مع البدء في تقديم الخدمات بالفعل في 18 دولة إفريقية، تخطط ستارلينك، التي توفر الاتصال عبر الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض التابعة لشركة سبيس إكس، لتوسيع خدماتها إلى 20 سوقا جديدا في عام 2025 وخمسة أسواق أخرى في عام 2026، وفقا لما كشفته خريطة انتشارها.
ويؤدي هذا التوسع، إلى جانب حالة عدم اليقين التنظيمي وردود الفعل الاستراتيجية للفاعلين الحاليين، إلى إعادة تعريف ديناميات الاتصال في القارة. وتختفي خلف هذه الأرقام رهانات اقتصادية وتكنولوجية وجيوسياسية تستحق تحليلا معمقا.
Un train de satellites Starlink prêts au déploiement. En février 2025, SpaceX a déjà lancé un nombre significatif de satellites Starlink. Selon les informations disponibles, le nombre total de satellites Starlink lancés est d'environ 7 800 unités à date.. DR.
غزو ترابي ممهنج
اتخذت ستارلينك مقاربة تدريجية لدخول إفريقيا. وتتواجد حاليا في بلدان مثل نيجيريا وكينيا وموزامبيق، وتغطي بشكل أساسي الاقتصادات ذات إمكانات ذات الطلب العالية في المناطق القروية أو المناطق التي تعاني من سوء الخدمات.
وفي عام 2025، يتمثل الهدف في ترسيخ وجودها في الأسواق الرئيسية مثل ساحل العاج وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا. إن الدول العشرين التي تخطط ستارلينك لتقديم الخدمات فيها في عام 2025 هي: تونس وتشاد والنيجر ومالي وموريتانيا والسنغال وغامبيا وغينيا بيساو وغينيا وبوركينا فاسو وساحل العاج والطوغو و الغابون وجمهورية الكونغو وجمهورية الكونغو الديمقراطية وتنزانيا وأنغولا وناميبيا وليسوتو وسيشل.
وفي عام 2026، ستركز ستارلينك على عدد قليل من الأسواق الاستراتيجية الأخرى في وسط وشرق إفريقيا مثل أوغندا والكاميرون وغينيا الاستوائية وموريشيوس وجزر القمر.
وفي النيجر، وقعت السلطات اتفاقية مع هذه الشركة لتحسين تغطية الإنترنت في البلاد، التي لا تغطي سوى 32% من مساحة البلاد. ومنحت الحكومة رسميا رخصة الاستغلال لستارلينك في 21 نونبر 2024. والهدف هو تغطية ما بين 80 و100% من أراضي النيجر بفضل تقنية الأقمار الصناعية.
ويمثل نشر شبكة ستارلينك في هذه الدول الإفريقية الخمس والعشرين بحلول عامي 2025 و2026 تحديا كبيرا للاتصال بالإنترنت عالي السرعة في القارة. ولا تزال العديد من مناطق هذه البلدان تعاني إلى حد كبير من نقص البنية التحتية التقليدية للاتصالات بسبب التحديات الجغرافية والاقتصادية والتقنية.
ويكشف هذا الانتشار الضخم والسريع لستارلينك خلال هذين العامين الضوء على الإمكانات الهائلة ولكن أيضا على الحاجة الماسة في ما يتعلق بالاتصال بالإنترنت في هذه المناطق الإفريقية. من خلال كوكبة من الأقمار الصناعية ذات المدار المنخفض، تسعى ستارلينك إلى الاستفادة من هذه السوق الضخمة من خلال توفير ولوج موثوق حتى في المناطق النائية.
تهديد للفاعلين التاريخيين
تكمن جاذبية ستارلينك في وعدها بتوفير اتصال عالي السرعة وموثوق به في المناطق النائية، على الرغم من أن الأسعار لازالت بحاجة إلى نقاش. وعلى الرغم من حصتها الصغيرة في السوق الحالية، فإن الخدمة بدأت بالفعل في جذب الزبناء، مثل الشركات الصغيرة والمكاتب المنزلية وآلاف الشركات الصغيرة جدا التي لا تحصل على الخدمات الكافية.
«لا شك أن ستارلينك قد غيرت المشهد التنافسي في مجال الاتصال، مما دفع شركات الاتصالات إلى التنافس على حصة من الفرص القروية التي تم إهمالها لفترة طويلة من الزمن. إن التغطية عبر الأقمار الاصطناعية تنافسية من حيث السعر وتوفر اتصالا عالي الجودة التي لم تكن هي القاعدة بالنسبة للعديدين في إفريقيا»، يؤكد إسماعيل باتيل، المحلل البارز في غلوبال داتا (GlobalData). مع أسعارها التنافسية نسبيا وجودة الاتصال التي لا مثيل لها في إفريقيا، تمثل ستارلينك مصدر قلق كبير لمجموعات الاتصالات المحلية.
Starlink s'appuie sur une constellation massive en orbite. Près de 6.000 satellites début 2024 et l'objectif est d'atteindre 12.000 satellites pour couvrir la planète.. alexlmx - stock.adobe.com
رد متعدد الأوجه من شركات الاتصالات التاريخية
في مواجهة التهديد الذي تشكله ستارلينك، تجد شركات الاتصالات التاريخية في إفريقيا نفسها مضطرة إلى مراجعة استراتيجياتها. وتعمد إلى إبرام شراكات جديدة لمحاولة الحفاظ على حصتها في السوق والبقاء قادرة على المنافسة.
ومن الأمثلة البارزة على ذلك الاتفاقية المبرمة بين شركة أورانج وشركة فوداكوم في أوغندا بشأن التوسيع المشترك للشبكة في المناطق القروية. ومن خلال توحيد جهودهما، تسعى هاتان الشركتان العملاقتان إلى تقديم بديل موثوق لستارلينك في المناطق التي تعاني من نقص الخدمات.
كما اختارت شركة سفاريكوم، الفاعل الرئيسي في كينيا، التقارب مع شركة «ESD Kenya»، وهي شركة محلية متخصصة في حلول عبر الأقمار الصناعية. شراكة من شأنها أن تسمح لشركة سفاريكوم بتعزيز تغطيتها عبر الأقمار الصناعية، بالإضافة إلى البنية التحتية الأرضية الحالية.
وفي شمال إفريقيا، شكلت شركة زين تك، وهي الشركة التكنولوجية التابعة لمجموعة زين، تحالفا مع مشغل الأقمار الصناعية عربسات. هدفهم هو تقديم خدمات الاتصال عبر الأقمار الصناعية المشتركة في جميع أنحاء شمال إفريقيا لمواجهة ستارلينك.
وتقترح شركات أخرى مثل فوداكوم وإم تي إن «MTN» أيضا حلولا تتعلق بالاتصال بالمدار الأرضي المنخفض لشبكاتها الخاصة. وهي تسعى إلى دمج هذه التكنولوجيا الواعدة من أجل البقاء قادرين على مواجهة منافسة ستارلينك.
وتظهر هذه التحالفات المتنوعة أن الفاعلين التاريخيين يأخذون هذا التهديد على محمل الجد. ومن خلال تشكيل شراكات استراتيجية جديدة والاستثمار في حلول الاتصال ذات المدار المنخفض، تحاول الشركات الحفاظ على تنافسيتها وسيطرتها على الأسواق التي تحاول ستارلينك الولوج إليها.
وقال محلل غلوبال داتا: «لم تخسر هذه الشركات كل شيء، حيث يمكنها تقديم خدمات تكنولوجية للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم لا يقدمها مثل هذا الفاعل، مثل تدبير سلسلة التوريد، والصحة الرقمية، والتخفيف من التقلبات الجوية، أو الأداء عبر الهاتف».
التنظيم في قلب التوترات
وفي حين تتردد جنوب إفريقيا وإثيوبيا (البلدان اللذان لم يتم ترخيص ستارلينك فيهما بعد) في فتح أسواقهما، فإن دولا أخرى، مثل رواندا وبنين، ترى في خدماتها رافعة للإدماج الرقمي. وتؤدي التجزئة التنظيمية إلى تعقيد استراتيجية الشركة التابعة لسبيس إكس، التي تضطر إلى المزاوجة بين الضغط على الدول والتكيف مع المتطلبات المحلية.
وفي المغرب، على سبيل المثال، حيث بدأت ستارلينك مؤخرا الإجراءات الإدارية، تشترط الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات الحصول على ترخيص قبل أي عملية. وهكذا، في منشور يعود إلى دجنبر 2024، علمنا أن الشركة التابعة لسبيس إكس قد بدأت الإجراءات الإدارية لدخول السوق المغربية بهدف توفير تغطية الإنترنت عبر الأقمار الصناعية، خاصة في المناطق النائية.
وتدرس شركة «سبيس إكس» إنشاء فرع لها في الدار البيضاء، لكن لم يتم الحصول على ترخيص رسمي حتى الآن من قبل الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات، وهي الجهة الوحيدة المخولة بمنح التراخيص اللازمة لمثل هذه الأمور. وهي مقاربة تهدف إلى التحكم في دخول هذا الفاعل الجديد. وتشير التقارير إلى أن النقاش بين سبيس إكس والوكالة الوطنية لتقنين المواصلات تحرز تقدما.
وتجدر الإشارة إلى أن هذه التكنولوجيا مناسبة بشكل خاص للمناطق النائية في المغرب، مثل جبال الأطلس أو الأراضي الشاسعة في الجنوب، حيث يصعب نشر الشبكات الثابتة والمتنقلة التقليدية لأسباب اقتصادية وجغرافية. ومن شأن وصول ستارلينك أن يساعد في تقليص الفجوة الرقمية من خلال توفير إمكانية الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة للسكان القرويين، وبالتالي تعزيز إدماجهم في النظام البيئي الرقمي الوطني.
وفي بلد مثل ساحل العاج، نشرت هيئة تنظيم الاتصالات بيانا صحفيا في 19 مارس 2024 لتذكير مستخدمي الاتصالات في البلاد بأن ستارلينك غير مخولة بتسويق خدماتها الخاصة بالإنترنت في البلاد.
وتظهر حكومات أخرى انفتاحا أكبر، حيث ترى في ستارلينك رافعة لتحفيز التنمية الاقتصادية في المناطق القروية التي تعاني من ضعف الاتصال، على الرغم من التردد الأولي من جانب الفاعلين الحاليين.
وفي نهاية المطاف، فإن توسع ستارلينك في إفريقيا لا يتعلق بالتكنولوجيا فحسب: بل إنه بمثابة حافز للتحول الاقتصادي والتنظيمي. إذا تمكن الفاعلون التاريخيون من الجمع بين الابتكار والشراكات والتجدر المحلي، فسوف يتمكنون من التعايش مع عملاق الأقمار الصناعية. ولكن سوف يتعين على الحكومات الإفريقية أن تحل معضلة معقدة: إما فتح أسواقها لتعزيز الاتصال، أو حماية شركاتها الوطنية في قطاع استراتيجي. إن الإجابة على هذا السؤال سوف تحدد توازن مشهد الاتصالات الأفريقي خلال العقد المقبل.