وحسب عدة مصادر جزائرية متطابقة، فقد تم عزل اللواء يحيى علي أولحاج من منصبه كقائد للدرك الوطني، وهو المنصب الذي شغله منذ غشت 2021. وقد تم تداول اسم خلفه المحتمل، وهو اللواء سيد أحمد برونمانا.
وقد يبدو هذا العزل مفاجئا، خصوصا وأن أولحاج كان يُعتبر من أكثر المقربين والموالين للجنرال السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش ووزير الدفاع بالنيابة.
وللتذكير، فإن قرميط بونويرة، الصندوق الأسود للجيش الجزائري، والذي كان لسنوات السكرتير الخاص للراحل الفريق أحمد قايد صالح، سبق وأن ذكر اسم أولحاج ضمن اعترافاته، واعتبره اليد التي كان يعتمد عليها شنقريحة، عندما كان قائدا للمنطقة العسكرية الثالثة ببشار، في إدارة شبكات التهريب بمختلف أنواعها. بل ومنذ تعيينه على رأس قيادة الدرك، نال أولحاج « امتيازات » عدة، حيث تمت ترقيته بانتظام، كما حظي بأوسمة من الرئيس عبد المجيد تبون في كل مناسبة للاحتفال بعيد الاستقلال.
ويبقى السؤال الآن حول ما إذا كان اللواء أولحاج سيلقى نفس مصير باقي الجنرالات الذين سقطوا من دائرة النفوذ، أي أن يتم اعتقاله والتحقيق معه من طرف المحققين بمركز بني مسوس، ثم احتجازه بمركز « عنتر »، قبل أن يُنقل إلى السجن العسكري بالبليدة، حيث يقبع عدد من كبار المسؤولين السابقين في الجيش وأجهزة الاستخبارات.
إقرأ أيضا : كذبة أبريل العسكرية.. عندما يسقط الجيش الجزائري في فخ نصر خرافي!
فالجزائر تُعَدّ الدولة التي تضم أكبر عدد من الضباط الكبار المسجونين في العالم، إذ يتجاوز عدد الجنرالات القابعين خلف القضبان 50 جنرالا، من بينهم عدة قادة سابقين للدرك الوطني، مثل الجنرالين مناد نوبة وعبد الرحمن عرعار، فضلا عن غالي بلقاسم، الذي فر إلى الخارج.
وعليه، فإن إقالة يحيى علي أولحاج لا تُعدّ سوى حلقة جديدة ضمن مسلسل تطهير مستمر — ومنهجي — لا يتوقف عن استنزاف القيادة العليا للجيش الجزائري، والذي تسارع منذ تولي الجنرال السعيد شنقريحة زمام المؤسسة العسكرية، حيث أبان عن شراسة غير مسبوقة تجاه خصومه داخل ما يُعرف بـ »الصامت الكبير ». فقد أرسل لوحده العشرات من الجنرالات إلى السجون ما بين 2020 و2024.
ومنذ تعيينه في الحكومة في شتنبر الماضي كوزير منتدب لدى وزير الدفاع، قام شنقريحة بعزل أربعة جنرالات. ففي 19 شتنبر 2024، أقال الجنرال عمار عثمانية، قائد القوات البرية، الذي كان مستهدفا منذ أن راجت أخبار عن طموحه لتولي منصب رئيس الأركان.
وفي يناير 2025، جاء الدور على أقدم جنرال ما زال في الخدمة عبر العالم، الجنرال بن علي بن علي، الذي يقارب المئة عام، وكان أيضا أعلى ضابط رتبة في الجيش الجزائري، حيث أحيل على التقاعد من طرف شنقريحة. ومع رحيل هذا « الموحِّدي الأخير »، لم يعد الجيش الجزائري يضم أي عنصر من « المجاهدين » في صفوفه، ليصبح شنقريحة، بحكم الواقع، الجنرال الوحيد في سلك ضباط «الفيلق».
ولم يكتفِ شنقريحة بإزاحة خصومه، بل بدأ في تصفية المقربين منه أيضاً. فقبل إقالة أولحاج، الذي كان شريكاً له أيضاً في انتهاكات العشرية السوداء خلال التسعينات، أقال يوم 23 فبراير 2025 الجنرال محمود العرابة، قائد الدفاع الجوي، والذي كان يُقدَّم حتى وقت قريب كـ« صديق » لشنقريحة.
وتُظهِر هذه التصفيات المستمرة داخل الجيش الجزائري أنه أقرب إلى كونه «تجمعاً لعصابات»، حيث تُضعِف هذه الصراعات الداخلية سلسلة القيادة وتزرع الرعب في صفوف الضباط السامين، الذين يعلمون أن الطريق الأكثر احتمالاً في مسيرتهم المهنية ينتهي بالسجن أو المنفى. والغريب أن الصحف الموالية لهذا الجيش لا تتوقف عن السخرية من الأنظمة العسكرية الحاكمة في بلدان الساحل، في حين أن ضباط هذه الدول لا يعملون وهم تحت التهديد، ولا يُصفّون بعضهم البعض.
وعند أول اختبار حقيقي، قد تنكشف هشاشة الجيش الجزائري الذي نخرته هذه الحروب الداخلية المتواصلة، وقد يؤدي ذلك إلى كارثة.