يتعلق الأمر برواية « عشتُ ثلاث مائة سنة » التي كتبها محمد حبيدة عام 2024 وصدر ضمن منشورات باب الحكمة بمدينة تطوان. إذْ تأتي كتابة هذه الرواية بالنّظر إلى التكوين العلمي لحبيدة في إطار انفتاح المؤرّخ على أجناس أدبيّة تمنحه حرية خاصّة لكتابة تاريخ جديد ينطلق من التخييل لكنّه يجد سنده الحقيقي في الواقع وتحوّلاته. وتحظى هذه النظرة المختلفة في كتابة التاريخ أهمية بارزة في كتابات محمد حبيدة التي طالما عُرف بها وباهتمامه الكبير بقضايا المناهج التاريخية وضرورة انفتاح التاريخ على معارف جديدة تُمكّنه من القيام بانزياحات لا على مستوى الشكل وإنّما حتّى على مستوى تجديد الصنعة والحفر في مباحث أخرى غير مفكّر فيها.
ويرى حبيدة بأنّ هذه الرواية هي عبارة عن « رواية تاريخية تضع القارئ في صورة ما قبل البنيات الحديثة المرتبطة بمتغيرات القرن العشرين، بنظرة تزاوج بين الواقع والتخييل. وتحكي قصةَ رجل عقلاني عاش في القرن السابع عشر، تنقَّل بين مدن سلا ومكناس ومراكش بحثا عن حياة أفضل، غير أن أفكاره التي كانت سابقة لعصره، في تفاوت صارخ مع الواقع المعاش، جعلته يصطدم بمجتمعه، مما تسبَّب له في الكثير من المتاعب. وبين ثنايا هذا السفر ثمة حكايات أخرى لرجال ونساء التقى بهم هذا الورَّاق المدعو شاهين، وثمة مشاهد أخرى تحمل حالات وإحساسات وسلوكات خاصة بالقياس إلى سياقاتٍ ظلت عصيّة على التغيير، والتي تحبل بها الرواية ».
ويعتبر حبيدة أنّ الرواية تعمل على إعادة بناء مجموعة من الوقائع والأحداث والظواهر في قالب تخييلي يسائل الممارسات والعادات والتقاليد التي كانت سائدة في مرحلة ما قبل الحداثة.
وتمثل هذه الرواية، بشكل من الأشكال، طريقة لكتابة التاريخ بالأدب، ذلك أن السرد الأدبي، بتعبيراته واستعاراته وتحرره من إكراهات السند وضبط المفاهيم والمصطلحات، يتيح في أحيان كثيرة ما لا تمكِّنه الأعمال الأكاديمية، من حيث فهم الحالات البشرية والإحساسات والمواقف وتقمصها وتمثلها ».
مرحبا بكم في فضاء التعليق
نريد مساحة للنقاش والتبادل والحوار. من أجل تحسين جودة التبادلات بموجب مقالاتنا، بالإضافة إلى تجربة مساهمتك، ندعوك لمراجعة قواعد الاستخدام الخاصة بنا.
اقرأ ميثاقنا