ويتوقع صندوق النقد الدولي بهذا الخصوص أن يحتل المغرب الصدارة في المنطقة مع استثناء ليبيا من التوقعات بالنظر إلى الأوضاع هناك وغياب البيانات التي يمكن الاستناد إليها.
وينتظر أن يبلغ معدل النمو في المغرب في متم العام الجاري حسب صندوق النقد الدولي 2,2 في المائة، و2,8 في المائة في موريتانيا، و7,4 في تونس و7,6 في الجزائر التي تتذيل الترتيب في المنطقة، ولم تستفد تونس والجزائر من الصلابة التي أبان عنها الاقتصاد العالمي لاعتبارات مرتبطة بالأساس بالسياسة الداخلية.
ومكنت عدة عوامل المغرب من احتلال الصدارة مغاربيا بالنسب للدول الأقل في نسبة التضخم والرابعة عربيا خلف سلطنة عمان 1,3 زالبحرين 1,4 والإمارات العربية المتحدة 2,1.
ويرى الخبير الاقتصادي محمد جدري ردا على تسؤلات le360 أن « الجزائر تعاني ارتفاع التضخم مقارنة مع المغرب وموريتانيا وأيضا تونس، لأنها لا تصنع مجموعة من السلع داخليا، عكس المغرب، وبالتالي فإن استيراد حاجياتها كبير جدا، ما يجعل تكلفة الاستيراد والرسوم الجمركية والنقل إضافة إلى هامش الربح يقف وراء ارتفاع عدد من السلع في الجزائر، وبالتالي فإن التضخم في هذا البلد هو الأكثر ارتفاعا في المنطقة المغاربية بصفة عامة بناء عبى ما جرت الإشارة إليه ».
وقال جدري بخصوص تراجع التضخم في المغرب: « إن معدل التضخم في المغرب يسير في خط تنازلي، وبدأت هذه الموجة مع نهاية السنة الماضية، إذ أنهينا سنة 2022 بـ6,6 في المائة وسنة 2023 بـ6,1 في المائة في حين من المتوقع أن ننهي السنة الجارية ما بين 2 و3 في المائة ».
وأعاد التنازل المسجل والمتوقع إلى عوامل تتوزع بين ما هو داخلي وما هو خارجي ومضى يقول: « بخصوص العوامل الخارجية يعلم الجميع أن هناك استقرارا في أسعار المحروقات خصوصا ما يتعلق بالنزين والغازوال. وأيضا
هناك تراجع في أسعار المواد الأولية الأساسية إلى ما كان معتادا في السابق، وأتحدث هنا عن الحبوب والقطاني بالإضافة إلى مواد أخرى تراجعت بدورها إلى مستويات عادية ».
وأضاف الخبير الاقتصادي « كان لما سلف ذكره أثر إيجابي في ما يخص تكلفة الاستيراد، التي صبت في مصلحة الاقتصاد المغربي ».
ولفت أيضا إلى العوامل الداخلية التي ساهمت في تراجع نسبة التضخم، إذ قال بهذا الخصوص: « على المستوى الداخلي لا يمكن إنكار الجهد الذي بذلته الحكومة لخفض نسبة التضخم، في ما يخص رفع سعر الفائدة الرئيسي لبنك المغرب، ومجموعة من الأمور المرتبطة بصندوق المقاصة خاصة غاز البوتان، وكذلك دعم مهنيي النقل، الذي خفف من السعر الحقيقي للنقل في المغرب، إذ بلغ دعم هذا القطاع 8 ملايير درهم، وكذلك عدم استفاء مجموعة من الرسوم الجمركية في ما يتعلق بعدة مواد غذائية يجري استيرادها من الخارج دون أن تفرض عليها الرسوم.
إن العوامل التي سلف ذكرها كانت مجتمعة وراء موجة تنازل نسبة التضخم بدءا من نهاية السنة الماضية، إضافة إلى أن الحرارة التي شهدها المغرب في فصل الشتاء، على غير العادة، انعكست على أداء مواد غذائية فلاحية، وأتحدث هنا عن الخضر والفواكه، التي نضجت قبل موعدها، إضافة إلى أن إيقاف تصدير مجموعة من المواد الفلاحية إلى الخارج ساهم في بقاء الأسعار في المتناول ».
وأضاف جدري قائلا: « لا يمكن أن نغفل أن الدعم المباشر للقدرات الشرائية لفئة من الأسر خفف من وطء التضخم بدرجة أساسية.
وأظن أن المغرب بذل جهودا كبيرة في ما يتعلق بالتضخم وحافظ على ذلك طيلة 20 عاما الأخيرة ».
ولفت إلى أن « التضخم بين 1 و2 في المائة هو الأفضل لأنه لا يؤثر على القدرات الشرائية للمواطنات والمواطنين. كما أنه يمكنهم من اقتناء مجموعة من السلع والاستفادة من عدد من الخدمات، ولا يؤثر على سعر الولوج إلى التمويلات.
إذا تراوحت نسبة التضخم بين 1 و2 في المائة فإن سعر الفائدة الرئيسي يتراجع، وبالتالي يصبح ولوج المقاولات إلى التمويلات البنكية ميسرا، والشيء نفسه بالنسبة للأسر التي ترغب في الاستفادة من قروض السكن، وقروض الاستهلاك، إذ يصبح ذلك في متناول فئات عرضية من مجتمع المغربي ».