كيف تصمد الاقتصادات الإفريقية أمام الرسوم الجمركية الأمريكية؟

صورة مركبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومركز ماكينزي وبعض الأقطاب الاقتصادية الإفريقية

في 20/04/2025 على الساعة 13:30

في مواجهة الرسوم الجمركية الأميركية، يتعين على الاقتصادات الإفريقية، التي أضعفها اعتمادها المطلق على الصادرات، أن تعيد النظر في قدرتها على الصمود. وفي هذا السياق، يقدم نموذج ماكينزي «للمركز العصبي الجيوسياسي»، والذي يتمحور حول تسعة روافع استراتيجية، إطارا للتوفيق بين الحلول الفورية والتحولات البنيوية، من تحسين الخدمات اللوجستية إلى الاندماج الإقليمي عبر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية. تفاصيل.

إن الرسوم الجمركية التي فرضتها إدارة ترامب مؤخرا على 185 دولة، بما في ذلك 51 دولة إفريقية، والتي تتراوح بين 10% إلى 50%، أربكت اقتصادات القارة، على الرغم من أن دونالد ترامب علق الرسوم الجمركية في 9 أبريل 2025، باستثناء الصين.

بين نهاية قانون النمو والفرصة في إفريقيا (أغوا)، وإعادة النظر في سلاسل التوريد وكذا مخاطر الخسائر القطاعية (السيارات في جنوب أفريقيا، والمحروقات الجزائرية)، فإن الحاجة الملحة إلى جواب منظم أصبح أمرا ضروريا. وفي هذا السياق، فإن المقاربة التي اقترحها ماكينزي ــ إنشاء «مركز عصبي جيوسياسي» ــ يقدم إطارا مناسبا للدول الإفريقية، كما يشير حمزة إيدام، الخبير المغربي في تدبير الأزمات، في إصدار نشر مؤخرا. وقال: «ما أراه مثيرا للاهتمام هو المقاربة المنظم المقترحة للتعامل مع الصدمات الجيوسياسية وسياسات الرسوم الجمركية المربكة، مثل تلك التي فرضها ترامب».

فما هي إذا مقاربة ماكينزي؟ في هذه الوثيقة، تقترح سيندي ليفي (Cindy Levy)، الشريكة الكبرى في مكتب ماكينزي في لندن، وميهير ميسور (Mihir Mysore)، الشريك في مكتب هيوستن، وشوبهام سينغال (Shubham Singhal)، الشريك في مكتب ديترويت، وفارون ماريا (Varun Marya)، إنشاء «مركز عصبي جيوسياسي»، وهي خلية استراتيجية مخصصة لتنسيق الردود للمنظمة في مواجهة اللايقين. ويرتكز هذا المركز العصبي على تسعة روافع رئيسية، تتراوح من تدبير التدفق التجاري إلى تحسين المنتجات، بما في ذلك نمذجة السيناريوهات، وتدبير السيولة، والحوار مع الأطراف المعنية. «إن هذه المقاربة، وإن لم تكن قابلة للنقل كما هو الحال الآن، إلا أنها توفر سبلا مفيدة لتعزيز التنسيق والتوقع في سياق الأزمات»، يؤكد حمزة إيدام.

صدمة الرسوم الجمركية: اختبار لصمود الاقتصادات الإفريقية

وكما هو معروف، فإن الإجراءات الأميركية تمس الاقتصادات الإفريقية بنسب متفاوتة، مما يكشف عن العيوب البنيوية في النماذج المعتمدة على التصدير. ويحتفظ المغرب ومصر، الخاضعتان لرسوم جمركية متدنية تبلغ 10%، بهامش نسبي للمناورة، في حين تعاني جنوب إفريقيا والجزائر (30%) أو ليسوتو (50%) من تراجع كبير في قدرتها التنافسية. وتواجه صناعة السيارات في جنوب إفريقيا، وهي ركيزة اقتصادية تعتمد 125 ألف منصب شغل فيها بشكل مباشر على الصادرات إلى الولايات المتحدة، خطر انهيار إنتاجها، مما يهدد قطاعا أضعفته أيضا تكاليف الخدمات اللوجستية والطاقة.

وترى الجزائر، التي تأتي 95% من عائداتها من المحروقات، أن مكانتها في السوق الأميركية مهددة بسبب المنافسة من نيجيريا (14%) ودول الخليج (10%)، التي هي مهيئة بشكل أفضل لامتصاص صدمة الرسوم الجمركية الأمريكية. ليسوتو، التي فرضت عليها رسوم بنسبة 50% على صادراتها من النسيج، تفقد الميزة التنافسية التي جعلتها موردا رئيسيا للجينز إلى السوق الأمريكية.

وعلى العكس من ذلك، ترى كينيا، التي لا تتجاوز الرسوم المفروضة عليها 10%، في هذه الرسوم فرصة مواتية للاستحواذ على حصة من السوق على حساب جيرانها. إن تجزئة التأثيرات، إلى جانب التعليق الجزئي للرسوم الجمركية الجديدة، والتي تكشف التقلب الشديد في السياسات التجارية المعاصرة، يضعان الحكومات الإفريقية أمام معضلة استراتيجية: إما التحرك بشكل عاجل أو إعادة التفكير بشكل جذري في إدراجها في سلاسل القيمة العالمية.

جواب ملائم للتعقيد الإفريقي

وفي مواجهة تجزئة قدرات تدبير الأزمات في إفريقيا، أثبتت مقاربة ماكينزي، التي يرتكز على فرق عرضانية وآفاق زمنية متعددة وتحليلات تعتمد على البيانات، أنها مقاربة استراتيجي.

وتسمح الرافعات التسعة بالتأرجح بين الردود الفورية والتحولات البنيوية. فعلى سبيل المثال، يمكن للجزائر الاستفادة من مبادرة عمليات الرسوم الجمركية لتحسين إجراءاتها الجمركية من خلال المستودعات الجمركية، مما يحد من التأخير المكلف لصادراتها من الصلب. جنوب أفريقيا، التي تواجه مخاطر في قطاع السيارات، يمكنها تفعيل رافعة تحسين شبكة الموردين من خلال تسريع الاندماد الإقليمي لسلسلة التوريد الخاصة بها عبر منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، مما يقلل من اعتمادها على الممرات عالية المخاطر. وفي الوقت نفسه، يمكن لتحالف من البلدان (كينيا وجنوب إفريقيا وغيرهما) من خلال آلية إشراك الأطراف المعنية أن يتفاوضوا جماعة مع الولايات المتحدة بشأن إعفاءات محددة، على غرار المقاربة العاجلة قامت بها ليسوتو.

إن نمذجة السيناريوهات، وهي المحور التحليلي لـ«المركز العصبي»، تصبح ضرورية لتوقع المخاطر. إن فرض رسوم إضافية بنسبة 30% على المركبات في جنوب إفريقيا، وخفض الطلب الأميركي بنسبة 15% (على أساس مرونة الأسعار في القطاع)، من شأنه أن يؤثر بشكل مباشر على السيولة لدى الشركات المصنعة، الأمر الذي يتطلب مراجعة الميزانيات واستراتيجيات الحفاظ على النقد. إن جدول التعرفة الجمركية المنسقة، الذي أوصى به ماكينزي، من شأنه أن يجعل من الممكن إعادة حساب السعر حسب المنتج والمورد في الوقت الحقيقي، وتحويل المعطيات الخام إلى رافعات صنع القرار.

وأخيرا، فإن الحوار مع الأطراف المعنية يتجاوز التنسيق التقني المجرد ليصبح ضرورة مؤسسية. وستستفيد الدول الإفريقية من توحيد أصواتها من خلال الاتحاد الإفريقي، وإنشاء جبهة مشتركة للتفاوض على بنود الحماية أو الفترات الانتقالية. إن التعاون الوثيق مع القطاع الخاص ــمثل قيام شركات تصنيع السيارات في جنوب إفريقيا بتوثيق تأثير الرسوم الجمركية على الشغلــ من شأنه أن يعزز مصداقية المطالب. ويرى ماكينزي أن الحوار متعدد المستويات، الذي يجمع بين دبلوماسية الدولة والخبرة القطاعية، سيكون المفتاح لتحويل أزمة أحادية الجانب إلى فرصة لإعادة التوازن الاستراتيجي.

تكييف نموذج ماكينزي مع السياق الإفريقي

ورغم أن «المركز العصبي» يشكل إطارا نظريا ملائما، فإن تفعليه في إفريقيا يواجه تحديات بنيوية تتطلب إجراءات براغماتية. إن أول مشكلة تكمن في القدرات التحليلية المحدودة: إذ تفتقر أغلب البلدان الإفريقية إلى أدوات النمذجة المتقدمة (مثل المحاكاة الديناميكية للتدفقات التجارية)، والتي تعد ضرورية لتوقع صدمات الرسوم الجمركية. وهكذا، فإن التعاون الإقليمي، من خلال مراكز التميز التابعة لمنطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية، من شأنه أن يوحد الموارد التقنية ويكون الخبراء المحليين، مما يحول العقبة الفردية إلى قوة جماعية.

وتتمثل العقبة الثانية في التشرذم السياسي: إذ يظل التنسيق بين الوزارات (التجارة والمالية والصناعة) غير فعال في العديد من البلدان. وأخيرا، فإن الاعتماد المطلق على المواد الخام يشل حركة البلدان المصدرة منفردة مثل الجزائر (المحروقات) أو ليسوتو (النسيج)، والتي تكابد من أجل تفعيل أدوات التنويع في الأمد القريب. بالنسبة لهذه الاقتصادات، فإن الحاجة الملحة لمواجهة صدمات الرسوم الجمركية تتعارض مع غياب القطاعات البديلة الناضجة، مما يجعل إعادة التوجيه السريع لسلاسل القيمة أمرا غير ممكن.

وهكذا فإن أزمة الرسوم الأميركية تكشف عن مدى ضعف النماذج الاقتصادية الإفريقية، ولكنها تكشف أيضا عن فرص التحول. وكما يشير حمزة إيدام، فإن «المقاربة المنظمة (لماكينزي) لا يمكن تطبيقها كما هي»، ولكنها تثير ثلاث أولويات: إنشاء وحدات أزمة مشتركة بين الوزارات لمواءمة الردود التكتيكية والاستراتيجية، والاستثمار في الذكاء التجاري لتوقع الصدمات الجيوسياسية، وتعزيز الاندماج الإقليمي لتقليل الاعتماد على الأسواق الخارجية.

وفي نهاية المطاف، فإن «المركز العصبي» الجيوسياسي ليس حلا سحريا، بل هو حافز لإفريقيا أكثر مرونة، وقادرة على تحويل الأزمات إلى رافعات للصلابة الاقتصادية.


تحرير من طرف موديست كوامي
في 20/04/2025 على الساعة 13:30