الجزائر: استدعاء مدير سوناطراك إلى لندن من قبل ابنة سعيد شنقريحة

صورة مركبة لميليسا شنقريحة، مديرة مالية بإحدى الشركات التابعة لسوناطراك، وتوفيق حكار، المدير العام لسوناطراك

في 06/03/2023 على الساعة 20:17

قام المدير العام لشركة سوناطراك بزيارة خاطفة إلى لندن نهاية شهر فبراير الماضي بناء على استدعاء من قبل ابنة الجنرال سعيد شنقريحة، المسماة ميليسا، مديرة مالية بإحدى الشركات التابعة لسوناطراك. في الحقيقة، فإن «ابن أو ابنة» فلان، هي ممارسة مترسخة ومعتادة داخل الطغمة الجزائرية.

في بلاد الجنرالات الآمرين الناهين في الجزائر، يتعين أولا وقبل كل شيء الخضوع لأوامر ذريتهم قصد الاستمرار في التمتع بالامتيازات. هذه القاعدة لم يسلم منها توفيق حكار، المدير العام لسوناطراك، الشركة الجزائرية القوية للمحروقات، التي تدر على الجزائر أهم مداخيلها الخارجية. توفيق حكار مدين بكل شيء للجيش، إلى درجة أنه يتعين عليه أن يخضع لأوامر تلك التي يجب أن تكون تحت إمرته، ويتعلق الأمر في هذه الحالة بميليسا شنقريحة، ابنة رئيس أركان الجيش الحالي والرجل القوي في الجزائر.

ووفقا للموقع الإخباري «Africa Intelligence» (أفريكا أنتليجنس)، فإن رئيس شركة النفط الوطنية الجزائرية «كان الضيف المفاجئ لأسبوع الطاقة الدولي (IEW) في لندن» حيث «وصل يوم 26 فبراير على متن رحلة للخطوط الجوية الجزائرية» ثم «عاد يوم 28 فبراير».

ووفقا للمصدر نفسه، فقد «استقبل المئات من الضيوف في الحدث الذي تم تنظيمه يوم 27 في فندق ماندارين أورينتال (خمس نجوم) في حي نايتسبريدج الراقي». ومع ذلك، توضح «أفريكا إنتليجنس» دائما، أنه لم يكن في لندن لنسج أو تعزيز العلاقات العامة، وهو عادة ما تقوم به «الإدارات التجارية لشركات النفط وتسريع المفاوضات الجارية، في إطار أنيق».

إذا جاء إلى لندن، فإن ذلك من أجل «أن يناقش مع المديرين التنفيذيين لشركة سوناطراك بيتروليوم كورب (Sonatrach Petroleum Corp BVI)، المسؤولة عن بيع النفط الخام وغاز البترول المسال الجزائري»، ولا سيما مع «ميليسا شنقريحة، المديرة المالية لهذه الشركة التابعة لسوناطراك وابنة رئيس أركان الجيش الجزائري، سعيد شنقريحة».

تسلقت ميليسا المراتب بشكل مفاجئ، مما سمح لها بالالتحاق بديوان الوزير الأول الجزائري منذ عام 2001 لتحتل اليوم منصبا تنفيذيا كبيرا في مجموعة سوناطراك. ووفقا للموقع الإخباري «Algérie Part» (ألجيري بارت)، فإن ميليسا شنقريحة أصبحت «منذ شتنبر 2021، مستشارة اقتصادية في مجال الهيدروكربونات في لندن، عاصمة المملكة المتحدة» لشركة سوناطراك بيتروليوم كورب، وهي شركة تابعة لشركة سوناطراك ومقرها في لندن.

من عام 2017 إلى عام 2021، يخبرنا موقع ألجيري بارت، أنه تم وصفها من قبل بعض وسائل الإعلام بأنها «موظفة متعددة المهارات»، بدعوى أنها شغلت عدة وظائف شبحية في سويسرا، حيث كانت الممثلة الدبلوماسية الجزائرية في الأمم المتحدة في جنيف، مع إشرافها، بحكم الاسم الذي تحمله، على مكتب الملحق العسكري الجزائري ومكتب القنصل العام لبلادها في سويسرا! في الواقع، كل هذه الوظائف كانت مجرد محاولة للتغطية على رحلات سعيد شنقريحة المتكررة بين الجزائر وسويسرا حيث يعالج من العديد من الأمراض المزمنة، ولا سيما مرضه المزمن في المثانة إلى أنه لا يستطيع أن يتحكم فيها.

في الأسرة، هناك أيضا القائد شفيق شنقريحة، نجل رئيس أركان الجيش الجزائري، الذي يقيم في باريس منذ عام 2020، رسميا لإنجاز تدريب ولكن، في الواقع، «في المكتب العسكري للسفارة الجزائرية في باريس، أحد أكثر مصالح الدبلوماسية الجزائرية تكتما والمرتبط مباشرة بوزارة الدفاع الوطني الجزائرية، حسب موندفريك (Mondafrique). وهذه فرصة له لإثبات خبرته في إدارة ملايين اليوروهات التي تمر من خلال هذا المكتب في سرية تامة. على أي حال، «يحيا حياة سعيدة في باريس»، حسب المصدر نفسه.

أما شقيقة ميليسا، نادية شنقريحة، فقد اختارت الجيش، حيث تتولى، منذ عام 2011، منصب نائبة مدير الفعاليات والأنشطة المرتبطة بالدائرة الوطنية للجيش.

في الجزائر، فأن يكون لـ«ابن أو ابنة ...» سلطة استدعاء رئيسه التنفيذي أو الاستفادة من الامتيازات ومن المال العام هو أمر عادي جدا. حتى أنه التاريخ الحديث في الجزائر، رأينا «شقيق... »، مثل حالة شقيق عبد العزيز بوتفليقة، سعيد بوتفليقة، الذي كان أحد رجالات البلاد الأقوياء في نهاية عهد أخيه، ينسب إليه قرارات رئاسية كان قد اتخذها باسم الشخص الذي أنهى فترة حكمه مقعدا وغير قادر عن الكلام إلا من خلال الإشارات.

قصة ميليسا شنقريحة وإخوتها شبيهة بقصة أبناء أحمد قايد صالح، سلف شنقريحة. في ذروة سلطة والده، استطاع مراد قايد صالح أن يقترح أتباعه في مناصب رفيعة، كما كان الحال مع فارس بوشامة، الذي عين مراقبا للجمارك في سكيكدة. عادل قايد صالح، من جانبه، أصدر صحيفة من بضع مئات من النسخ ويقرأها عدد أقل من الناس، إيدوغ نيوز، للاستفادة فقط من الإعلانات، في حين أن صحفا واسعة الانتشار في الجزائر، مثل الوطن كانت محرومة منها. كما استفاد، مثل شقيقه الآخر، بومدين قايد صالح، من صفقات عمومية مربحة.

وتجدر الإشارة إلى أن القائمة ليست حصرية.

وهكذا، فإن نجل الجنرال محمد صالح بن بيشة، الأمين العام الحالي لوزارة الدفاع، يستغل أيضا منصب أبيه للقيام بتجارة مربحة. فقد جمع عادل بن بيشة ثروته بفضل مساعدة والده، الذي فتح له أبواب صفقات المعدات العسكرية المربحة على مصراعيها. كل ذلك بتواطؤ ضابط كبير فاسد هو الآخر: الجنرال أحمد سعودي، الذي يشغل المنصب الاستراتيجي كمدير مركزي للمنشآت العسكرية بوزارة الدفاع.

ويقدم الموقع الإخباري «ألجيري بارت» مثالا على «أبناء» آخرين، مثل ميليسا، يتمتعون بالمزايا التي يوفرها لهم وضع آبائهم. وتوضح هذه الوسيلة الإعلامية أن أبناء المواطن الجزائري العادي «لن يتمتعوا بالمال العام ورغد الحياة، مثل نجل الوزير السابق بن غبريط، المحمي من وزارة الشؤون الخارجية والمعين في نيويورك، أو نجل رئيس مجلس الأمة، صالح قوجيل، المقيم في باريس ويعيش بفضل أجره الذي يحصل عليه من سفارة الجزائر».

في جمهورية الامتيازات، التي تدار من قبل قادة الجزائر، مثل هذه الممارسات لم تعد تصدم أحدا. فقد أصبح أمرا معتادا وطبيعيا أن يتمكن ابن الجنرال، أو شقيق الرئيس، من اتخاذ قرارات تكون، في دولة تحترم نفسها، من اختصاصات السلطات العامة. لذلك، فإن استدعاء مدير سوناطراك من مديرة إحدى الشركات التابعة لها، هو أمر طبيعي للغاية في «الجزائر الجديدة».

تحرير من طرف مار باسين ندياي
في 06/03/2023 على الساعة 20:17