بزقاق الطالعة الكبرى بالمدينة العتيقة لفاس، حيث تصطف الكثير من الدكاكين التي يختص أصحابها في بيع « الخليع الفاسي الأصيل »، الذي يعد من الأكلات التي اشتهرت بها فاس منذ القدم ولا تزال، خلفت قضية « الخليع الفاسد » التي هزت أطوارها الوسط المحلي والوطني، والتي أسفرت عن حجز ما يقرب من 9 أطنان من هذا المنتوج الموجه للتسويق، تدمر ممتهني هذه المهنة ممن استنكروا كل أشكال الممارسات التي تشوه سمعتهم، حيث سيكون على الكثيرين منهم أن يبذلوا مجهودات كبيرة لإصلاح ما خلفته هذه قضية.
واستنكر الادريسي، وهو تاجر وابن المدينة العتيقة بفاس، ما حصل، حيث أكد في تصريح لـle360 أن أصحاب هذه المخازن السرية ربما كانوا يعمدون إلى الربح السريع، عبر الاستعانة بالذبيحة السرية من أجل إعداد كميات كبيرة من الخليع، في غياب الحد الأدنى من شروط السلامة الصحية في إعداد وتخزين هذه المادة التي اقترن اسم العاصمة العلمية بها.
من جهته، أكد زكرياء بنزكري، تاجر بالطالعة الكبرى، أن « ما حدث لم ولن يؤثر على سمعة الخليع الفاسي الأصيل »، لكون خبرة تجار هذه المهنة التي اكتسبوها عبر الزمن من أجدادهم، أكسبت منتوجهم جودة عالية، وبفضل هذه الجودة يكون الإقبال على الخليع الفاسي من كل حدب وصوب.
وأضاف: « زبناؤنا من زوار مدينة فاس، و خصوصا من أفراد الجالية المغربية بالخارج، الذين يفضلون التزود بـ »الخليع » الفاسي قبل عودتهم إلى أوروبا ».
وتابع المتحدث ذاته مردفا أنه « يتم إعداد الخليع الفاسي من لحم البقر المجفف، الذي يتم خلطه بالشحوم وزيت الزيتون و »القزبور » والثوم ومختلف التوابل، باتباع تقنية خاصة في التحضير والطهي « نختار بعناية البقر المخصص للذبح لأجل إعداد الخليع. وبعد ذبحه نعزل قطع اللحم على شكل شرائح طويلة، ثم نبدأ في إعداد الخليع بعناية »، مضيفا أنه يتم تجفيف اللحم جيدا على أشعة الشمس، بعد أن تضاف اليه التوابل.
وأوضح بنزكري أن إعداد « الخليع » عند الأسر الفاسية المتخصصة تم توارثه عن الأجداد، مبرزا أن جودته تكمن في طريقة تجفيف اللحم الطري وفي طهيه، وهو ما يجعله قابلا للتخزين لمدة طويلة.
بالمقابل، لم يفوت عدد من تجار « الخليع » بفاس العتيقة الفرصة خلال حديثهم مع le360، للتحدث عمن وصفوهم بالدخلاء على المهنة، مشيرين إلى أنهم يضرون بتجارة « الخليع » الفاسي وجودته، عبر بحثهم عن تحقيق الربح السريع بالغش وسلك طرق غير مشروعة في المنافسة.
وتجدر الإشارة أن النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بفاس، قررت بحر الأسبوع الجاري، متابعة 14 شخصًا في حالة اعتقال وتحديد 6 من دجنبر المقبل كأول جلسة للمحاكمة، بعد توجيه تهم تتعلق بحيازة وإعداد مادة « الخليع » في ظروف تهدد سلامة المستهلك، للشروع في ترويجها للسوق الوطنية محليًا مع محاولة تصدير كميات منها.
وتم تفكيك الشبكة بناء على عمليات أمنية بتنسيق مع السلطات المحلية وأطر مكتب أونسا، استهدفت مخازن سرية بمدينة فاس، ضبط من خلالها 9 أطنان و360 كيلوغراما من « الخليع » الفاسد، تم إعدادها في محلات غير مرخصة باستخدام نصف طن من لحوم غير خاضعة للمراقبة البيطرية، حيث شمل التحقيق 20 شخصًا في المجموع، تقررت متابعة 14 منهم في حالة اعتقال، بينما تم الإفراج عن الباقين مؤقتا.