السياحة في شمال إفريقيا: عروض جيدة تُبشّر بموسم صيفي ناجح بالمغرب وتونس

مواقع سياحية

في 18/06/2025 على الساعة 12:08

كان الربيع، الذي عادة ما يكون موسما ضعيفا لوصول السياح، موسما غزيرا بشكل استثنائي في المغرب وتونس. هذه التدفقات، التي من المتوقع أن تزداد حدتها في الصيف، تُبشّر بالخير للعام بأكمله. الجانب السلبي الوحيد هو الفجوة بين نمو هذه التدفقات ونمو الإيرادات.

بعد عام 2024 الذي شهد وصول أعداد قياسية من السياح إلى كلٍّ من المغرب وتونس، يبدو عام 2025 واعدا أيضا لكلا البلدين. فالأداء المُسجَّل خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام، أي خلال فصل الربيع، مُشجِّع للغاية، إذ لا يشهد هذا الموسم تدفقات سياحية كبيرة. ومن خلال الحد من تأثير موسمية السياحة، يُحسِّن البلدان أداءهما بشكل ملحوظ، مع وجود بعض التباين بينهما.

في الربيع، استقبل المغرب عددا من السياح يفوق عدد السياح في تونس بمرتين، والأهم من ذلك أنه حقق إيرادات تزيد ستة أضعاف عن تلك التي حققتها تونس.

لقد ولّى زمن تفوق تونس على المغرب في منتصف التسعينيات. منذ ذلك الحين، نجح المغرب في تطوير قطاعه السياحي بتنويع عروضه والتركيز على الجودة. ورغم إمكاناتها الهائلة، ركزت تونس بشكل شبه كامل على المنتجعات الشاطئية ونموذج «الخدمات الشاملة»، الذي يستفيد منه بالدرجة الأولى منظمو الرحلات السياحية.

ونتيجة لهذا، أصبح المغرب الوجهة السياحية الرائدة في القارة بحلول عام 2024، متجاوزا مصر، ومن المقرر أن يصل إلى حاجز العشرين مليون زائر... شريطة ألا تؤدي الجغرافيا السياسية العالمية إلى تعطيل الديناميكية الحالية.

المغرب: أداء جيد في موسم الصيف

مع نهاية الأشهر الأربعة الأولى من العام، بلغ عدد السياح الوافدين 5.7 مليون زائر، بزيادة قدرها 23% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، وفقا لبيانات وزارة السياحة والصناعة التقليدية والاقتصاد الاجتماعي والتضامني. وخلال موسم الصيف، استقطب المغرب مليون زائر إضافي مقارنةً بالفترة نفسها من العام الماضي. هذا الأداء يضع المملكة بين أكثر الوجهات السياحية حيويةً في العالم.

إن وقوع هذا التدفق للزوار في الربع الأول من عام 2025، والذي تزامن مع شهر رمضان المعروف بكونه فترة هادئة، يضيف بعدا إضافيا إلى ديناميكية السياحة المغربية وجاذبية المغرب كوجهة سياحية على مدار العام.

إن هذا الإنجاز يمكن تفسيره بتفوق العروض «الثقافية» التي تجذب وحدها ما يقرب من 50% من الزوار، متقدمة على المنتجعات الساحلية والطبيعة والرياضة والترفيه...

تحققت هذه النتائج بفضل المقومات السياحية المتميزة التي تتمتع بها المملكة، والمخطط العام للقطاع الذي أطلقته البلاد. وقد مكّنت هذه الخارطة من تحسين ربط المملكة، بفضل ديناميكية شركات الطيران منخفضة التكلفة (ريان إير، العربية للطيران، إيزي جيت، ترانسافيا، وغيرها). توفر هذه الشركات شبكة خدمات كثيفة بتغطية متوازنة لمختلف مناطق البلاد. وأخيرا، استفاد المغرب، كوجهة سياحية، من سياسات ترويجية عززت مكانته.

من جهة أخرى، تجاوزت الإيرادات 34.4 مليار درهم بنهاية عام 2025، أي ما يعادل حوالي 3.44 مليار دولار، وفقا لبيانات مكتب الصرف المغربي. وتشهد هذه الإيرادات ارتفاعا بنسبة 7.5%، أي ما يعادل 2.4 مليار درهم، مقارنة بنهاية أبريل 2024.

ورغم هذه الزيادة، لا يزال هناك ظل قائم: الانفصال بين الزيادة في أعداد الوافدين (+23%) وزيادة الإيرادات (+7.5%).

يمكن تفسير هذا الاختلاف بسلوك السياح الأقل تكلفة، وخاصة أولئك الذين يسافرون بكثرة على متن شركات الطيران منخفضة التكلفة. وهكذا، بحلول عام 2024، كانت رايان إير شركة الطيران الرائدة التي تخدم المغرب، بـ9,1 مليون مسافر من إجمالي 32,7 مليون مسافر، متقدمةً على الخطوط الملكية المغربية (RAM) بحصة سوقية تبلغ 28٪. ومع ذلك، غالبا ما يقضي السياح منخفضو التكلفة وقتا أقصر وينفقون أقل.

هناك أيضا العدد الكبير من المغاربة المقيمين في الخارج، والذين لا تُحتسب نفقات بعضهم في الإحصاءات الرسمية. يُضاف إلى ذلك تأثير شهر رمضان، حيث يُفضل المغاربة المقيمين في الخارج قضاء عطلاتهم مع عائلاتهم.

ونتيجةً لذلك، يبلغ متوسط ​​إنفاق السائح الواحد 6035 درهما إماراتيا، أي ما يعادل حوالي 600 دولار أمريكي. ويتمثل التحدي الحالي الذي يواجهه المغرب في إيجاد طريقة لتشجيع السياح على إنفاق المزيد من الأموال، بما يُحقق أثرا اقتصاديا أكبر.

ماذا يحمل الصيف؟

تبعث الأرقام الشهرية المسجلة منذ بداية العام على الأمل في أداء جيد جدا خلال فترة الصيف التي بدأت للتو. موسمٌ معروفٌ بوصوله إلى ذروة السياحة. فإلى جانب عودة العديد من المغاربة المقيمين في الخارج، تشهد هذه الفترة أيضا تدفقاتٍ كبيرة من السياح الدوليين.

وهكذا، بعد ربيع استثنائي، تشير كل الدلائل إلى أن عام 2025 سيكون عاما قياسيا في السياحة. وتُبشّر الحجوزات المُسبقة وزخم أسواق المصدر بالخير لبقية العام. وإذا حافظت المملكة على وتيرة النمو هذه، فقد تصل، بل وتتجاوز، حاجز 21 مليون زائر بنهاية العام.

تونس: نمو معتدل نسبيا

وفقا للبيانات الصادرة عن المدير العام للديوان الوطني التونسي للسياحة، استقبلت تونس 2.58 مليون زائر حتى نهاية أبريل، بمعدل شهري يقارب 645 ألف زائر. ويمثل هذا زيادة بنسبة 9.5% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024.

ورغم أهميته، فإن هذا التقدم يظل أقل من التوقعات والديناميكيات التي أظهرتها بلدان سياحية أخرى في المنطقة، مثل المغرب ومصر.

وتكمن المشكلة في ضعف ديناميكية وصول السياح الجزائريين، الذين لم يزد تدفقهم إلا بنحو 6%، والتونسيين المقيمين في الخارج (5%)، مما أثر على الأداء الممتاز للقادمين من أوروبا (+24.4%) وليبيا (+21%).

ويعني هذا أن اشتراط حصول السياح الأوروبيين في رحلات منظمة مع منظمي الرحلات السياحية على جواز سفر صالح لمدة لا تقل عن ثلاثة أشهر اعتبارا من 1 يناير 2025، بدلا من بطاقة الهوية البسيطة (11٪ من الزوار غير المقيمين دخلوا تونس ببطاقة هوية بسيطة)، وتعميم الضريبة السياحية في الفنادق وأماكن الإقامة السياحية الأخرى، لم يؤثر على تدفق السياح الأوروبيين.

وفقا للبنك المركزي، بلغت الإيرادات 1.69 مليار دينار تونسي بنهاية أبريل، بزيادة قدرها 5.4% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبلغت إيرادات السياحة، المُقدّرة بالدولار الأمريكي، حوالي 546 مليون دولار أمريكي (الدولار الأمريكي = 3.097 دينار تونسي).

يُنتج هذا الحجم، مقارنة بعدد السياح، إنفاقا متوسطا يبلغ حوالي 212 دولارا أمريكيا، وهو أقل من طاقة البلاد الاستيعابية. ويعود هذا الانخفاض في الإنفاق إلى السياحة الجماعية، التي تُركز بشكل أساسي على المنتجعات الساحلية وتُفيد مُنظمي الرحلات السياحية الأوروبيين، ولكن تأثيرها على اقتصاد البلاد ضئيل. وهي مفارقة تسعى السلطات التونسية جاهدة لتجاوزها. ومع ذلك، سيتطلب هذا التغيير في التوجه التزامات قوية ورؤى استراتيجية ستثمر بلا شك على المديين المتوسط ​​والطويل.

موسم دافئ يبعث على الأمل

من حيث التوقعات، يصاحب بداية فصل الصيف ارتفاع ملحوظ في أعداد الوافدين، حيث من المتوقع أن يتجاوز عددهم 820 ألفا خلال شهر ماي، وأن ينمو بشكل مطرد بين يونيو وغشت. ومن المتوقع أن يُمكّن الأداء القوي المتوقع هذا الصيف البلاد من تحقيق هدفها لهذا العام. ومن المتوقع أيضا أن تشهد هذه الفترة عودةً كثيفة للتونسيين المقيمين في الخارج.

تستهدف تونس استقبال 11 مليون زائر بحلول عام 2025. وبناء على نتائج الأشهر الأربعة الأولى من العام، فإن البلاد لديها كل الفرص لتحقيق أهدافها.

تحرير من طرف موسى ديوب
في 18/06/2025 على الساعة 12:08