ولد محمد بن عيسى سنة 1936 في مدينة أصيلة، التي ارتبط اسمه بها طيلة حياته. بعد إتمام دراسته الثانوية في القاهرة، بدأ مساره المهني في الإعلام كمذيع بإذاعة « إفريقيا المغرب » في طنجة، قبل أن يشق طريقه نحو العمل الدبلوماسي والثقافي.
من الإعلام إلى الدبلوماسية
حمل الراحل على عاتقه عدة مسؤوليات دبلوماسية سامية داخل وخارج الوطن، حيث عُين سفيرا للمغرب لدى الولايات المتحدة الأمريكية ما بين 1993 و1999، وهي المحطة التي رسخت اسمه كأحد الوجوه البارزة في الدبلوماسية المغربية، بفضل إدارته الحكيمة للعلاقات المغربية الأمريكية في فترة حساسة.
وفي عهد الملك محمد السادس، تقلد محمد بن عيسى منصب وزير الشؤون الخارجية والتعاون ما بين 1999 و2007، حيث لعب دورا محوريا في تمثيل المغرب على الساحة الدولية، خاصة في قضايا التعاون الإقليمي وحل النزاعات.
كما شغل قبل ذلك منصب وزير الثقافة بين 1985 و1992، في فترة عُرفت بتعزيز الدينامية الثقافية في المملكة.
تميز بن عيسى خلال مساره الدبلوماسي بقدرته على نسج علاقات قوية مع الفاعلين الدوليين، ما عزز مكانة المغرب على الساحة الدولية، خصوصا في قضايا الشرق الأوسط والتعاون المغربي الأمريكي.
أصيلة.. عشق الثقافة والبصمة الخالدة
رغم مسؤولياته السياسية والدبلوماسية، ظل محمد بن عيسى مرتبطا ارتباطا وثيقا بمدينة أصيلة، التي ظل رئيسا لمجلسها الجماعي لعدة سنوات.
وكان وراء إرساء دعائم موسم أصيلة الثقافي الدولي منذ سنة 1978، وهو المهرجان الذي أصبح على مدى عقود منصة للحوار الثقافي بين مفكرين، فنانين، وأكاديميين من مختلف بقاع العالم.
رجل الحوار والانفتاح
تميز محمد بن عيسى بشخصية جمعت بين الحنكة الدبلوماسية والعمق الثقافي، ما جعله أحد أبرز وجوه الدبلوماسية الثقافية في المغرب.
سعى من خلال مساره إلى مد جسور الحوار بين الثقافات، مؤمنا بأن الثقافة تشكل ركيزة أساسية في تقريب الشعوب وتعزيز التفاهم المشترك.
إرث خالد
برحيل محمد بن عيسى، يكون المغرب قد فقد واحدا من أبرز رجالاته الذين جمعوا بين السياسة والثقافة في مسيرة متفردة. لكن بصمته ستظل حاضرة في أصيلة التي جعل منها ملتقى فكريا وفنيا عالميا، وفي صفحات تاريخ الدبلوماسية المغربية التي كان أحد أبرز صناعها.