وجاء في بيان صادر عن قصر الإليزيه أن «السلطات الجزائرية تتحمل مسؤولية التدهور المفاجئ في علاقاتنا الثنائية »، مؤكدا أن الخطوة الفرنسية تأتي ردا مباشراً على القرار الجزائري الذي قضى بطرد 12 موظفاً فرنسياً من الأراضي الجزائرية.
وكانت الجزائر قد أعلنت، يوم الإثنين، أن 12 موظفا في السفارة الفرنسية بالجزائر أصبحوا « أشخاصاً غير مرغوب فيهم »، وأمهلتهم 48 ساعة لمغادرة البلاد، في خطوة اعتُبرت رداً على توقيف موظف في القنصلية الجزائرية بفرنسا ضمن مسار قضائي أثار غضب السلطات الجزائرية.
إقرأ أيضا : الجزائر – فرنسا: عودة سريعة إلى التوتر بعد «أسبوع المصالحة»
وفي هذا السياق، وصف وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، قرار الجزائر بـ«المؤسف»، مؤكداً أنه «لن يمر من دون عواقب».
وقال في تصريح لمحطة « فرانس 2» إن بلاده سترد «بأكبر قدر ممكن من الحزم»، مضيفا أن «فرنسا لن يكون لها خيار آخر سوى اتخاذ تدابير مماثلة».
كما دافع بارو عن وزير الداخلية الفرنسي، برونو روتايو، الذي وُجهت له انتقادات من قبل الجزائر، مشدداً على أنه « لا علاقة له بالمسألة القضائية » التي فجّرت الأزمة.
ويأتي هذا التوتر الجديد ليزيد من تعقيد العلاقات بين البلدين، التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تقلبات حادة بسبب ملفات تاريخية وسياسية وأمنية لا تزال محل خلاف.
وتوترت العلاقات بين باريس والجزائر على مر سنوات، لكنها شهدت تدهورا أكبر في يوليوز الماضي بعد تصريح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، الذي أثار غضب الجزائر بدعمه «خطة الحكم الذاتي في الصحراء الغربية» تحت السيادة المغربية.
كما أجج الخلاف بين البلدين سجن سلطات الجزائر للكاتب الفرنسي-الجزائري بوعلام صنصال بتهمة تقويض الوحدة الوطنية، ما دفع ماكرون إلى المطالبة بالإفراج عنه.
إقرأ أيضا : فضيحة دبلوماسية: دبلوماسيون جزائريون متورطون في مخطط إرهابي لتصفية معارض فوق التراب الفرنسي
لكن المفارقة تكمن في أن هذا التصعيد الجديد يأتي بعد أسبوع واحد فقط من إعلان «المصالحة» بين الرئيسين عبد المجيد تبون وإيمانويل ماكرون، حيث اتفقا خلال مكالمة هاتفية يوم 31 مارس على خارطة طريق لإعادة تنشيط العلاقات الثنائية، التي كانت قد شهدت قطيعة شبه تامة خلال الأشهر الماضية. وتوّجت هذه المصالحة بزيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الجزائر يوم 6 أبريل، حيث أعلن عن إعادة تفعيل التعاون بين البلدين.
بيد أن هذه المصالحة كانت هشة وغير محصنة أمام أي طارئ أمني أو قضائي. وبحسب مراقبين، فإن الحادث الأخير يعكس عمق التباين بين العاصمتين حول ملفات كبرى، من أبرزها الهجرة، والتعاون الأمني، وملف الذاكرة الاستعمارية.
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا