف دراسة ما وصفته وسائل الإعلام الجزائرية بـ«الاعتداء الإرهابي»، فضلا عن اجتماع طارئ لمجلس الجامعة العربية على المستوى الوزاري لمعالجة هذه الوضعية.

وتذكرنا هذه التصرفات العبثية بالإهانة التي وجهت للجزائر من قبل الجامعة العربية بعد رفضها بشكل قاطع دعوة سوريا إلى القمة العربية الحادية والثلاثين التي نظمت في فاتح نونبر 2022 بالجزائر العاصمة. قبل منح هذه «المبادرة» للسعودية، خلال القمة العربية التالية.

وحتى توقيت البيان الجزائري الرسمي الداعم للنظام السوري لم يكن مدروسا، لأنه نشر في وقت كان فيه بشار الأسد قد قرر على الأرجح مغادرة البلاد. وهذا يكشف عمى هذا النظام الجزائري وعجزه، كعادته، عن القيام بتقييم ملائم للمعطيات الجيوسياسية. ومن خلال تشبثه بحليف يحتضر، قدم دليلا آخر للعالم أجمع على أنه ينتمي إلى نفس طينة نظام بشار الأسد. سقوط هذا الأخير وهروبه المخزي لا بد أن يثير المخاوف لدى الثنائي تبون-شنقريحة. فهناك بالفعل أوجه تشابه عديدة بين سوريا الأسد والنظام الجزائري. وتبشر هذه الخصائص المشتركة بينهما بنفس المصير والمآل.

تحرير من طرف محمد ولد البواه
في 08/12/2024 على الساعة 17:38